أحمد جعيدي الضرس
السبت 19 مارس 1932م - قرية البداري محافظة أسيوط.
خرج البكباشي "يوسف الشافعي" وصاحبة المهندس "فهيم نصيف"، بعد المغرب يتمشوا سوا ويشموا الهوا في ليل القرية الحالك السواد. وسرحوا في تمشيتهم، وكلامهم عن القرية وأحوال البلد ومسائلهم الشخصية. لحد ما وصلوا عند المدرسة الابتدائي اللي في البلد، واللي قصادها غيط من البوص. وفجأة اتحول صمت الليل، لفزع من صوت طلقات بندقيتين، حولوا الراجلين اللي كانوا ماشيين لجثتين.
لما بيرجع الصمت تاني لليل، بيخرج من البوص "أحمد جعيدي" و "حسن عاشور"، اللي عندهم 24 سنة، وهم شايلين بنادقهم، وطلعوا يجروا علي مكان الجثتين، لقوا أن البكباشي "يوسف الشافعي" مات، لكن المهندس لسه فيه الروح. مهتموش بالمهندس لأن كان هدفهم هو البكباشي، فسابوا المهندس لمصيره وحظه، وخدوا بنادقهم وطلعوا يجروا.
روح " أحمد جعيدي" و "حسن عاشور" بيوتهم، غيروا هدومهم، وقعد كل واحد فيهم وسط عيلته عادي جدا حوالين الطبلية يتعشا. وفجأة بيقطع صمت الليل، زغاريد كتيرة من الستات، وتكبيرات من الرجالة، ورجول كتير بتجري يمين وشمال، وشوارع القرية اللي بتفضي من المغرب اتحولت لنهار، وأصوات الناس ملت البلد (يا خلق هو، مبروووك الشافعي أفندي اتقتل).
جريمة زي أي جريمة مفيهاش جديد، بتحصل سواء في الصعيد أو في أي مكان. لكن الغريب هو طريقة استقبال الأهالي لخبر القتل، طبيعي صوت الرصاص وشكل أي جثة يعمل حالة رعب وفزع، إنما زغاريد دي جديدة. وعشان الزغاريد دي بالذات مصر كلها اتقلبت، وعشان الزغاريد دي وزارة بحالها اتشالت.
الحقيقة أن حكاية مصرع مأمور البداري، مش حادثة عادية تخص أمن البداري، دي كانت صرخة في وش الظلم والفساد اللي عشش في كل ركن في مصر كلها، حادثة ليها جذور وتراكمات. في الوقت ده كان فيه صراع قوي جدا مابين حزب الوفد _ اللي هو حزب الشعب واللي أسسه "سعد زغلول" _ بقيادة "مصطفي النحاس باشا"، والحكومة والقصر والانجليز. أو بمعني أدق ما بين حزب الوفد و "إسماعيل صدقي باشا" رئيس الوزراء.
وعشان نفهم أبعاد اللي حصل هنرجع لورا شوية لسنة ١٩١٩م، اللي فيها كان " إسماعيل صدقي" عضو من أعضاء الوفد المصري اللي راح مع "سعد زغلول" يطالبوا بإستقلال مصر، إلا أن السنين والمصالح بتغير الأهواء. ف "إسماعيل صدقي" كان طالب مجد وقوة ونفوذ وسلطة، مش طالب حق شعب هو أصلا مش معترف بحقه في الاستقلال. تنصل "إسماعيل صدقي" من الوفد وحزبه، وانتهز الفرص لحد ما دخل سلك السياسة والمناصب الحكومية الرفيعة عن طريق حزب الملك "الأحرار الدستوريين".
لما حصل حادث اغتيال السير "لي سناك" سنة 1924م، كانت حجة قوية للملك "فؤاد" والانجليز، أنهم يطيروا حكومة الوفد اللي كانت كابسة علي نفسهم بقيادة "سعد باشا زغلول"، وتم تشكيل وزارة جديدة كان فيها "إسماعيل صدقي باشا" وزير للداخلية. حط الملك "فؤاد" علي كتاف "إسماعيل صدقي" مهمة مسح حزب الوفد من الوجود البرلماني كمان، وبما أن تكوين أعضاء البرلمان انتخابي من الشعب، قرر "إسماعيل صدقي" استخدام الشدة والعنف والكرباج، واحيانا يرمي للمؤيدين الكبار للوفد وهبة من جلالة الملك. وفي وقت الانتخابات حزم كل القري والبلاد اللي فيها أكبر نسبة من مؤيدين الوفد بالأمن، عشان ينشروا الخوف والرعب والتهديد والرشاوي، ده غير تجهيزه لأدوات تزوير الانتخابات، عشان يكسب حزب الملك المقاعد البرلمانية وميدخلش حزب الوفد. ورغم كل اللي عمله ده، إلا أنه فوجئ أن الشعب قدر يضحك عليه وعلي كل أحهزته، وقدر يقول كلمته، وفاز حزب الوفد بغالبية مقاعد البرلمان بإكتساح.
"إسماعيل صدقي" وقتها اتجنن، واعتبر اللي حصل ده تار بينه وبين الشعب الهمجي اللي لازم يتربي. ورغم أن البرلمان نفسه اتحل، وده كان مخالف للقانون بالمناسبة، لكن "إسماعيل صدقي" كان لا يؤمن الا بقانونه الخاص. وعشان يفرض حزب الملك بالقوة علي الشعب، بقي يأجر البلطجية والمسلحين والمشردين، ويحشدهم ويعمل منهم تمثيليات لمظاهرات تأييد للملك، ويشتموا في الوفد. لحد حادثة حصلت فضحت كدبه، ولتاني مرة الشعب بيعلم عليه.
كان فيه مجموعة من الوزراء رايحين يفتتحوا مشروع في وسط الدلتا، وكان خط سيرهم ماشي في طريق قرية " إخطاب"، والقرية دي والقري اللي حواليها تابعة لنفوذ "محمود الأتربي باشا" وده واحد من كبار أنصار "سعد زغلول". "إسماعيل صدقي" لقي أن دي فرصة، يعمل شو، ويضرب الوفد. بعت أوامره المشددة ل الملازم "أحمد فريد التهامي" ملاحظ نقطة إخطاب، أنه يجمع كل الفلاحين بالقوة والشدة ولو وصلت للعنف والضرب عادي، المهم انهم يقفوا علي جانبين الطريق يحيوا الوزراء المعدية، ويهتفوا لحكومة جلالة الملك، ويشيلوا لافتات تأييد، وبكده هتبقي كدبته محبوكة وضربة شديدة للوفد.
وقد كان، تم تنفيذ الأوامر، والفلاحين اتساقوا بالكرابيج، ووقف كل فلاح بحماره شايل يافطة مكتوب عليها يحيا حكومة جلالة الملك، علي الطريق. لكن مكر "صدقي" ميقدرش يغلب لؤم الفلاحين. والأمن مستعد والناس واقفة ومستنية الموكب، بدأ كل فلاح يسيب اليافطة معلقة علي رقبة الحمار ويزوغ بهدوء علي بيته. ولما عدي الموكب فوجئوا بحمير بس واقفة معلقة يفط مكتوب عليها يحيا حكومة جلالة الملك، وكانت فضيحة كبيرة. وبرده انتصرت إرادة الشعب وحزب الوفد.
اتجننت "إسماعيل صدقي" زيادة، وقرر أن الرعاع دي لازم تتربي، وطبق عقوبات جماعية لأهل قرية "إخطاب" و "ميت فضالة" و "ميت مسعود"و "الغراقة" و "السنيطة" و "منشية عبد النبي"، من الذل والمهانة. نزل الملازم "التهامي" ومعاه جنود مسلحة في حملة تأديبية لأهالي القرية، وفرض حظر التجوال من المغرب، ومنع أذان الفجر. وجمع 300 فلاح نزلوا فيهم ضرب وجلد بالكرابيج، وأمر بقص نص شنباتهم بمقص الحمير، وأجبر كل واحد فيهم يسمي نفسه بإسم ست ويتنادي بيه، ويمرغوا نفسهم في الوحل، وكل ده في الساحة العامة قصاد ستاتهم وعيالهم. حد هنا لسه بينادي بالملكية، ما علينا.
في يناير 1930، بيتكافئ "إسماعيل صدقي باشا" علي مجهوداته العظيمة في حماية الوطن، وبياخد منصب رئيس الوزراء، رئيس الحكومة نفسها، ماهو كفء بقي. وأول حاجة بيعملها، أنه بيلغي دستور 1923، واللي كان متسمي بدستور الشعب، عشان فيه بنود بتدي حرية رأي للشعب في تحديد مصيره، ومساحة أكبر للاستقلال. وبيحط دستور جديد بيديق فيه كل المساحات دي علي اد رغبات حكومة الملك، عشان ميسمحش للوفد بتسلق البرلمان والحكومة تاني.
البلد كلها اتقلبت، واتملت مظاهرات في كل حتة ترفض الدستور الجديد، وتطالب برجوع دستور 23. والطلبة تخرج تتظاهر، والكباري تتفتح عليهم، وشباب زي الورد تموت. ولبست مصر السواد، بعد ما كانت بدأت تشم ريح الحرية، بقوا محتلين من الإنجليز وحكومة "صدقي" ايد الملك الباطشة.
وسط الأحداث الساخنة دي، بيسافر البكباشي "يوسف الشافعي" عشان يستلم مكانه الجديد كمأمور قسم البداري في محافظة أسيوط. وبما أنه إبن لواحد من أعيان الدقهلية من مراته الفرنساوية. فكان شايف مكانه الجديد ده بمثابة منفي، ومستحقر المكان، والناس. وزي أغلب ظباط المرحلة دي، تلاميذ "صدقي باشا"، شايف أنهم مجموعة من الرعاع، شوية هاموش مش بشر، وكما قال المثل إن كان رب البيت علي الدف ضارب فشيمة أهل البيت الرقص.
من أول يوم نزل فيه "يوسف الشافعي" قرية البداري، وهو مقرر يفرض سيطرته بالقوة علي أهل البلد والبلاد اللي حواليها، وده مش هيحصل غير بزرع الخوف منه ومن بطشه، نوع من أنواع البلطجة بس ميري، والناس غلابة، عايشين اليوم بيومه، بياكلوا طقة ويناموا من غير عشا، ولا ليهم في سياسة ولا يهمهم مين يروح ولا مين يجي، مش طالبين غير الستر، ويتسابوا في حالهم. إنما يظهر أن حتي الاماني البسيطة دي مش من بختهم ونصيبهم.
كان المأمور بيعمل حاجات غريبة ويصدر أحكام علي الناس غير منطقية، بهدف فرض صورته المخيفة والمرعبة علي الناس _اضرب المربوط يخاف السايب يعني _ مثلا كان يطلع علي الطريق الزراعي كده فجأة ويوقف كل العربيات المحملة الناس اللي رايحة أشغالها أو تقضي مصالحها أو محملة البضاعة اللي رايحة البلاد يسترزقوا منها قوت يومهم، ويأمر أن مفيش حد معدي النهاردة، وكله يرجع بيته. واللي ميسمعش الكلام ويقاوح، كان بيتجر علي القسم وياخد نصيبه من الضرب والتعذيب عشان يبقي عبرة لغيره. ولو خرج وشاف واحد من الفلاحين كده شايف نفسه، كان ينكل بيه، حتي لو معلش حاجة، قصاد أهل البلد كلهم، عشان محدش يفكر يرفع عينه، او يتنفس.
عمدة البداري "محمد همام" كان بينه وبين عيلة واحد في البلد اسمها عيلة "عبد الحق" خلاف ونزاع قضائي حوالين الحدود بين أرضه وأرضهم. وكان في عيلة "عبد الحق" شاب أسمه "أحمد جعيدي عبد الحق". "جعيدي" كان من الشباب القليل جدا اللي اتعلم فترة من حياته في البندر، أي نعم هو مخدش شهادة، بس بالنسبة لأهل البلد هو متعلم ومتنور _ ساقط توجيهية زي الباز افندي _ واحد زي ده عامل زي الاعور في بلد العميان سلطان. وبما أن "جعيدي" متنور، وملوش في الفلاحة، وأهله عندهم أرض يعني مبسوطين مقارنة بغيرهم من المعدمين، فكان معجباني علي رأي "صلاح عيسي". يعني واحد نزهي في لبسه ومشيته وكلامه، لابس طربوش ومنزل قصة من شعره وملابس بدلة زي الافندية، وبيقعد ع القهوة وله شلة أصحاب من العواطلية اللي زيه، اللي مورهومش حاجة غير القعدة علي المواضيع وشرب الشاي والضحك والهزار، وكان أقرب أصحابه ليه "حسن عاشور" أو "حسونة" زي ما بينادوه.
رغم أن الشلة دي مكنتش مؤذية، وهم فعليا مأذوش حد، لكن كانوا في نظر الناس عيال صيع وفيهم شك الانحراف _ كل غريب مريب معروفة _ فالعمدة "همام" من قرحته من عيلة "عبد الحق" اللي مش طائل منها لا حق ولا باطل، راح القسم ومقدم شكوي بإسم "أحمد جعيدي" و "حسن عاشور" بالذات واتبلي عليهم أنهم هددوه بالقتل.
مأمور القسم البكباشي "يوسف الشافعي" ما صدق، قضية سقع، هيمارس فيها سطوته براحته. استدعي "أحمد جعيدي" و "حسن عاشور" للتحقيق. فوجئ بدخول واحد مش بس شايف نفسه، ده معجباني حرفيا، النوع اللي موته وسمه يشوفه في المنطقة اللي فارض نفوذه عليها _ بقي انت معجباني طب انا هكسرلك مناخيرك _ واتاخدوا الاتنين ضرب وتعذيب _ ولا فيلم احنا بتوع الاتوبيس _ بالكرابيج والعصيان ومؤخرات البنادق لحد ما يغمي عليهم سايحين في دمهم. ومش بس كده ده المأمور حط أساميهم في كشف المشتبهين، يعني اي سرقة ولا أي جريمة تحصل في البلد أو البلاد اللي حواليها، كانوا يتجروا من ضمن المشتبهين وهاتك ياضرب ويا تعذيب وملهمش دية.
من كتر التعذيب والمهانة والذل، كتب "جعيدي" مذكرة للمديرية، بيطلب فيها رفع اسمه من المشتبهين لانه اتظلم في كذا قضية ويطلع منها برئ. وكإجراء روتيني، بتتبعت المذكرة دي علي العمدة عشان يعرفوا منه إذا كان فعلا الشخص ده حسن السير والسلوك ولا لأ، وطبعا العمدة يقول ده سئ السمعة، كيد في أسرة "عبد الحق"، فيفضل أسمه هو و"حسونة" في السجلات. ومش بس كده، ده المأمور بيتغاظ أن "جعيدي" بعت مذكرة للمديرية ويتخطاه، وبيبعت يجيبه هو و " حسونة" في وصلة تعذيب أكتر من أي وصلة فاتت، وصلت لحد التعذيب الوحشي بهتك العرض عن طريق العصا. بيخرج "جعيدي" و "حسونة" المرة دي وهم مقررين أنهم ياخدوا بتارهم ويردوا شرفهم بقتل المأمور.
حادث قتل مأمور البداري البكباشي "يوسف الشافعي"، سمعت في البلد كلها، مش بس في أسيوط. والصحف بقت متابعة كل تطورات القضية وتكتب بكل تفاصيلها اليومية، والناس تتابع بشغف في كل المحافظات، يعني كانت قضية الموسم. التحقيقات بدأت عشان يعرفوا مين الجاني، فكان يقابلهم أجوبة من الصعايدة، من نوع المرحوم كان له أعداء كتير، ومخابرش ومعارفش، مع أن كل اهالي البداري كانوا خابرين وعارفين مين اللي عمل كده، بس فرحتهم بقتله خلتهم يقرروا يداروا علي البطل اللي عمل كده.
ولما المحققين ملقوش فيه فائدة، ومفيش اي دليل علي القاتل، قفلوا المحضر وقيدوه ضد مجهول. الأخبار دي لما وصلت ل "إسماعيل صدقي باشا" برده اتجنن، ازاي يعني ظابط يتقتل وميكنش فيه عقاب رادع، ولا يبقي فيه قاتل يتعمل منه عبرة لمن يعتبر. وأمر أن التحقيقات الرسمية دي تتحط علي جنب، ونزل زبانيته القرية، قفلوا مداخلها ومخارجها، وفرضوا حظر التجوال أعنف وأشد من اللي قبله. والشهود والمشتبه فيهم بقوا يتجروا من بيوتهم علي القسم ويتسحلوا ورا الخيول، زي أبو سويلم في فيلم الأرض. والضرب والتعذيب علي أشده جوا السجن والزنازين، لكل المشتبه فيهم ومن ضمنهم طبعا " جعيدي" و "حسونة". وبرده الناس استحملت الضرب والتعذيب ومفتحوش بقهم، وهم عارفين أن "جعيدي وحسونة" اللي عملوها. لحد ما العمدة "همام" بلغ أن "جعيدي" و "حسونة" هم القتلة، فطلعوا كل المشتبهين ماعداهم وركزوا التعذيب والتنكيل عليهم عشان يعترفوا، بس فضلوا ينكروا. وهنا قرر حكمدار المحافظة القبض علي كل عيلة "جعيدي" و"حسونة" من أول الجد اللي عنده 100 سنة لحد أصغر طفل. وطبعا أمر الضبط مكنش بالرأفة كان بالسحل والضرب برده للرجالة والستات. ولما جابوهم قصاد "جعيدي" و "حسونة"، وبرده فضلوا ساكتين، أمر الحكمدار يقلع الستات هدومهم ويتزفوا زي السبايا وسط أهل البلد. هنا مقدرش "جعيدي" يتمالك أعصابه أول ما ايد العسكري اتمدت علي أمه،وصرخ خلاص هعترف.
10 ابريل سنة 1932م، اتعرضت القضية علي محكمة جنايات أسيوط. وفي 21 يونيو في نفس السنة، اتحكم علي "أحمد جعيدي عبد الحق" بالاعدام شنقا، وعلي "حسن عاشور" بالأشغال الشاقة المؤبدة. لكن الحكم مكنش نافذ، كان لسه فيه نقض.
وفي محكمة النقض، فوجئ رئيس المحكمة "عبد العزيز فهمي باشا" أن محكمة الجنايات ملتفتتش لشهادات الشهود والجناة، أن المأمور القتيل كان بيعذبهم لحد هتك العرض، وان محكمة الجنايات اعتبرت الكلام ده أداء واجب عادي من المأمور.
في يوم 5 ديسمبر سنة 1932م، دخل رئيس محكمة النقض "عبد العزيز فهمي باشا" وقال: "إن من وقائع هذه القضية ما هو جناية هتك عرض يعاقب عليها القانون بالأشغال الشاقة، وإنها من أشد المخازى إثارة للنفس واهتياجا لها ودفعا بها إلى الانتقام، وان ما حدث من جانب المأمور ما هو إلا اجرام في اجرام، وبناء على هذه الحيثيات أصدرت المحكمة حكمها بتخفيف حكم الاعدام الصادر بحق "أحمد جعيدي عبد الحق" إلى الأشغال الشاقة المؤبدة، والأشغال الشاقة لمدة خمسة عشر عاما بدلا من الأشغال الشاقة المؤبدة ل "حسن عاشور".
وبسبب القضية دي اتفتحت تحقيقات موسعة من النيابة فى وقائع التعذيب التى يتعرض لها المواطنون على ايد رجال البوليس فى مختلف أنحاء البلاد، وطبعا طلع المستخبي والمدارس من بلاوي تعف النفس من ذكرها. وعلي الرغم من كده بيتدخل برده "إسماعيل صدقي باشا" بجبروته ويوقف التحقيقات دي. لكن كتير من وزراء وزارته الشرفاء بيرفضوا أمر وقفه للتحقيقات ويقدموا استقالتهم. وبيتحط "إسماعيل صدقي" في موقف محرج كله فضايح وعار. وفي الاخر بيضطر الملك إسقاط وزارة "إسماعيل صدقي باشا" نهائيا، ويخرج من خدمته مكلل باللعنات، والسمعة غاية السوء حتي يومنا هذا.
مروة طلعت
27 / 7 / 2023
#عايمة_في_بحر_الكتب
#الحكاواتية
#بتاعة_حواديت_تاريخ
المصادر:_
حكايات من دفتر الوطن _صلاح عيسي.
ما قبل الثورة _ صبري أبو المجد.
تعليقات
إرسال تعليق