الحسن بن الصباح (الحشاشين)

الحشاشين...

لا دي مش قعدة أنس، دي قعدة رعب وموت وفزع. الحشاشين أسم أطلق علي واحدة من أشهر المنظمات أو الحركات الار.ها.بية في التاريخ واللي رعبت العالم علي مدار 3 قرون، بلغت فيهم من القوة والسيطرة درجة محصلتش قبلها قبل كده، لدرجة أن من شدة قوتها والرعب اللي عملته في العالم أتنسج حولها الأساطير والحكايات الخرافية من شدة ماهي كانت أصلا رعب فوق الخيال.

بعد المعارك اللي دارت بين السلطان السلجوقي "سنجر بن ملكشاه" وطائفة الحشاشين في محاولات منه أنه يقضي علي الطائفة الملعونة. في يوم صحي السلطان من النوم وبيتقلب كده لقي خنجر مغروز في المخدة جنب راسه وفيها رسالة بخط ايد "حسن بن الصباح" وختمه بيقوله فيها "كان من الممكن أنْ يُغرَس في صدرك”. وبسبب رعبه من الحركة دي قرر "سنجر بن ملكشاه" يتفاوض مع "حسن بن الصباح" ويتجنبهم خالص طول فترة حكمه. مفيش رعب بقي أكتر من كده، دول وصلوا لأوضة نوم السلطان، فاهم يعني ايه عدوا من قصر السلطان وعدوا من حراسه، والله أعلم ان مكنش أصلا الحراس تبعهم، زي ما عملوا بعد كدة مع السلطان الناصر "صلاح الدين الأيوبي" وأكتشف أن أقرب حراسه أصلا حشاشيين ونجا من محاولة أغتيالهم بأعجوبة وحماية ربنا بسبب الدروع اللي كان لابسها تحت هدومه..

ده كان مثال بسيط جدا عن الحشاشيين وهنسرد بالتفصيل باقي حكاياتهم، بس قبل الحكاية لازم نعرف البداية، والبداية كانت عند شيخ الجبل "الحسن بن الصباح".

سنة  430 هـ 1037 م، أتولد "حسن بن على بن محمد الصباح الحِميري" في مدينة قم في ايران جنوب العاصمة طهران حاليا، أتولد في أسرة شيعية علي مذهب الاثنا عشرية. ومن بعد ولادته انتقلت أسرته وعاشت في مدينة الري جنوب شرق طهران العاصمة حاليا. وكان الفرق بين قم والري، أن قم كانت مقر مذهب الاثنا عشرية الشيعي أما الري كانت بتدين بمذهب الاسماعيلية الشيعي. فلما راح "حسن بن الصباح" الري، وأندمج فيها وبقي فيها أصحابه ومعلمينه، واللي كان فيها طالب علم مجتهد جدا وباحث دؤوب في كل فروع العلوم، لحد ما قابل رجل علي المذهب الإسماعيلي الباطني أسمه "عميره زاراب" اللي قدر يقنعه بمذهبه لحد ما غير "حسن بن الصباح" مذهبه وهو عنده 17 سنة للمذهب الإسماعيلي الباطني. والإسماعيلية الباطنية يتفقوا مع عموم المسلمين في وحدانية الله ونبوة محمد صلي الله عليه وسلم ونزول القرآن المُوحى، وإن كانوا يختلفوا معهم في أن القرآن يحمل تأويلا باطنا غير تأويله الظاهر، عشان كده أتسموا الباطنية والاسماعيلية نسبة لإمامهم "إِسْمَاعِيلْ بْنْ جَعْفَرْ بْنْ مُحَمَّدْ بْنْ عَلِي بْنْ اَلْحُسَيْنْ بْنْ عَلِي الهَاشِمِيِّ القُرَشِيِّ" والمعروف ب "إسماعيل المبارك".

مجموهة المذهب الإسماعيلية الباطنية في الوقت ده كانوا بيدينوا للولاء للخليفة الفاطمي في مصر، وعشان ينضم "حسن بن الصباح" للمذهب بالكامل لازم يعطي يمين الطاعة والولاء للخليفة الفاطمي. وفي صيف سنة 1072م، بيوصل كبير الدعاة الاسماعيليين في غوب ايران والعراق الملك "عبد الملك بن عطاش" لمدينة الري، ووقتها بيقابله "حسن بن الصباح" ويأدي قصاده يمين الطاعة والولاء للخليفة الفاطمي اللي موجود في مصر. ووافق الملك "عبد الملك بن عطاش" علي أنضمامه في المذهب الاسماعيلي الباطني، وأنبهر بثبات وقوة شخصية "حسن بن الصباح" وحجته القوية في الكلام وعلمه وثقافته لأنه كان دودة كتب، وأهم حاجة طريقة أقناع المتلقي بكلامه وكأنه ساحر أو منوم مغناطيسي، فقرر يستغل مواهب "حسن بن الصباح" القيادية الواضحة دي وعينه واحد من الدعاة وحددله مهامه في الدعوة وطلب منه يسافر مصر عشان يسجل أسمه في البلاط الفاطمي كواحد من الدعاة الأقوياء المؤثرين للمذهب.

وبدأ "حسن بن الصباح" يجهز نفسه ويهيأ نفسه للمرحلة الجديدة في حياته وأندمج في صفته الجديدة كداعية للمذهب الاسماعيلي الباطني لحد سنة 1076م. خرج من مدينة الري وسافر لأصفهان مدينة ايرانية جنوب طهران العاصمة حاليا، وهناك تقلد رئاسة الدعوة الاسماعيلية الباطنية فيها. وبعدها راح أذربيجان من بلاد القوقاز، ومنها علي ميتافارقين في تركيا حاليا واللي فيها عمل مشكلة كبيرة لما أنكر سلطة علماء السنة وأصر على إن الإمام وحده هو اللي ليه الحق في تفسير الدين، وهنا كان قرار قاضي القضاه بطرد "حسن بن الصباح" من ميتافارقين. الحقيقة أن "حسن بن الصباح" كان بيحب الشو والظهور فتلاقيه بيقوم الفتن، ويروج لفتاوي صادمة عشان الناس تفضل تتكلم عليه ويبقي ملو السمع والبصر، يعني أنت داعية شيعي لمذهب معين فيه مالك أنت ومال أئمة السنة، بس هو لازم كده طبيعته عاوزة القلق ده حواليه.

ومن ميتافارقين أنطلق لبلاد الشام ومر علي سوريا وبيروت وفل.سط.ين، وكل ده هو عابر كداعية للمذهب الاسماعيلي الباطني، وفي كل بلد برده كان لازم يحط التاتش بتاعه ويسيب بصمته ويمشي. ومن سواحل فل.سط.ين ركب سفينة ونزل اسكندرية سنة 1078م.

مصر في الوقت ده كانت تحت حكم الخليفة "المستنصر بالله الفاطمي" ومن أسمه طبعا هيجي في بالنا الشدة المستنصرية ودي هتلاقوا حكايتها بالتفصيل من ضمن حكايات كتابي حدوتة مصرية. في سنة 1078م كانت مصر عدت الشدة وكانت في بداية عصر حكم الوزراء في الدولة الفاطمية، بمعني أن الوزير هو الكل في الكل والخليفة الفاطمي ماهو الا منصب شرفي بيحكم الوزير بأسمه. قعد "حسن بن الصباح" في مصر 3 سنين لف ودار فيها ما بين اسكندرية والقاهرة، ولما شاف وضع الحكم معجبوش أن الخليفة الفاطمي اللي "الحسن" بيدين له بالولاء يبقي منظر بالشكل ده. وكعادته في اختلاق الفتن والقلق وبصفته رئيس الدعوة الاسماعيلية الباطنية في أصفهان قعد يصيح ويهلل أن شكل الحكم في مصر باطل، مع أن الناس كانت عيشتها ارتاحت بعد الشدة ومبسوطين وأخيرا شموا نفسهم في رخاء بعد القحط، لكن ازاي لازم ينغص عيشتهم كده ويعمل انقسامات. 

لكن "حسن بن الصباح" مكنش واخد باله هو بيخاصم مين، ده كان بيناطح في الوزير السيد الأجل أمير الجيوش "بدر الدين الجمالي" منقذ مصر من الشدة ومنقذ المستنصر نفسه. "الجمالي" شاف في "الصباح" خطر وقوة ضاربة في مخططاته المستقبلية، لأن "الجمالي" في الوقت ده بيحوم ويزن علي ودان "المستنصر" أنه يدي ولاية العهد لأبنه الصغير "أحمد المستعلي" بدل أبنه الكبير "نزار"، عشان "المستعلي" يبقي ابن بنت "الجمالي" فيضمن ارتكاز أركان حكمه ويغلغلها ليه ولأولاده من بعده. وصياح "حسن بن الصباح" ده خطر ممكن يهدد كيانه. وهنا تصارع قوتين كل منهم ليها تقللها ومخططاتها بس "الجمالي" علا علي "الصباح" وكسب وخد من الخليفة "المستنصر" نفسه اللي "الصباح" بيحاميله أمر بالقبض علي "الصباح" ورماه في السجن في دمياط. ولولا أن "حسن بن الصباح" رئيس الدعوة الاسماعيلية الباطنية في أصفهان مركز الدعوة التابعة للفاطميين، كان "بدر الدين الجمالي" خلص عليه خالص ماهو مش هيكون أعز عليه من ابنه اللي قتله لما وقف قصاده. لكن "بدر الدين الجمالي" أكتفي بنفي "حسن بن الصباح" من مصر وشحنه علي مركب خارجة من اسكندرية رايحة المغرب.

أحيانا لا تأتي الريح بما تشتهي السفن، المرة دي اتنفذت حرفيا، والمركب اللي شايلة "حسن بن الصباح" تاهت في البحر وغيرت مسارها وغرقت كمان، عشان يلاقي "الحسن بن الصباح" نفسه مرمي علي شواطئ عكا بالشام في رجب سنة 1081م. ده كان من حسن حظه ولسوء حظ العالم الاسلامي كله. وللحديث بقية

(يتبع)

 مروة طلعت

10 / 2 / 2024

#عايمة_في_بحر_الكتب

#الحكاواتية

#بتاعة_حواديت_تاريخ

المصادر:-

دولة النزارية - طه شرف.

حركة الحشاشين تاريخ وعقائد أخطر فرقة سرية في العالم الإسلامي - د/ محمد عثمان الخشت.

طائفة الإسماعيلية تاريخها، نظمها، عقائدها - د/ محمد كامل حسين.

الدولة الفاطمية في مصر سياستها الداخلية ومظاهر الحضارة في عهدها - د/ محمد جمال الدين سرور.

الكامل في التاريخ ج9 - ابن الأثير.

البداية والنهاية ج 16 - ابن كثير.



تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

الراشد العمري 9

الليث بن سعد 5

الليث بن سعد 6