الصَّدُّ الأَخِيرُ سيف الدين قطز
(1) يا سادة يا كرام، صلّوا على النبي العدنان. الحكاية اللي هقولها لكم دي مش أي حكاية، دي حكاية اليوم اللي وصل فيه الرُعب يمشي على رِجلين لحد باب قلعة الجبل في القاهرة.
كانت القاهرة في هدوء حذر بسبب أخبار التتار اللي مالية البلد، ومسببة للناس الخوف والذعر من أخبار المدابح اللي بتحصل، وكل يوم بيعدي بيزيد القلق والخوف والناس حاسة بالهول بيقرب عليهم. فجأة بدأت الناس في القهاوي والأسواق تتوشوش بخوف ورعب وقلق: "شفتم الجنود اللي دخلت البلد؟ غُرب شكلهم غريب ووشوشهم صفرا وعيونهم ديقة بس كلها شر!"
رُسل القائد المغولي "هولاكو خان"، اللي مخلاش وراه بلد إلا ودمرها وحرقها ودبح أهلها من شيوخ ونساء وأطفال. وصلوا للقاهرة، 4 رُسل ووراهم 40 حارس من التتار، لكنهم كانوا ماشيين بغرور ورجلهم بتدب الأرض بقسوة وعنجهية كأنهم ملكوا مصر خلاص.
في الوقت ده، كان "السلطان المظفر سيف الدين قطز" لسه ماسك حُكم مصر، بعد ما خَلَع الولد الصغير "المنصور نور الدين علي بن عز الدين أيبك" من الحُكم.
اجتمع أمراء المماليك حوالين سلطانهم الشاب الأشقر صاحب اللحية الكثيفة، في قصر الحُكم في قلعة الجبل، والقلق مالي تعبيرات وِشوشهم. "السلطان قطز" أمر بدخول رُسل التتار، فدخلوا وهم باين عليهم القسوة والغطرسة.
رفع كبير الرُسل رسالة سيده "هولاكو" قصاد عينيه الحادتين، واللي بتتسمّى تاريخياً "رسالة الإنذار". وبدأ كبير الرُسل يتكلم بصوت عالي ومليان تهديد وتحدي، وكأنه بيتكلم مع عبيده: "يا سادة، إحنا رُسل هولاكو اللي لا يرحم اللي يبكي ولا يَرِقّ للي بيشتكي. ملك الملوك في الأرض بعتلكم الكلام ده، ركّزوا فيه كويس..."
بدأ كبير الرُسل يقرأ الرسالة، وقال: "نحنُ جُندُ اللهِ في أرضِه، خلقَنا من سخطِه، وسلّطَنا على مَن حلّ بهِ غضبه. فإلى السلطان المملوكي الْمُظَفَّر قُطُز... مصرُ هي آخر بقايا الأرض، وقد علمتم ما فعلنا ببلاد الشام وبغداد التي كانت دار الخلافة. فكيف تظنّون أنكم ستنجون؟ اهربوا أو سلّموا قبل أن يفتحَ الله بيننا وبينكم، ويصبحَ الخرابُ مصيركم! البلادُ لنا، والنساءُ لنا، والأموالُ لنا... فاستسلموا وأريحوا أنفسكم."
خلصت الرسالة... الصمت كان في القاعة أثقل من جبال المقطم. الأمراء بَصُّوا لبعض، الرعب دخل قلوبهم. الكل فاكر اللي حصل في بغداد والشام، فيهم اللي شاف وفيهم اللي سمع عن القتل والسبي، ومصر هي اللي عليها الدَور.
كل اللي في القاعة كانوا مستنيين قطز يقول يا نُسَلِّم، يا نِهرب. لكن "السلطان المظفر سيف الدين قطز"، رفع رأسه فجأة ووقف وصرخ في وجه الرُّسل وقال: "البلادُ لها حُماة، ولن نُسلّمَها لغُزاة!"
المشهد ده هو اللي كتب نهاية الخوف وبداية الكرامة. "قطز" كان عارف إن لو ساب الرُسل يرجعوا بالرسالة، هتنهار روح المقاومة في الجيش. أخد قراره اللي مفيش رجوع عنه. أمر "السلطان قطز" بقتل الرُسل الأربعة. ومش قتل عادي، ده بأسلوب وبختم مملوكي بحت، أمر بتوسيطهم يعني نشرهم بالسيف من الوسط، وعلق كل جثة على باب من أبواب القاهرة، وكمان أمر بقطع رؤوسهم وتعليقها على باب زويلة.
وبكدة أتحولت الحكاية هنا، مبقاش الموضوع مجرد تهديد... أصبح إعلان حرب رسمي. وفي الليلة دي، مابقاش في مصر مكان للجبناء. واللي خايف، يا يسيب مصر ويهرب، يا يمسك سلاحه ويطلع مع "الصَّدُّ الأَخِيرُ" سلطان المسلمين "المظفر سيف الدين قطز".
أنتظروني وسلسلة حكاية الصَّدُّ الأَخِيرُ... (يتبع)
مروة طلعت
13 / 11 / 2025
#عايمة_في_بحر_الكتب
#الصَّدُّ_الأَخِيرُ
#سيف_الدين_قطز
#عين_جالوت
المصادر:
النجوم الزاهرة في ملوك مصر والقاهرة ج6 و ج7 - ابن تغري بردي.
قيام دولة المماليك الأولى في مصر والشام - أبو الفدا.
السلوك لمعرفة دول الملوك - المقريزي ج1.
مفرج الكروب في أخبار بني أيوب ج2 - ابن واصل.
مسالك الأبصار في ممالك الأمصار - ممالك مصر والشام - ابن واصل.
سير أعلام النبلاء الطبقة 34 - الامام الذهبي.
حسن المحاضرة في أخبار ملوك مصر والقاهرة - القلقشندي.
السلطان المظفر سيف الدين قطز بطل معركة عين جالوت - د/ قاسم عبده قاسم.
السلطان سيف الدين قطز ومعركة عين جالوت - علي محمد الصلابي.
الأيوبيون والمماليك - د/ قاسم عبده قاسم.
عصر سلاطين المماليك - أ.د/ عطية القوصي.

تعليقات
إرسال تعليق