يا كحك العيد يا حنا

 يا كحـك العيـد يا احنـا

يا بسكـويت يا احنـا

يا شرباتات يا احنا

فـ الكوبايـات يا احنا

يابلح بريمو يا احنا

يتباع بالكيلو يا احنا

أنا بيصعب عليا أوي الجيل الجديد أنه فايته حاجات حلوة كتيرة عشناها، وأتحفرت في ذكرياتنا. أراهنك أنك لما قريت الكلمات اللي فاتت قريتها مسموعة بصوت والدتك وجدتك وبنات العيلة وهم ملمومين حوالين الصاجات بيعجنوا وبيرصوا عليه الكحك المنقوش والبسكويت. وكانت مهمة ولاد العيلة يشيلوا الصاجات دي علي راسهم، بعد ما يكتبوا عليها اسمهم بالطباشير، ويودوها للفرن عشان تستوي، وتلاقي ولاد الشارع كله والشوارع المجاورة متجهيم بالصاجات للفرن الوحيد في المنطقة. وعلي ما الكحك يستوي تلاقي دوري الكورة اشتغل مع بمب العيد، ويا سوادة اللي الصاجة تجلي منه وتقع علي الأرض. وأحلي لحظة بقي بعد صلاة العيد، لما ترجع وتكون والدتك محضرة الكحك الجميل المحشي ملبن أو عجوة أو مكسرات، ومرشوش عليه السكر البودرة، والبسكويت جمب كوباية الشاي بلبن. ياااااه ساعات بشتاق ليوم عيشته وأنا صغير. طبعا الكلام ده كله انتهي وفضلنا الكحك اللآلي، زي كل حاجة في حياتنا ما بقت آلي، منه لله العمدة الألي هو السبب. يا تري بتحب تاكل الكحك سادة ولا بعجوة ولا بالملبن ولا بالمكسرات. طب انت عارف ان جدودك كانوا بياكلوا الكحك محشي فلوس، العيدية بتاعتهم كانت جوا الكحكة، خلي بالك لتبلعها بس.

المصريين دايما كانوا في حتة لوحدهم، أرتباطهم بالأرض والمكان، مخليهم ماسكين في عاداتهم من ألاف السنين متغيرتش. ممكن يكونوا بيطوعوها حسب الزمن أو اختلاف الديانات. لكن المصري زي ما هو بحطة ايد مينا موحد القطرين. يعني عندك مثلا موضوع كحك العيد ده، ناس كتير فاكرة انها عادة موروثة من الفاطميين، بما انهم كانوا بيحبوا الحلويات، واللي بني مصر كان في الأصل حلواني وكده. بس كحك العيد بالذات، المصريين هم اللي ضافوه للمائدة الفاطمية مش العكس، لأن كحك العيد يعود أصله لمصر القديمة.

في تقرير حديث قطاع المتاحف بوزارة السياحة والآثار قال فيه : "صوَّرت جدران المعابد والمقابر في مصر القديمة العديد من مراحل عمل الكحك، بحيث أظهرت السيدات وهن يقمن بعجن العجين وصبه على هيئة قرص الشمس المستدير وتزينها خطوط أشعة الشمس حيث يهدين الكعك إلى المعابد كقرابين في الأعياد". يعني علي سبيل المثال هنلاقي في مقبرة "تي" اللي من الأسرة ال5 علي جدرانها نقش لواحدة ست شايلة قرابين الكحك فوق رأسها في داخل سلة، بعد ما شالته من علي الصاجات. والكبيرة بقي هنلاقي علي جدران مقبرة الوزير "رخمي رع" بالأقصر من الأسرة الـ18 خطوات صناعة الكحك ومكوناته. وفي "معبد كوم" أمبو في أسوان كمان منقوش مراحل صناعه الكحك وتسويته على لوح صاج بتاع ستي. جينا أحنا بالآلي وضيعنا التراث، أحنا آسفين يا ستي تقريبا اتلعب في جيناتنا.

حتي نقش الكحك، المصري القديم بدأه، وكان النقش عبارة عن دواير، خمس وست دواير صغيرة علي وش الكحكة. وكان فيه نقوشات تانية مختلفة زي طبعات الأصابع الخمسة على حافة الكحكة. وفضلت عادة صناعة الكحك ملازمة للمصري كأحتفال بأعياده وأفراحه - العروسة برده بتخش بالكحك - لحد العصر الاسلامي. وبالتحديد في العصر الطولوني، كانت البداية عند "أحمد بن طولون"، لما اعتمد الكحك كتعبير للأحتفال الرسمي للعيد الصغير، وبقي يوزعه علي الحاشية والرعية. بس "أبن طولون" حط التاتش بتاعه، بقي يحط جوا كل كحكة دينار ذهب، ومن هنا بدأت عادة العيدية. وفي حكاية طريفة عن أول مرة يتحط فيها الدينار جوا الكحكة، لما كاتب "ابن طولون" قال لواحد صاحبه قبل ما ياكل الكحكة: "افطن له"، خد بالك يعني باعتبار أن فيه دنانير من الذهب، ومن هنا اُطلق على الكحك تسمية "افطن له". 

بالنسبة للفاطميين بقي، فالحلويات دي ملعبهم، خدوا عادة الكحك في العيد، وبرده حطوا التاتش بتاعهم، من النقوشات، لحشو الكحكة ملبن بقي ومكسرات والسكر البودرة وخلافه. الخليفة الفاطمى كان بيخصص حوالى 20 ألف دينار لعمل كحك العيد وتتفرغ المصانع من نص رجب لصناعة الكحك، وكان الخليفة بيوزع الكحك على الكل حاشية ورعية. وكان حجم الكحك فى حجم رغيف العيش، والناس تقف أدام أبواب القصر يستنوا نصيبهم فى العيد وأتحولت لعادة سنوية. والشهادة لله اتطور شكل وجودة الكحك علي ايديهم.

وفي متحف الفن الإسلامي بالقاهرة، قوالب الكحك عليها عبارات "كل هنيئًا واشكر" و"كل واشكر مولاك" وغيرها من العبارات التى تحمل ذات المعنى، واللي كانت بتبقي منقوشة علي المحك اللي بيتوزع علي الناس في العيد.

وفضل المصري متمسك بالكحك - رغم ان الأيوبين حاولوا محاربة الاحتفال ده بكل الوسائل باعتباره من مخلفات الفاطميين - لكن المصريين كانوا برده بيعملوه في بيوتهم. واتنقل بين الأجيال وعبر القرون، لحد ما بقي عادة شعبية متأصلة في الوجدان، ما هو مينفعش عيد الفطر من غير كحك العيد.

وكل سنة وانتم طيبين....

مروة طلعت

20 / 4 / 2023

#عايمة_في_بحر_الكتب

#بتاعة_حواديت_تاريخ