الحسن بن الصباح 4 (الحشاشين)
الحشاشين 4 ...
دخل واحد من طائفة "حسن بن الصباح" عليه في غرفته وهو قاعد بيكتب ويدون مراسلاته وأوامره، وبلغه بنجاح عملية قتل وزير الدولة السلجوقية "نظام الملك"، فساب ريشته في دواية الحبر وبصله وقاله بهدوء وراحة: "قتل هذا الشيطان هو بداية البركة".
بعد وفاة الوزير العادل "نظام الملك" علي ايد قاتل من طائفة "حسن بن الصباح" غدر. توفي بعده بوقت قصير جدا السلطان السلجوقي "ملكشاه بن ألب أرسلان"، وأصبح السلطان من بعده ابنه "سنجر بن ملكشاه". عين السلطان "سنجر"، "فخر الدين بن نظام الملك" وزير له، وهو يبقي أكبر أبناء "نظام الملك". فيه كلام صادفته بيقول أن "ملكشاه" هو اللي سلط "حسن بن الصباح" يقتل "نظام الملك" عشان سطوة "نظام الملك" ونفوذه وهيمنته علي الحكم. والكلام ده مبني علي أن "نظام الملك" كان معين أسرته كلها في المراكز الهامة والحساسة في الدولة، وأن من بعد وفاة "نظام الملك" حصل صراع بين أبناؤه علي كرسي الوزارة، وصراع تاني بين أبناء "ملكشاه" علي السلطنة، وبسبب الصراع ده حصل تفكك في الدولة السلجوقية فكل واحد من أبناء "ملكشاع" خدله حليف من أبناء "نظام الملك" وبقوا يتخانقوا ويصارعوا بعض، وسايبين "حسن بن الصباح" مبسوط وبيتفرج من قلعة ألموت.
"نظام الملك" أتقتل سنة 1092م، و "فخر الدين" أتعين وزير سنة 1095م، بعد 3 سنين صراع بينه وبين أخواته وكل واحد يقعد في كرسي الوزارة التاني يخلعة ويقبض عليه ويقعد مكانه، لحد ماوصلت أخيرا ل"فخر الدين" اللي قعد فيها لحد سنة 1099م.
نسيب الصراعات اللي في الدولة السلجوقية دلوقتي، ونبص كده بصة علي مصر والدولة الفاطمية اللي الطائفة الاسماعيلية الباطنية بتاعة "حسن بن الصباح" تابعة ليهم. في الجزء الأول من السلسلة حكينا الصراع اللي حصل في مصر بين "حسن بن الصباح" ووزير مصر "بدر الدين الجمالي"، وقولنا أن من نتائج هزيمة "حسن بن الصباح" فيها كانت قراره بعمل طائفة خاصة بيه ووصوله لقلعة ألموت.
فاكر لما حكيتلك أن "بدر الدين الجمالي" نفي "حسن بن الصباح" عشان ميبوظش خطته اللي راسمها في توريث عرش الخلافة الفاطمية لحفيده من بنته "أحمد المستعلي بن المستنصر بالله" أصغر أبناء الخليفة الفاطمي "المستنصر بالله" بدل الوريث الأصلي "نزار بن المستنصر بالله". خطة "الجمالي" أتنفذت زي ماهو عاوز وأخد من الخليفة "المستنصر بالله" ولاية العهد ل "أحمد المستعلي" ومن بعدها مات "بدر الدين الجمالي" سنة 1094م، بعد ما مسك الوزارة لأبنه "الأفضل شاهنشاه بن بدر الدين"، ووراه علي طول مات الخليفة "المستنصر بالله" في نفس السنة. وعلي طول أخد "الأفضل" ابن أخته الطفل "أحمد المستعلي بن المستنصر" وقعده علي عرش الخلافة الفاطمية مكان أبوه، وواكل حق الابن الكبير "نزار بن المستنصر بالله" في الحكم.
طبعا الدنيا مكنتش هادية خالص لا من ناحية "نزار" ولا من ناحية أنصاره اللي كان منهم "حسن بن الصباح" واللي قال أنه لما كان في مصر سأل بنفسه الخليفة "المستنصر بالله" عن مين الخليفة بعده فقاله ولدي "نزار"، ودي كدبة بيقوي بيها موقفه لأن كل المؤرخين أكدوا أن "الحسن بن الصباح" عمره ماقابل الخليفة "المستنصر" شخصيا، وبعدين أكيد "بدر الدين الجمالي" مكنش عبيط أنه يسمح لل "الصباح" يقابل "المستنصر" وينفرد بيه. بالنسبة ل "نزار بن المستنصر بالله" فلم أنصاره في مصر وكون جيش حارب بيه جيش "الأفضل" و"المستعلي" في أسكندرية اللي كانت مع "نزار" في أحقيته للحكم، وهناك أنهزم جيش "نزار" وأتأسر ورجع مرمي في سجون أخوه الخليفة "المستعلي".
بالنسبة ل "حسن بن الصباح" فلقاها فرصة مناسبة جدا للصياح، ويكون له قضية محددة يقدر يخدع بيها الناس ويجمع من وراها أنصار في طائفته. وخرج "حسن بن الصباح" بدعوة جديدة وخطب رنانة، وأعلن انشقاقه من تبعية الدولة الفاطمية الغاصبة لحق "نزار"، وخالفت مبادئ الاسماعيلية الباطنية، وكون لنفسه دعوة جديدة غرضها الدفاع عن حق "نزار" في الخلافة وسماها الاسماعيلية النزارية الباطنية، وخلا إمام دعوته هو "نزار بن المستنصر بالله". طبعا هو لا رجع الحق ل "نزار" - مات أصلا في سجنه في أسكندرية - ولا هوب ناحية مصر ولا خرج من قلعته خالص، بس أهي شعارات تلعب علي عواطف الناس البسيطة الساذجة، فيسمعوه ويتعاطفوا ويستحلوا كلامه ويصدقوه ويتحمسوا وراه وهوب بقوا في الطائفة صم بكم عمي فهم لايعقلون. المضحك بقي أن "نزار" لما مات وقع "حسن بن الصباح" في حيرة لأن قوام دعوتهم لازم يكون لها إمام يمشوا وراه، وعشان دعوته متبطلش ومولد اللطم اللي ناصبه مينفضش، قالك أن "نزار" مامتش ده أختفي دلوقتي وهيظهرويكون المهدي المنتظر. وبعدين طلع كلام بقي أن حفيد "نزار" هرب واستخبي في قلعة ألموت وهيبقي أمتداد لجده "نزار"، ومرة تانية يتقال أن فيه جارية ل"نزار" كانت حامل وهربت لقلعة ألموت وولدت فيها، المهم أن الدعوة قائمة وباقية وخلاص.
في سنة 1096م، في عز الصراعات والانشقاقات بين أبناء السلطان السلجوقي الراحل "ملكشاه"، ظهر ظابط في الجيش السلجوقي أسمه "مظفر". كان من أهم الظباط في الجيش من حيث القوة والذكاء والجدارة، وبسبب الصفات دي بقي يتدرج في صفوف الجيش لحد ما وصلت للأمارة، وأصبح أمير دمغان وقلعتها الحصينة اللي كانت علي طريق حيوي ورئيسي ين خراسان وغرب ايران. وأول ما مسك الأمارة، أهتم بالقلعة جدا ورممها وهيأها وصلحها وسلحها خلاها أقوي من الأول، وكله من ميزانية السلاجقة طبعا. وبعد ما خلص وتمام قفلها وأعلن أنه اسماعيلي نزاري باطني من طائفة "حسن بن الصباح" بووووم. وبكدة أصبحت قلعة بشرق البرج كمان تابعة ل"حسن بن الصباح"، ودي كانت خبطة قوية للسلاجقة لأنه أصبح في قلبهم بيهدد طريقهم الرئيسي لخراسان.
بدأت الأمور تفلت من ايد السلاجقة ودعوة "حسن بن الصباح" بدأت تنتشر في كل بلاد فارس زي النار في الهشيم، وأعداد أتباع "حسن بن الصباح" بقوا يزيدوا بشكل مرعب، حتي في أصفهان نفسها مقر حكم الدولة السلجوقية، وكل من له تار مع السلاجقة بدؤا ينضموا ويتحالفوا مع "الصباح".
ومع سيطرتهم علي قلعة شاه ديز وقلعة خالنكان القريبين مع أصفهان، في سنة 1099م، حشد "فخر الدين بن نظام الملك" وزير السلجوقيين جيشه وطلع علي قلعة ألموت في هجوم علي "حسن بن الصباح" اللي مبيخرجش منها أبدا. لكن بسبب وعورة طريق القلعة اللي وصفناها في الجزء التالت وتحصيناتها المتينة، وكمان زياده أعداد الاسماعيليين عن أخر مرة فكان فيه دفاع قوي عن القلعة، ده أدي الي فشل برده الهجوم كمان المرة دي.
وأن كان "فخر الدين بن نظام الملك" مبيتحركش ضد "حسن بن الصباح" الا بعد فترة من الزمن، ف"حسن بن الصباح" بقي نابه أزرق وبيحب يخبط ع الحديد وهو سخن ومبيسيبش تاره يبرد. في يوم عاشوراء سنة 1099م، كان الوزير "فخر الدين" صائم ومدعوا للفطار مع السلطان "سنجر بن ملكشاه" في قصر نيسابور. صبح اليوم قعد مع أصحابه وقالهم: "رأيت الليلة في المنام الحسين بن علي عليه السلام وهو يقول: عجل إلينا وليكن إفطارك عندنا وقد اشتغل فكري به ولا محيد عن قضاء الله وقدره"، فرد أصحابه عليه: "يحميك الله والصواب أن لا تخرج اليوم والليلة من دارك". وقضي يومه يصلي ويقرأ القرآن وتصدق بفلوس كتيرة. ووقت العصر خرج الوزير "فخر الدين بن نظام الملك"، وهو ماشي سمع واحد بيصرخ بحرقة ويستنجد ويقول: "ذهب المسلمون فلم يبق من يكشف مظلمة ولا يأخذ بيد ملهوف" فبعت حراسه يجيبوله اللي بيصرخ ده يشوف ماله فلما جه قاله "فخر الدين": "ما حالك"، راح الراجل مديله ورقة مظلمته. هي هي نفس موتته أبوه لا زادت طعنة ولا نقصت، مجرد ما فتح الورقة وأنشغل بيها خرج الرجل خنجره وطعن بيه "فخر الدين" صاحب ال 66 سنة بس المرة دي مات في الحال منطقش عكس أبوه "نظام الملك"، حتي مسمعش جملة الاسماعيلي وهو بيقوله: "هذه هدية من شيخ الجبل السيد حسن الصباح". وللحديث بقية ...
(يتبع)
مروة طلعت
14 / 2 / 2024
#عايمة_في_بحر_الكتب
#الحكاواتية
#بتاعة_حواديت_تاريخ
المصادر:-
دولة النزارية - طه شرف.
حركة الحشاشين تاريخ وعقائد أخطر فرقة سرية في العالم الإسلامي - د/ محمد عثمان الخشت.
طائفة الإسماعيلية تاريخها، نظمها، عقائدها - د/ محمد كامل حسين.
الدولة الفاطمية في مصر سياستها الداخلية ومظاهر الحضارة في عهدها - د/ محمد جمال الدين سرور.
الكامل في التاريخ ج9 - ابن الأثير.
البداية والنهاية ج 16 - ابن كثير.
تعليقات
إرسال تعليق