يعقوب صنوع 3
(3) "يعقوب صنوع" كان شايف إن الفن مش لعبة ولا تسلية، الفن عنده كان منبر توعية للناس اللي في الشارع، الفلاح اللي بيشق الأرض بعرق جبينه، الصنايعي اللي بيجري طول النهار عشان يجيب لقمة عيش، الست الشقيانة بين بيتها وعيالها ولقمة العيش. ومن أول لحظة بدأ فيها يكتب ويمثل، كان بيختار شخصيات شبة الناس دي، من اللي بيشوفهم بعينه كل يوم، ويسمعهم، ويحكي معاهم. أكتر شخصية كانت قريبة لقلبه كانت شخصية الفلاح المصري، اللي هو وقتها كان العمود اللي شايل البلد، لأن الزراعة كانت هي الأساس، والفلاح هو البني آدم اللي شال البلد على كتافه حرفيا.
في يوم 22 يونيه سنة 1878م، سافر "يعقوب صنوع" منفي لباريس بأمر من "الخديو إسماعيل"، سايب في مصر ذكرياته الحلوة والمرة غصب عنه. المنفى مش دايما عقاب، أوقات بيبقى البداية الحقيقية. "صنوع" في مصر كان فنان بيحاول يغير فكر المجتمع، لكن في باريس بقى محارب حقيقي بالكلمة من غير خوف. بدأ يكتب، ينشر، ويخاطب جمهوره من بعيد كأنه لسه واقف على مسرح الأزبكية. الناس بتفتكر إن اللي بيتنفي خلاص اتحكم عليه بالصمت والإبعاد والخروج من الساحة. لكن في حالة "صنوع"، المنفى كان العكس تماما. في مصر، كان بيتكلم في مسرحيات بسيطة، بيكتب، بيخطب، لكن محاصر. المسرح اتقفل، الجمعيات اتقفلت، الصحافة كانت ممنوعة عليه. لكن لما راح باريس اتحرر، مبقاش مربوط بقيود السلطة أو الرقابة، بقى يقدر يقول اللي عايزه، ينشر اللي شايفه. بقى بطل الكلمة، وبطل الصورة الساخرة، وسلاحه ورقة وقلم، وجرنال بيتسرب لمصر زي رسائل سرية بتفك الشفرة للناس وتكشف لهم اللي بيحصل.
في باريس فتح "يعقوب صنوع" ورشة صحافة كاملة من قلب باريس، وكل جريدة كانت طلقة ضد الظلم، وضد الاحتلال، وضد الاستبداد. وكل واحدة منهم كانت لها شخصية ولون. بدأها بجريدة اسمها "رحلة أبو نضارة زرقا"، اللي طلعت للنور يوم ٧ أغسطس سنة ١٨٧٩م. كان جورنال عامل زي المسرحية، أربع صفحات مليانين سخرية لاذعة، وضحك بطعم الكوميديا السوداء، بيهاجم فيها "الخديو" وسياسته، وبيصور فيها حال المجتمع المصري والظلم اللي عايش فيه الناس، والركود اللي خلى الناس تستسلم بدل ما تنهض. وكان بيكتب بالعامية اللي كل المصريين يفهموها بسهولة، أو بالزجل اللي يخلي الكلام يدخل القلب علطول، وكمان استعان بصحفيين مصريين كانوا منفيين زيه، أو من اللي خارجين هربانيين من قيود الخديو. وبدأ من العدد التامن يترجم المقالات للفرنساوي، عشان يوصل صوت المصريين للشعب الفرنسي، ويفهمهم إزاي الإنجليز بيتدخلوا في شؤون مصر وبيساندوا "الخديو" ضد الناس.
مروة طلعت
4/6/2025
#عايمة_في_بحر_الكتب
#الحكاواتية
#بتاعة_حواديت_تاريخ
المصادر:
أبو نظارة إمام الصحافة الفكاهية المصورة وزعيم المسرح في مصر - د/ إبراهيم عبده.
يعقوب صنوع رائد المسرح المصري ومسرحياته المجهولة - د/نجوى عانوس.
يعقوب صنوع.. "موليير مصر" الذي هدد عرش الخديوي - مقال من موقع الجزيرة نت.
يعقوب صنوع مبدع حائر بين الصحافة والمسرح وفن الكاريكاتير - مقال من موقع إندبندنت عربية.
أبو نضارة المصري .. أول من جعل النساء تمثل على المسرح - مقال من أخبار اليوم.
يهود مصر منذ عصر الفراعنة - عرفة عبده علي.
الجزء الاول
https://www.facebook.com/share/p/16bJ2R9ruj/
الجزء الثاني
https://www.facebook.com/share/p/16gwa6YCp5/
تعليقات
إرسال تعليق