المشاركات

عرض المشاركات من نوفمبر, 2025

الصَّدُّ الأَخِيرُ سيف الدين قطز 6

صورة
(6) المماليك.. مصنع الجلادة والقيادة.. قبل ما نحكي عن "قطز" الطفل صغير اللي كان أمير وخاله السلطان الخوارزمي، ابن العز والحسب والنسب، اتباع وسط العبيد، وسافر لدمشق ومنها لمصر، مملوك وسط مماليك السلطان الملك الصالح "نجم الدين أيوب"، ازاي اتحول بعد سنين وقدر يوقف زحف المغول، ويكون الصَّدُّ الأَخِيرُ… لازم نرجّع الكاميرا ورا شوية. في جزيرة الروضة، ورا الأسوار العالية، كانت بتتربى جيوش كاملة بالودّ، وبالشدة واللين، بالعلم، وبالإيمان. الناس كانت فاكرة إن المماليك دول مجرد "عبيد" وخلاص، لكن الحقيقة  كانوا أحباب وأبناء في حضن ملوك.  كان "السلطان الصالح أيوب" واللي زيه من بعده، كانوا بيعاملوا كل مملوك كإنه ابنه اللي هيكبر ويبقى سند ملكه.  ولو الدنيا هتجمع بين آلاف الرجال في لحظة واحدة، هتلاقي اللي أقوى من رابطة الدم، هي "رابطة التربية". السلطان "الملك الصالح أيوب" كانوا بيقرب منه مماليكه قوي، وكأن كل واحد فيهم ابن متربي في حضن السلطان، وابنك على ما تربيه.  مكنش فيه حكاية سيد وعبد. كان فيه أستاذ وتلميذ… كبير العيلة وأبنائه.  حتى كلمة ...

الصَّدُّ الأَخِيرُ سيف الدين قطز 5

صورة
(5) صُنّاع العروش... كيف وُلدت دولة المماليك قبل ما يبقى اسم “المماليك” علامة في تاريخ مصر، الكلمة نفسها كانت بتوصف العبيد، اتشروا واتباعوا عشان يتربوا لخدمة أغراض معينة في المجتمعات القديمة. أول من فكر في الدولة الإسلامية يستخدم العبيد في الجندية كانوا الأمويين، هو "نصر بن سيار"، والي خراسان، اشترى ألف مملوك من الترك، علمهم يمسكوا سلاح، وركوب الخيل، وبدأ يكوّن منهم قوة عسكرية يعتمد عليها. وأصل الحكاية إن بلاد ما وراء النهر كانت هي المصدر الكبير للمماليك الأتراك - زي ما شرحنا في الجزء الرابع - ومع الوقت، خصوصًا في العصر العباسي، بدأ استخدام الأتراك يزيد ويتنوّع، يعني شوية في الجيش، وشوية في وظائف الدولة، وشوية في أسواق النخاسة (العبيد/المماليك) اللي اتسعت جدًا. وكانت أسواق النخاسة مليانة بالعبيد الجايين من أماكن كتيرة، زي القرم، القوقاز، القفجاق، آسيا الصغرى، تركستان، وبعض بلاد أوروبا،  منهم الترك، والشراكسة، والروم، والأكراد. لكن اللحظة الفارقة فعلا كانت مع الخليفة  العباسي"المعتصم بن هارون الرشيد" (218هـ - 227هـ / 833م - 842م). الخليفة "المعتصم" بنى من ...

الصَّدُّ الأَخِيرُ سيف الدين قطز 4

صورة
(4) العبودية الثمن الباهظ للحرِية... مصيبة التتار (المغول) اللي حلّت على الشرق موقفتش عند اسقاط وأنتهاك الدولة الخوارزمية وبس، الكارثة كان لها تَبِعات مَريرة بتكمل مسيرتها في مكان بتحصل فيه أغرب عملية تحوُّل في التاريخ.  أصل القتل في المعركة ده سريع وخلصان، لكن المُرّ الحقيقي هو إنك تشوف النبيل بيتحول لسِلعة تُعرَض للبيع في وضح النهار، عزيز قوم ذَل، وأي ذُل يجي بعد عبودية يُهون.  عادة كانت بلاد ماوراء النهر ( وسط آسيا وغربها) كانت أهم البلاد اللي بيجلبوا منها العبيد والجواري، وده بسبب القلق والحروب المستمرة بين القبائل فيها - زي ما وضحنا في الجزء التاني والتالت - وكان أغلب العبيد إن مكنش كلهم، من القبائل غير المسلمة، وكل ما كترت الحروب والدمار، أنتعش سوق النخاسة أو العبيد. وكان أشهر أو المنبع الرئيسي للعبيد هو سوق سمرقند بالتحديد. في أوائل القرن السابع الهجري، بعد سقوط دولة خوارزم شاه، أستقبل سوق العبيد دفعات كتيرة من سبايل الحرب، أغلبهم غلمان وفتيات صغيرين. وفي اليوم ده أستقبل سوق أعز الناس مقاماً في الدولة الخوارزمية، أطفال الأسرة الحاكمة وفلذات أكبادهم، وغالبا دي كانت ...

الصَّدُّ الأَخِيرُ سيف الدين قطز 3

صورة
(3) انكسار التاج الزُّرقُمَانِي... لعنة جنكيز خان... قبل ما نبدأ كلام عن المغول، لازم نرجع للوراء، لحد سهول آسيا المفتوحة، المكان البارد القارس، شديد القسوة، فخلق رجال قلوبهم أقسى من الحجارة أو أشد قسوة. "يسوغي بن  خابول خان"   زعيم أسرة  بورجيقن الأ سرة الحاكمة لعشيرة قيات المغولية، كان في حرب مع قبيلة من قبائل التتار، وقتل زعيمهم " تيموجين"، وده كان مابين سنة  1155 و1162م. أصل المغول في الوقت ده كانوا قبائل كتيرة متفرقة، وبما أن الجو برد وصقيع، فكانوا بيدفوا نفسهم بالحركة، ماهي الحركة بركة، وأحلى رياضة ليهم كانت القتل وسفك الدماء، فكانوا بيدفوا نفسهم في القتال، بيقاتلوا مين، بيقاتلوا بعضهم طبعا. القبائل المغولية تهجم على القبائل التترية، والتترية تهجم على القبائل التركية اللي ساكنين جنبهم وهكذا، نشاط اجتماعي. ملحوظة: نتيجة الحروب القبلية دي، كانت حرب قبائل المغول لقبائل القفجاق التركية، واللي أدت لسبي "بيبرس البندقداري" وهو صغير وبيعه كعبد. راجع كتاب أسد المماليك. "يسوغي" بعد ما خلص معركته، رجع منتصر لبلده   ديليون بولدوغ  جنب جبل  برخان خلدون ...

الصَّدُّ الأَخِيرُ سيف الدين قطز 2

صورة
(2) ريح الشرق العاتية... لعنة جنكيز خان... قبل ما نتكلم عن بطولات "السلطان المظفر سيف الدين قطز" ونعرف حكايته وازاي اتحول من أمير لعبد ومن بعدها سلطان، لازم الأول نتأمل ونعرف مدى هول الكارثة اللي أصابت العالم الإسلامي في الوقت ده. كان المغول أو التتار الخطر القادم من الشرق مش مجرد جيش عادي، ده كان قوة بشرية غير طبيعية رهيبة. كانوا جايين من وسط قارة آسيا، عايشين على هضبة منغوليا جنوب سيبيريا شمال التبت، مابين منشوريا وتركستان، المنطقة دي كانت طبيعتها المناخية شديدة القسوة، كان الثلج فيها طول السنة، والرياح بتضرب في الوش زي السكاكين، والجو جاف جدا يجفف حتى المشاعر والأحاسيس. وفي الظروف البيئية القاسية الرهيبة دي كانوا بيعيشوا في خيام متنقلة، وأكلهم وشربهم مربوط بظهر الخيل، يعني في الأصل كانوا مجموعة قبائل رحالة. طبيعة بيئتهم وحياتهم القاسية هى اللي جعلتهم يتشكلوا بشكل مختلف عن باقي البشر. تشوف الواحد منهم تقول عليه مخلوق من صلب متين ومطروق بالحديد. هما قِصار شوية، بس جسمهم كله عضلات وكتلة قوية تستحمل أي مرض أو تعب أو جوع. وشوشهم صفرا وعريضة من كتر التعرض للبرد، وعينيهم صغيرة وم...

الصَّدُّ الأَخِيرُ سيف الدين قطز

صورة
(1)  يا سادة يا كرام، صلّوا على النبي العدنان. الحكاية اللي هقولها لكم دي مش أي حكاية، دي حكاية اليوم اللي وصل فيه الرُعب يمشي على رِجلين لحد باب قلعة الجبل في القاهرة.  ​كانت القاهرة في هدوء حذر بسبب أخبار التتار اللي مالية البلد، ومسببة للناس الخوف والذعر من أخبار المدابح اللي بتحصل، وكل يوم بيعدي بيزيد القلق والخوف والناس حاسة بالهول بيقرب عليهم. فجأة بدأت الناس في القهاوي والأسواق تتوشوش بخوف ورعب وقلق: "شفتم الجنود اللي دخلت البلد؟ غُرب شكلهم غريب ووشوشهم صفرا وعيونهم ديقة بس كلها شر!" ​رُسل القائد المغولي "هولاكو خان"، اللي مخلاش وراه بلد إلا ودمرها وحرقها ودبح أهلها من شيوخ ونساء وأطفال. وصلوا للقاهرة، 4 رُسل ووراهم 40 حارس من التتار، لكنهم كانوا ماشيين بغرور ورجلهم بتدب الأرض بقسوة وعنجهية كأنهم ملكوا مصر خلاص. ​في الوقت ده، كان "السلطان المظفر سيف الدين قطز" لسه ماسك حُكم مصر، بعد ما خَلَع الولد الصغير "المنصور نور الدين علي بن عز الدين أيبك" من الحُكم. ​اجتمع أمراء المماليك حوالين سلطانهم الشاب الأشقر صاحب اللحية الكثيفة، في قصر الحُك...