هل تعلم أن جدك الأكبر كان من آكلي لحوم البشر؟
انتهيت من قراءة رواية "ابق حيا" للروائي "ابراهيم أحمد
عيسي" في طبعتها التاسعة الصادرة عن دار تبارك للنشر والتوزيع – يوجد طبعات
لدور نشر أخري أما النسخة الورقية التي معي من دار تبارك - بعدد صفحات 279 صفحة.
يبهرني أسلوب وطريقة كتابة "ابراهيم احمد عيسي" في كل مرة أقرأ له. حيث أسعدني الحظ بقراءة :
"باري" https://marwatalaa.blogspot.com/2020/06/blog-post_49.html و " الحاج ألمان" https://marwatalaa.blogspot.com/2020/08/blog-post.html .
فكل
مرة أشعر باني أقرأ لكاتب مختلف له موهبة في تغيير روحه الكتابية في كل عمل يقدمه
علي حسب مكان الرواية وزمنها التاريخي لايربط بينهم رابط سوي اللغة العربية الفصحي
البديعة حوارا وسردا، وبناء الرواية المتكامل العناصر وسرعة الأحداث وعنصر التشويق
– الا ان أحداث الجزء الثاني كانت أسرع وأكثر تشويقا من الأول – أيضا متعة الابحار
في التاريخ لايضاهيها متعة.
يشتهر الكاتب برواياته التاريخية وبالأخص التاريخ المنسي أو المهمل، وفي رواية
"ابق حيا" يسافر بنا الي قاهرة المعز ويغوص في ظلمات التاريخ الفاطمي
المردوم عليه، ويعرض روايته في أشد لحظات القاهرة اظلاما في فترة "الشدة
المستنصرية" منذ الف عام، حيث الجفاف والجدب والمجاعة الشديدة التي حلت
بالبلاد مما دفع الناس بالتحول الي وحوش وأكل لحوم بعضهم حرفيا.
تنقسم الرواية الي قسمين أولهما رؤية تاريخية لشكل قاهرة المعز العبيديه
الخاصة بحكامها الشيعة العبيدية ومواليهم دون عن عامة الشعب السنية الذين يعيشون
خارج أسوار القاهرة في مدينتي القطائع والفسطاط، ويعرض الكاتب بصورة تحليلية طريقة
الحكم وأسلوب الحياة في مصر وقتها حيث يظهر التحدي والحرب الباردة بين المذهبين
المتمثلين في تحدي جامع الأزهر الشيعي أمام جامع عمرو بن العاص السني، وخصوصا من
جانب الطائفة الشيعية العبيدية التي تحاول استمالة الناس وتغيير مذهبهم ومبادئهم
وعقيدتهم بالحلوى والاحتفالات بالأضرحة والتبرك تلك السلوكيات التي مازلنا نعاني
منها حتي الآن.
القسم الثاني من الرواية هو الجزء البشع من الأحداث حيث جفاف النيل
والمجاعة والوباء في سنين عجاف، يظهر عظمة الخالق سبحانه في كتابه العزيز عندما
أسبق الجوع علي الخوف في قوله تعالي : "الَّذِي أَطْعَمَهُم مِّن جُوعٍ وَآمَنَهُم
مِّنْ خَوْفٍ " صدق
الله العظيم، فأمان الانسان النفسي واستقامة حياته في الشبع وان فقدها تحول الي
حيوان لايفكر الا بغريزة البقاء مهما كلفه الأمر فكما قيل في الأمثال الشعبية
:"الجوع كافر" وأكبر مراتب الكفر هي أكل الانسان للحم أخيه الانسان بغرض
البقاء في دنيا من الأصل فانية الا من رحم ربي وهو الذي أدرك معني البقاء حيا، ابق
حيا بمنح عقلك القيادة للابداع وخلق سبلا وتطويرها مع الوقت، ابق حيا بايمانك
وتمسكك بمبادئك لا الخوض كما يخوض الخائضون.
الشخصية الرئيسية للرواية هي "حسن بن عبدالسلام" الشاب الدمشقي طالب العلم السني في جامع عمرو بن العاص في خلال رحلته الغريبة التي فرضت عليه والتشتت في بادئ الامر بين مغريات وسلطة ونفوذ الشيعة والتزامه الديني والروحي تجاه عقيدته السنيه، ثم التدرج في تحول شخصيته من البراءة والشهامة الي شخصية شكاكة متوجسة فاقدة الثقة بسبب ماتعرض له من خيانة وغدر الخلاء وماشاهده من بشاعة النفس البشرية في سنين القحط.
هناك شخصيات ملائكية
مثل الشيخ عبدالرحيم وزوجته مريمة – اعجبني اسمها جدا – وشخصيات شيطانية مثل زبيدة
وعثمان، الي جانب شخصيات ثانوية مثل فاطمة ومحمود – السمين المتنمر عليه وكالعادة
فهو غبي لأنه سمين – وظهور شخصية يعقوب القبطي من أخلص حتي النهاية كدليل في وقت
المحن لافرق بين الديانات الا بصفاء القلب.
في رغبة
"حسن" الانتقامية شعرت اني في رواية "كونت دي مونت كريستو" ل
"ألكسندر دوما" وخصوصا بعد سجنه وهروبه وبحثه الدائم للانتقام ثم انتقلت
الي رواية "الفرسان الثلاثة" لنفس الكاتب في المبارزات الثلاثية ل
"حسن ويعقوب ومليكة" أمام العبيدين.
رواية "ابق
حيا" رواية ممتعة وصادمة تضعك أمام حقيقة تاريخية مفجعة وتضعك أمام حقيقة
نفسك المخجلة.
مروه طلعت
7/1/2021
#عايمة_في_بحر_الكتبِ
تعليقات
إرسال تعليق