الليث بن سعد 3

 (3) في خلافة أمير المؤمنين "هارون الرشيد"، قام الوالي علي مصر "علي بن سليمان" بهدم عدد من الكنائس المسيحية في مصر. وطبيعي أعترض المسيحيين وثاروا ولكن الوالي كان مصمم لأهداف غير معروفة. فأستنجد عدد من مسيحيين مصر بالأمام الفقية المصري زيهم الشيخ الثمانيني من العمر"الليث بن سعد" - ملحوظة عدد القبط المسيحيين في مصر في الوقت ده كان لسه أكتر من عدد القبط المسلمين وقبط معناه مصريين مش دليل ديانة - وده لأنهم عارفينه كويس رجل عدل وإحسان وفاهم كويس طبيعة بلادهم ومن ناحية تانية عارفين علاقته الطيبة وكلمته المسموعة من الخلفاء. 

"الليث بن سعد" مكدبش خبر وبعت رسالة فورية مستعجلة لأمير المؤمنين "هارون الرشيد" مبيطلبش منه يوقف هدم الكنائس لا، ده طلب منه إقالة الوالي" علي بن سليمان" أصلا من منصبه، وده بسبب مخالفته لروح الدين ونشره بدعة مخالفة لسماحة الاسلام، وأستدل علي كلامه بحجتين أل حجة هي قوله تعالي: "ومن أظلم ممن منع مساجد الله أن يذكر يها أسمه"، والحجة التانية أن الكنائس من عمارة البلاد ومتبنتش أصلا إلا في الاسلام في زمن الصحابة والتابعين، بسبب اضطهاد الروم ما قبل الاسلام كان فيه أديرة بعيدة في الصحرا بس. 

أول ما وصل خطاب "الليث بن سعد" لأمير المؤمنين "هارون الرشيد"، أمر فورا بإقالة "علي بن سليمان" وعين بداله "موسي بن عيسي" اللي صلح كل الكنائس اللي أتهدمت وبني كمان كنائس جديدة، عشان "الليث بن سعد" أجاز أقتطاع جزء من مال المسلمين لبناء أو إصلاح الكنائس.

نرجع لسنة 113 هجري، لما كان "الليث بن سعد" لسه شاب عنده عشرين سنة، واللي من حبه لطلب العلم قرر يحج بيت الله الحرام لأول مرة ويروح بنفسه لأكابر العلماء والأئمة اللي درس علمهم من تلاميذهم بس مقابلهمش وكانوا لسه موجودين في زمنه، وسافر معاه صديق له وهو الإمام "عبد الله بن لهيعة". 

لما دخل "الليث بن سعد" مكه، راح للإمام العلامة "إبن شهاب الزهري" - هو "محمد بن مسلم بن عبيد الله بن شهاب بن عبد الله بن الحارث بن زهرة بن كلاب" وكنيته "أبو بكر" الفقيه الحافظ متفق علي جلالته وأمانته - وقعد معاه فترة كبيرة ينهل من علمه. لقي "الليث" في الإمام "الزهري" عمق الفكر وسعة العلم ودقة الفهم، فهو أول واحد نقد رواية الحديث نقد منظم بأمر من الخليفة الراشد "عمر بن عبد العزيز". قال "ابن حجر العسقلاني": (وقد سمع الليث من ابن شهاب الزهري كثيرا، ويدخل بينه وبين الزهري الواسطة بواحد وبإثنتين وبثلاثة). 

سافر بعدها "الليث بن سعد" علي المدينة، وهناك قابل الإمام "مالك بن أنس"وكان ما بينهم بعد كده صلات ومراسلات كتيرة. وسمع فيها من "أبن أبي مليكة" و"عطاء بن أبي رباح" و"عمران بن أبي أنس" وأخرين. 

وفي المدينة قابل "الليث" الإمام "نافع" - هو الامام المفتي الثبت عالم المدينة "أبو عبد الله القرشي" كان من أوثق رواة الاحاديث عن "عبد الله بن عمر بن الخطاب" والسيدة "عائشة" و "أبي هريرة" وغيرهم، ومش بس كان راوي أحاديث ده كان قارئ للقرآن وقرأ عنه الإمام القارئ المصري "ورش" عن نافع واللي كتبنا قصته سابقا هسيبلك اللينك في أخر المقال - يقول "الليث بن سعد": (دخلت علي نافع فقال من أنت؟. قلت من أهل مصر. قال ممن. قلت من قيس. قال ابن كم؟. قلت ابن عشرين. قال أما لحيتك فلحية ابن أربعين). اللي قرأ مقالة الامام "ورش" هيعرف صفات الامام "نافع" واللي كان أبرزها أنه كان خفيف الدم وبيحب يهزر، تاني حاجة أنه بسبب كثرة طلاب العلم عنده فكان صعب الوصول له الا لدقايق ويمكن بعد أيام طويلة. 

لكن مقابلة "الليث بن سعد" كان صدفة مدبرة من الله، قابله فيها في السوق ومكنش "ابن لهيعة" معاه، فلما رجعوا لمصر وحكي "الليث" أنه قابل الإمام "نافع"، ف"أبن لهيعة" أستغرب ازاي ده حصل. قال "الليث بن سعد": (حججت أنا وابن لهيعة، فرأيت نافعا مولي ابن عمر، فدخلت معه الي دكان علاف، فحدثني، فمر بنا ابن لهيعة. فقال من هذا؟. قلت مولي لنا؟. فلما رجعنا الي مصر جعلت أحدث عن نافع، فأنكر ذلك ابن لهيعة وقال أين لقيته؟. قلت أما رأيت الرجل الذي كان في دكان العلاف؟ هو ذاك).

 كان في الوقت ده "الوليد بن رفاعة بن خالد بن ثابت بن ظاغن الفهمي" ابن عم "الليث" هو والي مصر من سنة 109 هجرية. فلما رجع "الليث بن سعد" الي مصر بعد رحلة الحج والعلم في مكة والمدينة سنة 117 هجرية، فوجئ أن "الوليد" هدم بيت عيلته اللي في قلقشندة، غيرة بقي أو مكايد أسرية متعرفش، المهم أن "الليث بن سعد" بكل هدوء بني البيت تاني، وبعد ما بناه وخلصه فوجئ ب "الوليد" بيهد بيته للمرة التانية، وللمرة التانية فوض "الليث" أمره لله وبني البيت برده في هدوء، وبعد مابني البيت برده، جاله جنود "الوليد" وهدوه للمرة التالتة!!!!.

في اليوم ده بات "الليث بن سعد" وهو حزين ومهموم وهو شايل هم عائلته، وادارة أملاكه اللي ملهاش عدد اللي ورثها عن والده، واضطهاد ابن عمه له مستغل سطوته، وفي الوقت ده كان "الليث بن سعد" لسه شاب صغير وملوش علاقة لسه بالخلفاء، وسنده الوحيد كان ربه. ولأجل ذلك لم يخذله ربه، نام يومها فشاف في المنام اللي بيقوله: (قم يا ليث فأقرأ قوله تعالي: "ونريد أن نمن علي الذين استضعفوا في الأرض ونجعلهم أئمة ونجعلهم الوارثين"). صحي "الليث بن سعد" الصبح، فوجئ بخبر أصابة ابن عمه الوالي "الوليد بن رفاعة" بالشلل. وكعادة الطغاه مبيفتكروش ربنا الا لما بيكسرهم، وعرف أن ده ذنب "الليث" فوصي كل اللي حواليه أن محدش يقرب من "الليث" ولا يظلمه ويحسنوا صحبته، ومن بعدها ب 3 أيام مات الوالي "الوليد بن رفاعة".

(يتبع)

مروة طلعت

14 / 4 / 2024

الجزء الاول

https://www.facebook.com/share/p/5uLurV1dtzovwdSK/?mibextid=Nif5oz

الجزء الثاني

https://www.facebook.com/share/p/bR131BXGf7GkMzqP/?mibextid=Nif5oz

مقال الإمام "ورش" المصري

https://www.facebook.com/share/p/kfEBasC3phk35jYo/?mibextid=Nif5oz

#الليث_بن_سعد

#عايمة_في_بحر_الكتب

#الحكاواتية

#بتاعة_حواديت_تاريخ

المصادر:-

سير أعلام النبلاء الطبقة السابعة - الامام الذهبي.

أئمة الفقة التسعة - عبد الرحمن الشرقاوي.

الرحمة الغيثية في الترجمة الليثية - ابن حجر العسقلاني.

الليث بن سعد فقيه مصر - دكتور السيد أحمد خليل.

الليث بن سعد الفقيه والمحدث والانسان - دكتور أحمد علي سليمان.




تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

خماراويه

السلطانة شجر الدر 6

نشأة محمد علي باشا