المشاركات

عرض المشاركات من يناير, 2025

بدر الجمالي 11

صورة
 (11)  بداية عصر "بدر الجمالي" كانت بداية جديدة تماما للدولة الفاطمية. لما تولى "بدر الجمالي" وزارة التفويض وإمرة الجيوش، بقى هو الحاكم الفعلي لمصر، الكل تحت إيده، سواء كانوا أمراء، أجناد، قضاة أو حتى الكُتاب. هو اللي يقرر مين يتولى المناصب الديوانية والدينية، وأصبح هو صاحب الحل والعقد، حرفيا مكنش فيه أمر أو ورقة مهما كبر أو صغر شأنها في الدولة إلا ولازم يكون ماضي عليها. لكن التحول ده جاب معاه تغيير كبير في طبيعة الحكم. الدعوة الفاطمية نفسها فقدت جزء كبير من زخمها، وبقى كل تفكير الوزراء من بعد "بدر الجمالي" هو الحفاظ على بقاء الدولة واستمرارها، وده اللي المؤرخين سموه "عصر نفوذ الوزراء". بمعنى، الوزراء أصحاب السيوف كانوا هما الحكام الحقيقيين، والسيف هو اللي كان بيحدد مصير  الدولة، أما الخليفة كان مجرد صورة لابيحل وبيربط، بركة يعني. الدولة الفاطمية كانت هي الحامي للمذهب الشيعي الاسماعيلي الباطني، وكانت طول الوقت تحت ايديها جيش من الدعاة لمذهبهم، مسخرينهم في كل مكان من العالم الاسلامي، وخصوصا في الجزء السني منهم، عشان يزودوا تابعينهم وبالتالى يحصل ض...

بدر الجمالي 10

صورة
 (10) "بدر الجمالي" القائد اللي قدر يغير حال مصر من حال لحال. لما وصل مصر لقاها في حالة انهيار، كل منطقة متقسمة بين طوائف ومغتصبين، سواء في الوجه البحري وأسكندرية أو الصعيد. بدأ "بدر الجمالي" حربه على الفساد والفوضى، وانتصر على قبائل زي لواتة والمحلية - راجع الجزء التامن - وسيطر على الإسكندرية ورجّع ليها الأمن. بعدها شد الرحال للصعيد، وواجه قبائل زي هوارة وغيرهم اللي كانوا عاملين مشاكل في كل حتة - راجع الجزء التاسع - وقدر يخضعهم ويعيد النظام. مش بس كده، ده كمان أعاد الخطبة للخليفة الفاطمي في حرمين الشريفين بعد انقطاعها لسنين - راجع الجزء التاسع - وأثبت إنه قائد سياسي وعسكري لا يُشق له غبار. في سنة 469 هجري/1076 ميلادي، الدنيا كانت لسه مش هادية في مصر. في عز الأزمات والتحديات اللي كان بيواجهها "بدر الجمالي" في مصر، ظهروا مرة تانية السلاجقة الدولة السنية المنافسة وعدو الفاطميين الأول. فاكرين "بلدكوش" القائد العسكري اللي سيطر على الخليفة الفاطمي "المستنصر بالله" مستغل أزماته مع السودانيين، وحاصر الخليفة جوا القاهرة وبنى حواليه الأسوار اللي...

بدر الجمالي 9

صورة
(9) "بدر الجمالي" الراجل اللي قلب مصر من حال لحال، مكنش بياخد راحة. بعد ما القاهرة اتنظفت واترتبت على إيده، قرر يكمل المشوار. الوجه البحري كان خربان، قبائل لواتة والمحلية عاملين فيها ملوك، الفلاحين عايشين في خوف، والطرق ما حدش يقدر يعدي فيها - راجع الجزء التامن - "بدر الجمالي" دخل عليهم بقوة، رجّع الأرض، ورجعلها الأمان. لكن "الجمالي" كان عارف إن لسه قدامه كتير. مصر ما بتقفش على جزء واحد، وكل شبر فيها كان محتاج إيدين تنضفه. دلوقتي، إحنا على أعتاب مرحلة جديدة في حكاية "بدر الجمالي". قبل مجئ "بدر الجمالي"، الوضع كان مضطرب جدا في مصر والدولة الفاطمية كانت في أضعف حالاتها. في بداية الدولة الفاطمية وفي أوج قوتها قدرت تسيطر على مكة والمدينة، لكن في وقت الشدة المستنصرية الخطبة الفاطمية اللي كانت بتتقال في الحرمين (مكة والمدينة) انقطعت لمدة خمس سنين بسبب ضعف الدولة الفاطمية وصعود نفوذ العباسيين فيهم، ونفوذ الأمويين في الأندلس. العباسيين استغلوا فرصة ضعف الفاطميين وسيطروا على الحرمين ورجعوا الخطبة تاني لصالحهم، وده كان ضربة معنوية كبيرة للدولة ال...

بدر الجمالي 8

صورة
(8) القاهرة كانت بتتنفس الصعداء لأول مرة من سنين طويلة. "بدر الجمالي" الراجل اللي مسك البلد وهي مدينة موتى وأعاد ترتيب الدنيا من أولها. قضى على الفساد، شال رؤوس الفتنة، وبنى جيش جديد على مزاجه. مفيش ركن في القاهرة إلا ومر عليه، بنى بوابات جديدة، رصف الطرق، قضى على قطاع الطرق، وأعاد الأمان للقاهرة. "بدر الجمالي" كان عارف إن الخراب مش بس جوه أسوار القاهرة، البلد كلها كانت بتصرخ من الفوضى. بعد ما "بدر الجمالي" شد حيله ونظم القاهرة ووقفها من تاني على رجليها، وقف وبص على باقي مصر، لقى إن المشاكل مغرقة كل شبر في البلد. فقال يبتدي من الأهم فالمهم، والأهم دلوقتي هو الغذاء، ماهو مش طبيعي هتفضل القاهرة كده معتمدة في غذائها على الشام كتير، لازم يحقق إكتفاء ذاتي، اللي هو كان متأكد أن مصر كفيلة تعمل ده، مصر عندها فائض ويصدر كمان بس عاوزة نظام. وبكدة كان الأهم هو الوجه البحري، سلة غلال مصر اللي بقت خراب، والفلاحين بقت حالتهم بالويل، وده بسبب قبائل زي "لواتة" و"المحلية" اللي قرروا يبقوا سادة الأرض هناك، يعملوا زي ما يحبوا، والفلاح المسكين يا يدفع جزية...

بدر الجمالي 7

صورة
(7) بدر الجمالي ركب البحر على مراكبه الأرمنية، في عز الشتا، ومهموش التقلبات الجوية ولا الأمواج الثايرة، مكنش شايف غير هدفه مصر، في اللحظة اللي كانت الدنيا فيها زي البركان. الخليفة الفاطمي "المستنصر بالله" كان على حافة اليأس، ولما رسى "بدر الجمالي" في تنيس، وعسكر في قليوب، أشترط على الخليفة يمسك "بلدكوش" قبل ما يدخل القاهرة - تقدر تراجع الجزء السادس - الخليفة ما ترددش لحظة، وأرسل الرجال يقبضوا عليه. "بدر الجمالي" دخل مصر زي الإعصار، الدنيا اتشقلبت مع أول خطوة ليه في قليوب، وبعدها شوفنا إزاي استلم زمام الأمور، وبدأ يعد العدة لتنظيف البلد من الفوضى والفتنة اللي كانت مالية الشوارع. بعد ما "بدر الجمالي" وصل مصر، وعرف إنه لازم ياخد خطوة قوية يثبت بيها وجوده وينقذ البلد من حالة الفوضى اللي كانت غارقة فيها. "بدر الجمالي" مكنش مجرد قائد عادي، ده كان راجل بيعرف يفكر بدماغه قبل سيفه، وعشان كده قرر يعمل خطة محكمة يتخلص بيها من رؤوس الفتنة والفساد اللي كانت عاملة زي الغرغرينا في جسد الدولة. "بدر الجمالي" عمل مؤامرة مفيش حد توقعها...

بدر الجمالي 6

صورة
 في ليلة كانت عكا فيها غارقة في السكون، والبحر بيداعب أسوارها العالية، في قلعة على تلة مطلة على المدينة، واقف "بدر الجمالي"،  قدام خريطة كبيرة للشام ومصر،  التعلب الأرمني القوي اللي عنده 60 سنة لكنه بعنفوان ابن ال 30،  إيده على ذقنه، مستغرق في التفكير، وعينه بتلمع بدهاء. عكا كانت مش مجرد مدينة بالنسبة له، دي كانت حصنه الآمن وسلاحه الخفي. هو اللي حولها من مجرد مدينة ساحلية لعاصمة صغيرة، جنوده الأرمن بيناموا وسيوفهم في ايديهم، وأسوارها بتلمع تحت ضوء القمر بتتحدى أي عدو يفكر في الاقتراب. "بدر الجمالي" مكنش مجرد قائد عسكري عادي. الناس في عكا كانوا بيحكوا عنه أساطير من كتر قوته وشدة حزمه وقدرته على حل أي مشكلة، كانوا دايما بيحكوا عن المعارك اللي خاضها، وعن دهاؤه اللي بيخلي أعداؤه خايفين من مواجهته. "بدر الجمالي" كان عارف إن اللي بيحصل في مصر أخطر بكتير من أي معركة خاضها قبل كده. أخبار المجاعة والشدة المستنصرية كانت بتوصل له من التجار اللي بيرسوا مراكبهم في ميناء عكا. مصر أنهارت... الفاطميين بيدوروا على منقذ. "بدر الجمالي" في الوقت ده كان بيلعب لعبة ال...

بدر الجمالي 5

صورة
 (5) القاهرة اللي كانت دايما منورة زي الجوهرة كعاصمة للدولة الفاطمية، بقت مدينة مظلمة مليانة جوع وخوف. الشدة المستنصرية   -  ما بين سنتي 459 و462 هـ / 1066 و1069 م - ا للي عجنت الناس، خلت الشوارع شبه خالية، والأمل ضايع بين الصراعات اللي ما بتخلصش. وسط كل ده، ظهر "ناصر الدولة حسين بن حمدان"، اللي كان عامل زي العاصفة، بياخد كل حاجة في طريقه. اتحالف، خان، وحاول يغيّر شكل الخلافة الفاطمية للأبد.    "ناصر الدولة حسين بن حمدان"  كان من نسل  السلالة الحمدانية - كانت إمارة شيعية في الموصل وبعدين امتدت لحلب وجنوب الاناضول -  وبعد سقوط الدولة الحمدانية اشتغل مع الفاطميين، وأصبح قائد عسكري في  الدولة الفاطمية،  وبعدها أتولى إمارة دمشق في الفترة 1041-1048 ميلادية . وفي الحرب الأهلية اللي حصلت في مصر بين الأتراك والعبيد السودانيين اليهود اللي جندتهم أم "المستنصر بالله" الست "رصد" - راجع الجزء التالت - أستغل الفرصة وأخد اللقطة ولعب دور قيادي بين القوات  التركية   والسودانية  الفاطميين كقائد للقوات التركية. بعد ما الاتراك خلصوا...

بدر الجمالي 4

صورة
 (4) في الوقت اللي كانت مصر بتغرق في فتنة الأتراك والسودان، والخليفة "المستنصر بالله" محاصر بين أطماع قواد الجيش وصراعات أمه الست "رصد" وتحكمها، كان "بدر الجمالي" هناك في الشام بيكتب حكاية تانية لنفسه. الراجل ده ما كانش قائد عادي، كان عارف إن الفوضى بتخلق فرص، وإنه لو لعبها صح ممكن يبقى اسم يُحسب له ألف حساب. وعشان كده هو مسبش الفرصة تفلت من ايده واستغلها صح. في الفترة دي، "بدر الجمالي" كان لسه في عز صعوده، بيبني سمعته كقائد شاطر ومحنك في الشام. مشاكله هناك ما كانتش سهلة، لأن الشام وقتها كان ساحة مفتوحة للصراعات، سواء بين القوى المحلية أو بين الطامعين الخارجيين اللي شايفينها لقمة سهلة في وسط فوضى القاهرة عاصمة الخلافة الفاطمية. لكن "بدر الجمالي" كان بيلعبها بحذر، بيوازن بين تحالفاته وبين قوته الشخصية، وبيعرف يدي كل طرف على قد طموحه من غير ما يخسر نفسه. أما في مصر، الدنيا كانت بتشتعل على الآخر. الأتراك مسكوا السلطة بالقوة، وأم المستنصر "الست رصد"، كانت بتحاول ترد النفوذ للسودان بعد هزيمتهم، فاشترت منهم كتير وسلحتهم وعملت منهم ج...