الظاهر بيبرس البندقداري 8
(8) السيد فهد السلطان "الظاهر بيبرس البندقدارى" أثبت أنه أسم علي مسمي. أول سنين حكمه كانت سنين صعبة جداً علي أى حاكم مفروض أنها سنوات إرتكاز حكمه. "بيبرس" بدأها كده بسم الله الرحمن الرحيم بالصراعات والمؤامرات والتمردات، وألف واحد طمعان في العرش، مش بس بين المماليك وبعضها، لا ده كمان من الشيعة والأيوبين. والثورات والتمردات كلها قامت مع بعض فى نفس الوقت وفى كل حتة من مملكته من الشام ومصر - هو كله ضرب ضرب - لو كانت مع حاكم تانى ضعيف أو مهزوز كان أنتهى بيه الحال مقتول أو معتقل. لكن مع "بيبرس" الأمر مختلف، كان ذكى وقوى وحاسب كل خطوة كويس وقادر يتعامل مع كل تمرد بالأسلوب المناسب زى ما حكينا في الجزء السابع.
من ضمن العصيان والتمردات اللي حصلت كان أخطرهم تمرد البيت الأيوبى. حكينا فى الجزء السادس أن بعد أنتصار السلطان "المظفر سيف الدين قطز" على المغول في عين جالوت، رجع الأمراء والملوك الأيوبيين تانى علي أماراتهم ولكن تحت حكمه وطاعته، وأنتقل الموضوع ل "بيبرس" بعد ما بقي السلطان أكيد.
ظهر صاحب الكرك الملك "المغيث عمر بن العادل بن الكامل الأيوبى" - أخو "الصالح نجم الدين أيوب" الصغير - اللى كان مستاء وغضبان لضياع كرسى السلطنة من الأيوبيين وراح للمماليك، وكان شايف أن ده حقه وحق الايوبيين مش حق العبيد، وكل يوم يعدى عليه يتقلب وكأنه قاعد على شوك ماهو القوالب نامت والأنصاص قامت. لحد ما فى يوم دخل الكرك مجموعة جنود أكراد من شهر زور - منطقة فى أقليم كردستان بالعراق - بيتحاموا فيه من هجمات المغول. أستغل الملك "المغيث عمر" الفرصة وضمهم فى جيشه - الأيوبين فى الأصل أكراد - وطلع بيهم يهجم علي ولاية الشوبك والولايات اللى جنبها، واللى كلهم تابعين لحكم "بيبرس"، ومش بس كده ده الملك "المغيث عمر" بعت رسايل للمغول بيطلب منهم التحالف للقضاء علي "بيبرس".
وصلت الأخبار للقاهرة، وسمع "بيبرس" بالترمد والتحرك العسكرى اللى نفذه الملك "المغيث عمر"، ووصلته كمان أخبار رسايله للمغول. المرة دى مكنش تمرد عادى زي باقى التمردات، المرة دى خطر حقيقي بيهدد المنطقة كلها، "المغيث عمر" عشان يحقق أطماعه الشخصية عاوز يدمر البلاد الاسلامية من تانى علي مبدأ أنا ومن بعدى الطوفان. وأكيد "بيبرس" من هيسمح لحاجة زى دي تحصل وتهد كل اللى مجهودهم فى تحجيم المغول. عشان كده "بيبرس" قفز زى الفهد وبقى في مقدمة جيشه طاير ناحية جيش الملك "المغيث عمر".
لما وصلت الأخبار للملك "المغيث عمر" عن تحرك "بيبرس" بنفسه بجيشه من مصر وجاى عليه. اللى خاف من مواجهة "بيبرس" وعرف أنها نهاية الأكراد و"المغيث" كانت أمه. فطلعت والدة الملك "المغيث عمر" وقررت تتصرف بدافع أمومتها، وجريت علي "بيبرس" فى ربيع الآخر سنة 661 هجرية/ 1262 ميلادية. قابلت والدة الملك "المغيث عمر" السلطان "الظاهر بيبرس" وقعدت تستسمحه وتتأسفله وتستعطفه - عيل وغلط ياخويا أمسحها فيا - فخجل "بيبرس" منها، وأكرم وفادتها وطمنها. لكن السياسة مفيهاش عواطف، واللى عمله "المظفر عمر" فى أتصاله مع المغول، خيانة وجريمة لا تغتفر، ولو عداها "بيبرس" أكراماً لوالدة "المظفر"، ألف مظفر تانى هيطلع ويستحلى الخيانة من أجل المصالح. فكان لازم هنا يضرب الجانى بأيد من حديد.
بعتت والدة "المظفر عمر" وقالتله أن السلطان خلاص سامحك وعفا عنك بس تعالى أعتذرله. لكن "المظفر عمر" أعترض، فبعتله "بيبرس" اللى قبض عليه وجابوهوله، وفضحه بالرسايل اللى كانت بينه وبين المغول، وحكم عليه بالسجن فى قلعة الجبل بالقاهرة، وفضل "المغيث عمر" مسجون لحد ما أتقتل جوا السجن. وأستولى "بيبرس" علي قلعة الكرك، وفى سكة رجوع "الظاهر بيبرس" للقاهرة جاله خبر وفاة "الأشرف بن شيركوه" صاحب حمص، وبكده أرتاح "بيبرس" أكتر عشان "الأشرف بن شيركوه" كان أخر ملوك الولايات من الأيوبيين، وبكدة أنتهى البيت الأيوبى وأختفى من المشهد السياسى.
بعد سلسلة التمردات والثورات اللى حصل علي "بيبرس" وحكمه واللى حكيناها في الجزء ده والجزء السابع. فكر "بيبرس" الطموح لتأسيس قواعد دولة تعيش أجيال، أن حلمه مش هيتحقق بالطريقة دى مهما كان الكترة بتغلب الشجاعة، وهيجى الوقت اللى ممكن يضعف فيه أو يتخان ويلاقى نفسه بين يوم وليلة برة كرسى السلطنة أو برا الحياة عموماً. "بيبرس" كان مدرك كويس أنه تسلق الحكم من باب القوة لكنه والمماليك طلعوا ولا نزلوا مجرد عبيد، ملهمش جدر ولا أصل يتحاموا فيه ويتسندوا عليه. "بيبرس" كان محتاج سند يتحامى فيه ويخرس بيه كل الألسنة ويوأد بيه كل التمردات. المثل بيقول اللى ملوش كبير بيشتريله كبير، حتى لو الكبير ده خيال مآتة بس الناس بتحترمه. وهنا جت الفكرة ل "بيبرس" أنه يعيد أحياء الخلافة العباسية وتكون مقرها فى القاهرة.
أسفة على قصر الجزء ده لظرف مرض أبنى، ومكنتش عاوزة أطول عليكم فى تتابع الأجزاء، ان شاء الله أعوضها الجزء الجاى.
(يتبع)
مروة طلعت
تعليقات
إرسال تعليق