المشاركات

عرض المشاركات من أبريل, ٢٠٢٤

باحثة البادية

صورة
كنت في سنة رابعة أبتدائي لما دخلت علينا أبلة ناهد مدرسة العربي في أول حصة ليها معانا في السنة الدراسية الجديدة. وبعد التحيات والقيام والجلوس، سألتنا الأبلة: "مدرستنا أسمها أيه يا ولاد". كلنا ردينا في نفس واحد وبتنغيمة مميزة "مدرسة باحثة البادية الابتدائية يا أبلة". سألت الأبلة تاني: "طب مين الشاطر اللي عارف مين هي باحثة البادية؟". هنا عم الصمت والوجوم، وأتردد صوت في ذهني بيسأل هو باحثة البادية ده أسم ست أصلا. ساعتها أبلة ناهد روت فضولي بأنها قالت أن باحثة البادية هي "ملك حفني ناصف" كاتبة وصحفية قديمة. ومن ساعتها وأسم "ملك حفني ناصف" باحثة البادية مبيفارقش بالي. والنهاردة أنا جاية أحكيلكم الحكاية اللي محكيتهاش لينا أبلة ناهد، هحكيلكم حكاية باحثة البادية.  أتولد "محمد حفني محمد إسماعيل ناصف" سنة 1855م، في قرية  بركة الحج جنب منطقة المرج في محافظة القليوبية. رجل ريفي بسيط من أسرة بسيطة أتعلم في كتاب القرية وحفظ القرآن الكريم زي أغلب ولاد البلد، لكن والده أصر يغير خط سير حياة أبنه بدل ما يكون فلاح معاه في الأرض، بعته يكمل تعليمه ف

جلال الدين السيوطي

صورة
 قالوا زمان كل واحد له نصيب من أسمه، بس فيه ناس برده ليها نصيب من المكان اللي أتولدت فيه، والحكاية اللي هنحكيها النهاردة أبرز مثال علي كده. يعني لما يكون قاعد الإمام "كمال الدين أبو بكر" في بيته ويطلب من زوجته الحامل أنها تجيبله كتاب من حجرة مكتبته الضخمة، فلما تدخل الزوجة المكتبة وتبدأ تدورعلي الكتاب، وإذ فجأة يجيها آلام المخاض والولادة وتولد وسط الكتب، عشان تولد العالم الجليل "جلال الدين السيوطي" صاحب السبع علوم،  واللي أتسمي ب "إبن الكتب" بسبب الواقعة دي وكان أسم علي مسمي بصحيح، يبقي لازم نعيد النظر في أن الواحد ممكن يكون له نصيب كمان في المكان اللي أتولد فيه. لو ليك في التاريخ زي حالاتي أكيد سمعت عن كتاب "حسن المحاضرة في أخبار مصر والقاهرة" وكتاب "تاريخ الخلفاء". ولو مهتم بتفاسير القرآن الكريم فأكيد عارف تفسير الجلالين. الكتب دي ضمن أكتر من 300 مؤلف كتبهم الإمام "جلال الدين السيوطي" اللي أفخر أن أصوله ترجع لنفس أصولي من محافظة أسيوط.  أول رجب سنة 849 هجري/ أكتوبر سنة 1444م، اليوم اللي أتولد فيه "جلال الدين عبد الرحمن

الليث بن سعد 6

صورة
 (6) هل الإمام "الليث بن سعد" مكتبش كتب خالص طوال حياته؟. الحقيقة أن موصلناش أي كتب كتبها الإمام "الليث"، لكن إلا أن "ابن النديم" المؤرخ وكاتب السير ذكر في كتابه الفهرست، أن "الليث بن سعد" كان له كتابين، كتاب التاريخ وكتاب مسائل في الفقه، إنما الكتابين دول راحوا فين، الله أعلم، ضاعوا في قلب السنين. الإمام "الشافعي" لما حضر مصر سنة 200 هجرية، بعد وفاة "الليث بن سعد" ب 35 سنة، أول حاجة عملها أنه دور كتير علي أي كتب ل"الليث" عشان يتعلم منه، ملقاش حاجة، عشان كده قال جملته الشهيرة بكل حزن وأسف: (قومه ضيعوه). الغريب بقي أو المثير للسخرية، أن أهل مصر تعاملوا مع كل من الإمام "الليث بن سعد" واللإمام "الشافعي" بمبدأ (زامر الحي لايطرب)، أوعلي رأي المثل (الشيخ البعيد سره باتع)، أو جايز مبنحسش بالنعمة إلا لما تزول.  لو كان المصريين أهتموا ب "الليث" بعد وفاته، كانوا جمعوا من بعضهم علومه وفتاويه وأحتفظوا بيها. لكنهم للأسف أستهتروا فضاع مذهبه وراحت النعمة اللي ربنا وهبها للمصريين. فلما حضر الإمام "

الليث بن سعد 5

صورة
 (5) في سنة 161 هجري، سمع الإمام "الليث بن سعد" عن "هشيم بن بشير بن القاسم بن دينار السلمي" وهو إمام وراوي أحاديث. سمع "الليث" كتير عن علمه وصحة أصول أحاديثه، وكان "هشيم" أصغر من "الليث" ب 10 سنوات - "الليث" اتولد سنة 94 هجري، و "هشيم" أتولد 104 هجري - وعلي الرغم أن الإمام "الليث بن سعد" في الوقت ده عنده 67 سنة إلا أنه قرر يسافر من مصر الي بغداد مخصوص عشان يتلقي العلم علي ايد "هشيم بن بشير". رحلة "الليث بن سعد" لبغداد كان هدفها الأساسي هو التعلم، لكن الحقيقة هو أستفاد وتعلم وأفاد وعلم آخرين، كانت منفعة متبادلة بينه وبين شيوخ وأئمة وفقهاء بغداد. روي عن "الليث بن سعد" في بغداد كتبر علي سبيل المثال: "حجين بن المثني" و "منصور بن سلمة" و "يونس بن محمد" و "هاشم بن القاسم" و "يحيي بن إسحاق البلخي" وغيرهمم، ده غير العلماء والأئمة اللي من البصرة اللي حضروا بغداد مخصوص لما عرفوا أن "الليث بن سعد" موجود فيها. حتي أمير المؤمنين ال

الليث بن سعد 4

صورة
 (4) كان الامام "الليث بن سعد" ملياردير بمقاييس زمنا، كان وارث من والده أراضي ملهاش عدد في القليوبية والجيزة وبورسعيد ورشيد، وكانت أراضيه جنان الله في الأرض، بتطرح أحسن أنواع الزرع والفواكة، والخير بيجري بين ايديه أنهار. لكن أنت عارف أن الامام الملياردير "الليث بن سعد" لم تجب عليه زكاة أبدا طول حياته. "الليث بن سعد" كان زاهد وكريم جدا جدا جدا، فكان كل ما يوصله فلوس يتصدق بيها، واللي كان بيطلب منه حاجة كان بيديله منها ضعفين تلاتة، عشان كده فلوسه مكنتش بتوصل لنصاب الزكاة السنوية أبدأ، وعشان كده مكنش بيجب عليه زكاة. يقول "شعيب بن الليث": (قال أبي: ما وجبت علي زكاة قط منذ بلغت). كان "الليث بن سعد" في كل صلاة وهو خارج من بيته رايح يصلي في المسجد، طول الطريق ده يكون تصدق علي 300 مسكين. يعني كان بيتصدق كل يوم علي 1500 مسكين. كان كرم "الليث بن سعد" مش علي أهله في مصر بس، ده تعدي الحدود لأي حد بيبعتله من أي مكان يطلب مساعدة. فيه قصة مشهورة عن الامام "مالك بن أنس"، والمعروف أن الإمامين "الليث" و "مالك" كان

الليث بن سعد 3

صورة
 (3) في خلافة أمير المؤمنين "هارون الرشيد"، قام الوالي علي مصر "علي بن سليمان" بهدم عدد من الكنائس المسيحية في مصر. وطبيعي أعترض المسيحيين وثاروا ولكن الوالي كان مصمم لأهداف غير معروفة. فأستنجد عدد من مسيحيين مصر بالأمام الفقية المصري زيهم الشيخ الثمانيني من العمر"الليث بن سعد" - ملحوظة عدد القبط المسيحيين في مصر في الوقت ده كان لسه أكتر من عدد القبط المسلمين وقبط معناه مصريين مش دليل ديانة - وده لأنهم عارفينه كويس رجل عدل وإحسان وفاهم كويس طبيعة بلادهم ومن ناحية تانية عارفين علاقته الطيبة وكلمته المسموعة من الخلفاء.  "الليث بن سعد" مكدبش خبر وبعت رسالة فورية مستعجلة لأمير المؤمنين "هارون الرشيد" مبيطلبش منه يوقف هدم الكنائس لا، ده طلب منه إقالة الوالي" علي بن سليمان" أصلا من منصبه، وده بسبب مخالفته لروح الدين ونشره بدعة مخالفة لسماحة الاسلام، وأستدل علي كلامه بحجتين أل حجة هي قوله تعالي: "ومن أظلم ممن منع مساجد الله أن يذكر يها أسمه"، والحجة التانية أن الكنائس من عمارة البلاد ومتبنتش أصلا إلا في الاسلام في زمن الصحا

الليث بن سعد 2

صورة
(2) قرية قلقشندة التابعة لمركز طوخ في محافظة القليوبية حاليا، كان أهل القرية متجمعين في حلقات الذكر والصلاة وقراءة القرآن كالعادة في ليلة النصف من شعبان الموافق يوم الجمعة في سنة 94 هجرية. وليلة النصف من شعبان للمصريين وخصوصا لأبناء الريف ليها قدسيتها ويعتبر موسم ولحد الآن موجود الاحتفال بيها في القري المصرية الجميلة. بس ليلة النصف من شعبان دي بالذات كانت مختلفة، خصوصا في بيت "سعد بن عبد الرحمن الفهمي" عين أعيان البلد والبلاد المجاورة واللي يملك أرض واسعة خصبة في قلقشندة وفي كل القري اللي في طوخ، واللي بتنتج أحسن الزرع وأشهي أنواع الفواكة، كان "سعد بن عبد الرحمن الفهمي" ربنا رازقه المال والبنون من وسع والخير عنده والثراء ملوش حدود. في ليلة النصف من شعبان سنة 94 هجرية، كانت الزغاريد في بيت "سعد" منطلقة مسمعة البلد كلها لقدوم مولود جديد له، واللي الكل تفاءل بيه وبقدومه في ليلة مباركة، وكأن السماء أعطت أشارة بأنه مولود مبارك، فكان المولود هو "الليث بن سعد". بعض المؤرخين قالوا أن أصل "الليث بن سعد" عربي، ودليلهم أن جده "الفهمي" نس

صلاة العيد عند الفاطميين

صورة
  الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله                         الله أكبر الله أكبر ولله الحمد الله أكبر كبيرا والحمد لله كثيرا                        وسبحان الله بكرة وأصيلا لا إله إلا الله مظاهر الإحتفال بالعيد عند المسلمين بيتلخص الجزء الأكبر منها في صلاة العيد،  ليها طقوس معروفة خصوصا عند المصريين، متوارثة من أجيال  فيها فرحة كبيرة لما الأب ياخد أولاده وزوجته للمسجد، يصلوا ويكبروا بفرحة ويسمعوا الخطبة وبعد صلاة العيد يوزع القائمين علي الجامع الهدايا علي الاطفال حتي لو كانت رمزية. ومن بعدها يخرج الأولاد في الشوارع يلعبوا ويجيبوا بلالين وبمب ويركبوا المراجيح ويتباهوا بلبسهم الجديد. والأهالي تزور بعضها ويقدموا الفطرة (بضم الفاء) اللي هي الكحك والبسكوت والذي منه علي الترمس والسوداني والملبس، ومننساش طبعا العيدية اللي عاملة زي الجمعية الدايرة، الكل بياخد العيدية ويردها. كل الاحتفالات دي ليها أصل، مجتش من يوم وليلة، صحيح فيها اللي أتغيرلكن برده فيها اللي لسه موجود. المصريين في دمهم حب الاحتفالات، وبيعرفوا يفرحوا بذمة حتي في أحلك الأيام، وده في جينات المصري من جدوده قدماء المصريين. كل مناسب

الليث بن سعد

صورة
بغداد عاصمة الخلافة العباسية ودرة العالم الاسلامي في  القرن التاني الهجري، داخل حجرة من حجرات قصر الخليفة العباسي "هارون الرشيد"، في يوم شكله كان عاصف جدا مابين "هارون الرشيد" وزوجته  " زبيدة بنت جعفر بن أبو جعفر المنصور"، كانوا كأي زوجين في لحظة خناق، ولحظات الخناق دي معروفة أن الشيطان فيها بيبقي واقف وبيشجع. وفي ذروة غضب "هارون الرشيد" متمالكش أعصابه وراح رامي علي "زبيدة" يمين الطلاق.  قالها: "أنت طالق إن لم أكن من أهل الجنة".  واللي ميعرفش مين "زبيدة بنت جعفر" فهي مش بس زوجة "هارون الرشيد" دي بنت عمه، بنت الخلفاء، وحب صباه، وأم ولي عهده "محمد الأمين". فلما فاق "هارون الرشيد" من فورة غضبه أكتشف الورطة اللي رماه فيها لسانه، ده كدة خلاص طلق "زبيدة". وطلاق "زبيدة" ممكن يعمل أنشقاق في البيت العباسي ويدخل فتن وصراعات كتيرة "هارون" في غني عنها في الوقت ده مع تزايد نفوذ الفرس والترك والبرامكة في البلاط. ساعتها جمع كل فقهاء بغداد، وكل فقيه فيهم له ثقله، أحنا بنتكل