سوق العايقة (ريفيو)
قرأت رواية "سوق العايقة" للدكتورة الكاتبة "علا عبد المنعم"، الصادرة عن دار أفلاك، في طبعتها الأولي، بعدد صفحات 174 صفحة.
بعد أنقطاع طويل عن قراءة الروايات، أستطاعت رواية "سوق العايقة" أن تجبرني علي العودة، والقراءة بذهن متيقظ، علي عكس المعتاد مني الفترة الأخيرة من زهد للأسف في قراءة الروايات. لعل ما جذبني لقراءتها هو صورة غلافها التي نمت عن حقبة تاريخية ترجع للنصف الأول من القرن العشرين، برداء المرأة للملاية اللف والبرقع أو اليشمك الزي الفلكوري للنساء في الأحياء الشعبية قديما، والطربوش الذي يرتديه الرجل كعلامة للعهد الملكي، إلا أن عصابة عينيه كما يحدث في صور الجناة بصفحات الحوادث، تعطي إيحاء بوجود جريمة ما. الغلاف ككل مع دمج اللونين الأزرق والأصفر معبرين للغاية عن إظهار جانب من الأحداث الزمنية وربطهم مع أسم الرواية، له دور مهم جدا في وعد القارئ بأحداث شائقة.
الرواية لها بطلتان رئيسيتان "توبة وبسيمة"، لكنهما بطلتان بعيدتان كل البعد، مكانيا وحياتيا وزمنيا، قد يربط بينهما حياتهما التعسة. منذ بداية الرواية والكاتبة جعلت حكايتهما كشريطي قطار، متوازيين لكنهما لا يلتقيان. في بداية الرواية وغند أنتقال الكاتبة ما بين الشخصيتين، كنت أتساءل ما العلاقة بينهما فتلك في عالم غير الأخري، وظللت في تلك الحيرة حتي نهاية الرواية وتشابك الأحداث التي أوضحت الرؤية في النهاية.
تقوم الرواية علي أساس أسم "العايقة" تلك الغانية صاحبت وكر الدعارة الذي كان متعارف عليه في الفترة الملكية، والتي كانت مهمتها مراقبة الأمور، وأطلاق السحابات لسحب الفتيات لوكرها، وفرض الحماية لأعمالها التي كانت مصرحة وقتها. هنا "العايقة" مجرد لرمز للدنيا الغانية الساحبة القاسية.
شعرت أثناء قراءتي لحكاية "بسيمة"، كأن الكاتبة أستمدت روحها من روح "سيدة" في رواية "نحن لا نزرع الشوك" ل "يوسف السباعي"، ولكنها وضعتها في أطار ماذا لو؟ أو ماذا يحدث اذا؟. فخيل إلي وكأنها جزء جديد أو أستكمال لنفس الشخصية.
أذا تحدثنا عن لغة الكتابة فهي فصحي سردا وعامية حوارا. ولكنها فصحي مبسطة وعامية راقية. الكاتبة متمكنة في أدواتها التعبيرية، فبكلماتها تصل بك إلي صورة مرئية للأحداث، تختلط فيها مشاعرك بمشاعر أبطالها حد الأندماج، فهنا تتعاطف وهنا تكره وهنا تفرح وهنا تشتعل غضبا وهنا تبكي. رواية مليئة بالمشاعر الأنسانية.
قد أعيب علي الكاتبة فقط عدم أستغلالها لأبطال حيوية للأحداث، وفرد لهم مساحة أكبر مما أعطتها لهم لشخصية "عصمت" زوج "بسيمة" الثاني. في النهاية هي رواية جميلة تنبئ عن كاتبة موهوبة ننتظر منها المزيد والأفضل أن شاء الله.
مروة طلعت
9 / 9 / 2023
#ريفيوهات_مروة_طلعت
#الحكاواتية
#عايمة_في_بحر_الكتب
تعليقات
إرسال تعليق