الظاهر بيبرس البندقداري 20
(20) سنة 1273 ميلادية كان فيها السلطان المملوكي "الظاهر ركن الدين بيبرس البندقداري" عنده 50 سنة من عمره، قضى منهم 35 سنة في حروب وصراعات ومؤامرات وتمردات وغزوات وأنتصارات، عركته الحياة السياسية والعسكرية وعاركها، وأصبح حاكم وقائد قوي وذو خبرة لا يشق له غبار. ومن خلال متابعة السلسلة هتشوف وتعرف كل صراعاته، وأخر صراعاته دي كانت مقسمة ما بين الصليبيين والمغول والأرمن، لكن كان فيه طرف كمان صارعه "الظاهر بيبرس" محكيتش عنه لأني كنت عاوزاه كده لوحده نتكلم عنه برواقة. "الظاهر بيبرس" في مجمل اللي كان فيه، كان له حكايات مع طائفة الاسماعيلية النزارية واللي معروفة ب"الحشاشين".
متهيقلي أنت أتفرجت على مسلسل الحشاشين وشفت "حسن بن الصباح"، ياريت بقى تعمل ديليت لكل اللي شفته ويمكن صدقته، وأدخل أقرا سلسلة الحشاشين عندي في صفحة عايمة في بحر الكتب، مش هتتعب كتير أعمل سيرش في الصفحة وهتلاقيهم هم 7 أجزاء بس.
بعد وفاة "الحسن بن الصباح" سنة 1124 ميلادية، منتهتش من بعده الطائفة - الاسماعيلية النزارية هي طائفة شيعية نادت ب"نزار بن المستنصر بالله الفاطمي" إمام من بعد خلعه من العرش علي إيد الوزير "الأفضل بن بدر الدين الجمالي" - اللي أسسها، بالعكس دي قويت أكتر من الأول، ومع توالي شيوخ الجبل من بعده، عم الفساد والبلاء البلاد، وبقوا سرطان متفحل في جسم البلاد الاسلامية. ومع بداية مجئ الحملات الصليبية على أرض الشرق، أصطدم الصليبيين بالحشاشين، وكان أصطدام عنيف الحقيقة، يعني كانت أغتيالات الحشاشين لأمراء والقواد الصليبيين نازلة عليهم الله ينور، وكان أشهرهم حادث أغتيال "كونراد دي مونتفيرات" قائد مملكة بيت المقدس سنة 1192 ميلادية. وكانت جرأة الحشاشين في تنفيذ أغتيالاتهم، وهو مش فارق معاه يتقتل ولا يتعذب، برجلت مخ الصليبيين اللي هم مجرد جنود مأجورة بيخافوا على حياتهم أكتر من أي حاجة، فملقوش تفسير لأصحاب العمليات دي غير أن عقولهم مغيبة وشاربين حشيش، وأطلقوا عليهم لقب الحشاشين، لكنهم في الحقيقة لا مغيبين ولا شاربين ولا حاجة من دي خالص، هم كانوا مجرد بينفذوا عملياتهم بناء عن أقتناع تام أنهم كده بيحاربوا لأجل عقيدة، وسبق ووضحت أن الحرب الناتجة عن أقتناع بعقيدة - أي كانت هي ايه زي ما فرسان المعبد والهوسبتاليين كانوا أشرس فرسان في الصليبيين عشان بيحاربوا بناء عن عقيدة - بتكون حرب شرسة بيهون فيها الروح ببساطة.
عقيدة طائفة الاسماعيلية النزارية كانت مستمدة من أهواء شيخ الجبل، بمعنى شيخ الجبل شايف أنهم أعداء يبقى حلال فيهم الاغتيال، شيخ الجبل شايف أنهم أصدقاء، يبقى حلال في أعداؤهم الاغتيال وهكذا، عقولهم كانت فعلا مغيبة بس مش من الحشيش، هي بس كانت في ايد شيخ الجبل، ولا تجادل ولا تناقش يا أخ على هتفهم أكتر من شيخ الجبل خسئت.
بمرور السنين، الصليبيين شافوا أن مواجهتهم للحشاشين خسرانة، أصلهم مش جيش نظامي، دي عصابة أخطبوطية دراعاتها موجودة تحت كل حجر. وهنا قرر الصليبيين أن أسلم حل هي مهادنة الحشاشيين والتصالح معاهم، ويبعتولهم الهدايا والعطايا شبة السنوية، وأهو أطعم الفم تستحي العين. وده اللي حصل فعلا، فجأة أتحول الصليبيين لأعز الأصدقاء بالنسبة للحشاشين، وبيحموهم وبيتفقوا مع بعض على قايمة أغتيالات في صفوف الجيش السني اللي بيحارب الصليبيين، وكان من أشهر الشخصيات اللي أتعرض لأكتر من محاولة أغتيال على ايد الحشاشين هو "صلاح الدين الأيوبي" وكل مرة كان بينجى منها بحفظ ورعاية الله. فضلت الأمور بين الصليبيين والحشاشين سمن على عسل، مليانة بأواصر الود والمحبة والتعاون ضد الجيش السني، بغض النظر مين القائد ما هي سنين طويلة بتمر ودول بتقوم ودول بتروح.
وفي سنة 1256 ميلادية جالهم يأجوج ومأجوج القرن ال13، المغول، الجراد اللي لا بيهمه بقى حشاشين من شيعة من سنة من صليبيين، هم واخدين في وشهم وبيدمروا الأخضر واليابس. دخلوا على قلعة ألموت - القلعة المنيعة الحصينة اللي أنهارت قصادها السلاجقة والصليبيين - دغدغوها ساووها بالتراب حرفيا، مبقاش منها مش أطلال كمان ده مجرد شاهد أن كان فيه هنا زمان تقريبا قلعة.
بعد أنهيار قلعة ألموت فقدوا قوتهم الرئيسية في إيران وأتشتت الحشاشين، لكن جت فرقة منهم وقعدوا في حلب وطرطوس تحت حماية الفرسان الهوسبتاليين، ما هو زيتهم في دقيقهم بقى. وأتغير الحال بدل ما كان الصليبيين بيدفعوا عطايا وهدايا للحشاشين، أتقلبت الآية وبقى الحشاشين بيدفهوا جزية للفرسان الهوسبتاليين بغرض الحماية. حاول الحشاشين أنهم يحافظوا على وجودهم في الشام وبدأوا يكونوا علاقات مع الأيوبيين جنب الصليبيين، لحد ما جالهم البعبع.
في وقت سلطنة "الظاهر بيبرس" تضاءل وضعف نفوذ الحشاشين في نفس وقت تصاؤل وضعف الصليبيين قصاده، ما هو في الوقت ده الحشاشين كانوا عبارة عن طفيلي عايش على قفا الصليبيين، فلما دول يتضاءلوا أكيد الطفيلي هينكمش. في سنة 1267 ميلادية لما السلطان "الظاهر بيبرس" أخد من فرسان الهوسبتاليين حصن الأكراد - راجع الجزء ال 17 - أشترط عليهم من ضمن شروطه واجبة النفاذ، أن يمتنع فرسان الهوسبتالية عن تحصيل الجزية من طائفة الاسماعيلية وأمراء حماه وشيزر وأفامية، وأتحولت الجزية اللي كان بيدفعها الاسماعيليين للصليبيين، وأصبح اللي بياخدها منهم السلطان "الظاهر بيبرس"، وكان كل شوية "بيبرس" بيرفعها عليهم.
في سنة 1270 ميلادية، شاف صاحب قلاع الاسماعيلية في الشام "نجم الدين الشعراني" أن الفلوس اللي بيدفعها للسلطان كتيرة أوي، فبعت للسلطان يستأذنه ويطلب منه يخفض من عليهم الجزية شوية، وكان رد السلطان "الظاهر بيبرس" عليه أنه بعتله أمر بخلعه من رئاسة القلاع - ياريتني ما طلبت - وحط مكانه "صارم الدين مبارك". وأنطلق السلطان "الظاهر بيبرس" من سنة 1270 لسنة 1273 ميلادية، وهو معدي ما بين البلاد اللي بيفتحها وياخدها من الصليبيين، ياخد كمان وهو معدي قلاع الاسماعيليين - الحشاشيين - في الشام واحدة ورا التانية كنوع من التسالي في الحرب. لحد ما فضى الشام كلها من الاسماعيلية النزارية وجابهم مصر - أيوه زي ما بقولك كده - فضلوا فيهاوأختلطوا بالناس ومنهم اللي دخل في الجيش وموجودين وسطنا حتى الآن.
تسمع عن الأغاخان؟. ده لقب بياخده زعيم طائفة الاسماعيلية النزارية حاليا، وزعيمهم الحالي هو الأمير "كريم الحسيني"، وهو صاحب صندوق تنموي كبير بيهتم بتجديد كل المعالم والآثار الفاطمية في مصر، واللي منه متفرع طائفة البهرة. ومن أعمالهم تجديد جامع الحاكم بأمر الله، وجامع الأقمر، وجامع السيدة نفيسة، وأنشاء حديقة الأزهر، وغيرهم.
ولحد سنة 1273ميلادية تعتبر حروب السلطان "الظاهر بيبرس" ضد الصليبيين توقفت، نصهم أسترد منهم أرض المسلمين، والنص التاني عمل معاهم معاهدات واتفاقيات. وفي المرحلة الجاية هيتفرغ تماما لصراعه مع المغول.
(يتبع)
تعليقات
إرسال تعليق