بيبرس البندقداري 2
(2) عاش "بيبرس البندقداري" كواحد من أهم وأقوي قواد فرق جيش "الملك الصالح نجم الدين أيوب" ملك مصر والشام، واللي يعتبر أقوي سلطان أيوبي من بعد جده "صلاح الدين الأيوبي". "صلاح الدين" صاحب معركة من أشهر معارك الاسلام وهي معركة حطين ومحرر بيت المقدس. جه ابن أخوه "السلطان الكامل الايوبي" ومرجع بيت المقدس تاني للصليبيين في واحدة من المعاهدات اللي حصلت بين "الكامل" والصليبيين". لما تقلد "الملك الصالح نجم الدين أيوب بن الملك الكامل" حكم مصر، كان أول هدف في حياته أنه يرجع تاني بيت المقدس من أيد الصليبيين.
قال "الصفدي" في كتابه الوافي بالوفيات يوصف "الملك الصالح نجم الدين أيوب": "كان الملك الصالح ملكًا مهيبًا جبارًا ذا سطوة وجلالة، وكان فصيحًا، حسن المحاورة، عفيفًا عن الفواحش". ووصفه "أسماعيل أبو الفدا" في كتابه المختصر في أخبار البشر وقال: "كان مهيبًا عالى الهمة، عفيفًا طاهر اللسان والذيل، شديد الوقار، كثير الصمت، وجمع من المماليك الترك ما لم يجتمع لغيره من أهل بيته، حتى كان أكثر أمراء عسكره مماليكه".
لما أستقر "الملك الصالح نجم الدين أيوب" في حكم مصر اللي أمراءها وأهلها رحبوا بيه وأستبشروا بيه لخصاله وطريقته الوقورة المتدينة، ساعتها بدأ يفرش لنظام حكمه، وأول حاجة أهتم بيها كان الجيش، لأنه عصايته وقوته، ودراع صد المؤامرات، والهجوم في الحروب أساس الدفاع. عشان كده أسس جماعة المماليك البحرية، وأتسموا كده عشان سكنوا في جزيرة الروضة علي النيل، وزمان كانوا بيسموا النيل بحر. قدر "نجم الدين أيوب" يربي مماليكه البحرية أحسن تربية والتربية دي نفعت مش بس في عهده، ده طلع منهم أقوي سلاطين المماليك زي "بيبرس" و "قلاوون" و "محمد بن قلاوون"، اللي قدروا يشطبوا علي الصليبيين والمغول نهائيا.
في سنة 642 هجرية/ 1244 ميلادية، جهز "الملك الصالح نجم الدين أيوب" جيشه اللي ضم فيه جنب جيش مماليكه، جنود خوارزميين بعد ما الدولة الخوارزمية - كانت حاكمة أجزاء كبيرة من آسيا الوسط وغرب إيران - أنهارت علي أيد المغول وقتل أخر سلاطينهم "جلال الدين الخوارزمي"، وتشتت شعبها وجيشها. فكانت فرصة ل"الصالح نجم الدين أيوب" أنه يستعين بالجنود الخوارزميين جنب جيش مماليكه في مواجهته المصيرية ضد الصليبيين في بيت المقدس. وضم كمان معاهم في جيشه جنود الكرك - اللي كان والي عليهم قبل ما يبقي سلطان - وعربان المصريين، وأتحالف مع "الملك المنصور محمد" صاحب حماه، فاكرينه اللي مرضاش يشتري "بيبرس".
في 17 أكتوبر 1244ميلادية الموافق 13 جمادي الأولى 642 هجرية، أشتبك جيش "الملك الصالح نجم الدين أيوب" العظيم ده، مع جنود الصليبيين في شمال شرق غزة في معركة لافوربى، واللي سماها الصليبيين معركة حطين التانية بسبب كترة عدد القتلي في صفوفهم يومها واللي وصل عددهم ل 5000 وأنهزامهم شر هزيمة. واللي أنهزم من جيش "الملك الصالح نجم الدين أيوب" يومها بس جناح "الملك المنصور محمد" اللي مستحملش الضغط عليه وطلع يجري علي حماه بلده، ما هو لو كان أشتري "بيبرس" من الأول مكنش أنهزم😆😆. وبعد يومين وصلت أخبار النصر للقاهرة مع دخول الأسري الصليبيين وهم مكبلين في السلاسل مجرورين ورا جنود المماليك المنتصرة، وقامت الأحتفالات وأتعلقت الزينة، وعليت الزغاريد والتهاني والتكبيرات بالفرحة والنصر، والكل بيهتف بحياة "الملك الصالح نجم الدين أيوب" العظيم. وفي يوم 3 من صفر 642هـ/ 11 من يوليو 1244م، دخل جنود المماليك والعربان والخوارزميين بيت المقدس وحرروها من الصليبيين ومن يومها فضل بيت المقدس محرر نت أي دنس طوال 7 قرون لحد الاستعمار الانجليزي، بفضل "الملك الصالح نجم الدين أيوب"، وجيشه القوي.
لما بيت المقدس راح من ايد الصليبيين للمرة التانية، ثارت البابوية في أوروبا. وفضل ينادي ويدعوا ملوك أوروبا بالانتفاضة والهجوم علي "الملك الصالح نجم الدين أيوب" عشان ياخدوا منه بيت المقدس. لكن كانت نداءاتهم كلها في الهوا، محدش من ملوك اوروبا كان متحمس للحرب دي. في الوقت ده كان ملك فرنسا "لويس التاسع" مريض مرض عضال، لما سمع نداءات البابا للحرب، ندر ندر أنه لو خف من مرضه هيقوم ويحارب المسلمين ويرجع بيت المقدس. وفعلا خف "الملك لويس التاسع" وطبعا اعتبرها علامة انه لازم يوفي بندره. وبدأ يجهز جيشه ومعداته وسفنه للحرب. بعت للبندقية (فينيسيا) واللي كانت أشهر مدن أوروبا في صناعة السفن، بيطلب منهم يجهزوله سفن لأسطوله الحربي. لكن البندقية رفضت عشان كان بينها وبين مصر علاقات اقتصادية كبيرة ومهمة، أهم من "لويس التاسع" وحروبه شخصيا، والمصالح لما تتصالح بتكسب. فاضطر يستعين بمرسيليا وجنوة، وجهز حملته ومعداته وجنوده وساب فرنسا لأمه "الملكة بلانش القشتالية" واتحرك أسطوله بالحملة الصليبية التاسعة سنة 1248م الي مصر.
في الوقت ده كان "الملك الصالح نجم الدين" في الشام بيخلص مشاكل وفرض سلطة ونفوذ مع أمير حمص المنشق عنه. وهو في حمص وصلته اخبار الحملة الصليبية اللي داخلة علي مصر. في الوقت ده كان "الملك الصالح نجم الدين أيوب" بيعتمد أعتماد كبير علي زوجته "شجر الدر"، وكان بيشركها معاه في أمور الحكم. ومش بس كده ده كان معودها تحكم من الألف للياء البلد طوال مدة ما هو بيبقي خارج مصر، يعني تبقي مكانه علي العرش مؤقتا لحد ما يرجع، يعني "شجر الدر" كانت نائب "الملك الصالح نجم الدين أيوب" في الحكم.
بعت "الملك الصالح نجم الدين أيوب" رسالة ل "شجر الدر" بيحذرها فيه بهجوم الصليبيين بحملة علي مصر. "الملك الصالح" كان بيثق في "شجر الدر" ثقة عمياء وعارف أنها قدها لحد ما يرجع، وهي كانت قد ثقته وأكتر، وبكل ثبات أنفعالي بعتت "شجر الدر" رسايل في الحال لكل أمراء المماليك في كل حتة في مصر، قالتلهم قوموا عندكوا طالعة. اتجمع المماليك فورا علي جناح السرعة من كل مكان تحت قيادة الأمير المملوكي "فخر الدين يوسف بن شيخ الشيوخ" قائد الجيش. وبدأ في تجهيز الجيش وتنظيمه، زي ما وجههم "الملك الصالح" طلعوا علي دمياط، حصنوها وحطوا الاسلحة والمتاريس والمجانيق فيها، عشان "الملك الصالح" من خبرته مع الصليبيين، وحروبهم القديمة في مصر، كان متأكد انهم هيدخلوا من دمياط. وبعت الملك "الصالح نجم الدين" رسالة لشيخ قبيلة عرب كنانة يطلب منهم الإنضمام لجيش المماليك، عشان مشهور عنهم الشجاعة في الحروب. وبعت كمان اسطوله علي مصر مليان بالمؤن والذخيرة والاسلحة ومعدات الحرب علي دمياط.
وأخيرا وصل ل"شجر الدر" رسالة من جوزها "الملك الصالح نجم الدين أيوب" بيقولها أنه راجع علي دمياط. وفي دمياط فوجئت "شجر الدر" بمنظر حبيبها وزوجها "الملك الصالح نجم الدين أيوب" وهو داخل عليها متشال علي محفة من المرض في قلعة دمياط، وهي دي المفاجأة اللي كان مخبيها عليها، أنه مريض جدا، وأمتي في وقت لازم يكون فيه في أوج قوته وسط مماليكه.
ياتري أيه اللي هيحصل في الموقف الحرج ده والصليبيين داخلين بحملة قاصدين فيها مصر وسلطانهم مريض في مرض الموت، هتتصرف ازاي "شجر الدر" والأهم فين "بيبرس البندقداري" من ده كله وهيعمل ايه؟؟؟. ده اللي هنعرفه الجزء الجاي ان شاء الله.
(يتبع)
مروة طلعت
تعليقات
إرسال تعليق