خبيئة الدير البحري

الزمان:-  سنة 1054 ق.م - الأسرة الواحد والعشرين قبل الميلاد.
المكان:- مصر القديمة - طيبة  (الاقصر حاليا). 
الحدث:- كثرة نباشي وسارقي القبور الملكية، بشكل مزعج، والعبث والتنكيل بجثث الملوك، وتخريب وتهشيم التوابيت، وسرقة محتويات المقابر. رفم محاولة الكثير من الكهنة الوقوف والتصدي لأفعال اللصوص المشينة بوسائل كتير، لكن اللصوص مكنوش بيهتموا ولا بيخافوا من حد، واستمرت سلسلة سرقة المقابر بطريقة أرقت جنبات القصر الملكي.
قعد الكاهن الأكبر لأمون "بينوزم" عابس الوجه، وهو بيسمع التقارير اللي جاياله عن أحوال المقابر المنهوبة وحالتهم المزرية، وقلبه حزين علي الملوك العظام اللي سطروا المجد في تاريخ مصر بحروف من ذهب، يكون ده مصيرهم من البهدلة وقلة القيمة واساءة الأدب. الموضوع ده فضل شاغل تفكيره كتير، علي الرغم من مسؤولياته الكتير، ومنصبه الحساس، فهو الكاهن الأكبر صاحب السلطة الدينية العليا في مصر، وزوج "دوات حتحور حنت تاوي"، بنت الملك رمسيس الحادي عشر، يعني داخل في الدهاليز السياسية وأمور الحكم. وعشان كده اتجه للملك "بسوسنس الأول"، وعرض عليه فكرة خطرت علي باله، وهي انهم يبنوا مقبرة كبيرة يضموا فيها مومياوات الملوك العظام من قبورهم المنهوبة، ويعملولهم اعادة دفن تليق بيهم، ويحفظوهم بشكل آمن بعيد عن ايد اللصوص.
وقد كان، تم اختيار الموقع للدفن الجديد قريب من معبد الدير البحري للملكة العظيمة "حتشبسوت"، وتجهيزها بالشعائر الجنائزية علي الجدران. وواحدة واحدة، بدؤا ينقلوا مومياوات الملوك من مقابرهم الأصلية الي المقبرة الجديدة، وتكفينهم في أكفان جديدة، ووضعهم في توابيت جديدة، وكتابة اسم مومياء الملك علي الكفن وعلي تابوته، واسم الكاهن "بينوزم" صاحب مشروع (تجديد دفن الملوك)، والتابوت يتغطي بالطغراءات الملكية، ورسم علي كل منها الصل الملكي علي الجبهة.
بعد كده الكاهن الأكبر لآمون "بينوزم"، بيتولي الحكم ويكون الملك، ويستمر في حكمه نقل المومياوات الملكية، لحد ما هو نفسه بيموت وبيتحول لمومياء، ويندفن في نفس المقبرة الي جانب الملوك اللي كان شايل همهم.
            ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الزمان:- سنة 1871م - القرن التاسع عشر الميلادي.
المكان:- مصر الحديثة - الأقصر - الجرنة.
الحدث:- "محمد عبد الرسول" وأخوه "أحمد عبد الرسول"، شابين من قرية الجرنة، طالعين الصبحية زي كل يوم في عز شمس الأقصر الحارقة، يرعوا غنماتهم في الصحرا. وصلوا ورا معبد حتشبسوت المحفور في قلب الجبل، ويقرروا يرتاحوا شوية ويسيبوا غنماتهم ترعي وتاكل من محيط الارض اللي واقفين فيها. قعدوا الاتنين وبدأوا يتسامروا، ويفكروا في الدنيا وضيق اليد والمشاكل اللي محاوطاهم. وبعد ما خدوا قعدتهم قاموا يكملوا مسيرتهم، وبدأ "محمد" يهش ويلم الغنم، و"أحمد" بعصايته واقف يعدهم، لكن العدد مكنش كامل، فيه غنمة ناقصة. 
ينده "أحمد" علي أخوه يبلغه ان فيه غنمة تاهت، عشان يتحرك "محمد" ويدور علي الغنمة الشاردة. وبعد مسافة مرواح ومجي، بيسمع صوتها علي بعد، يقرب "محمد" من الصوت، فيكتشفت انها وقعت في بير. يجري "محمد" علي اخوه "أحمد" عشان يساعده بالحبل والعدة - ماهم متعودين علي مواقف زي دي ومجهزين نفسهم ليها - ويربط "محمد" نفسه بالحبل ويثبته في صخره، وينزل البير، واخوه من فوق شايله الكلوب. وفجأة "أحمد" يسمع أخوه من تحت بينادي عليه، ويطلب منه ينزله الكلوب، عشان شاكك ان ده مش بير عادي.
يشد "أحمد" الحبل بالغنمة يطلعها، وينزله تاني مربوط فيه الكلوب. وبعد مدة وأعصاب "أحمد" بتتحرق فوق، يسمع صوت أخوه بينادي عليه تاني من تحت وبيقوله: "ده مش بير يا أحمااااااااد ده كنز".    
             ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الزمان:- سنة 1877م - القرن التاسع عشر الميلادي.
المكان:- سوق تجارة الآثار بباريس - فرنسا.
الحدث:- بيوصل لعالم الآثار الفرنسي "جاستون ماسبيرو" - اللي كان وقتها مدير مصلحة الآثار المصرية وأمين المتحف المصري للآثار في بولاق - ، بعض التماثيل الخشبية المغطاة بطبقة من الطلاء الازرق، خاصة بالملك "سنوسرت التاني" والملك "بينوزم".
            ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الزمان:- سنة 1877م - القرن التاسع عشر الميلادي.
المكان:- سوق تجارة الآثار بلندن - انجلترا.
الحدث:- بيوصل ل"ماسبيرو" من ضابط انجليزي، بردية شعار دينية خاصة بالكاهن "بينوزم" قبل ما يبقي ملك، والضابط قال انه اشتراها من الأقصر. وفي نفس السنة وصل ل "ماسبيرو" بردية خاصة بالملكة "نزمت".
         ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
 الزمان:- سنة 1878م - القرن التاسع عشر الميلادي.
المكان:- سوق تجارة الآثار بباريس - فرنسا.
الحدث:- وصل ل "ماسبيرو" لوحة من الخشب خاصة بالأميرة "تسخنسو".
هنا اتأكد "ماسبيرو" ان الموضوع كبير، وبما ان كل اللي معاهم الآثار دي قالوا انهم اشتروها من الأقصر، يبقي فيه سر اتفتح في الأقصر.
         ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الزمان:- سنة 1880م - القرن التاسع عشر الميلادي.
المكان:- مصر الحديثة - الأقصر.
الحدث:- "ماسبيرو" خد بعضه، علي الأقصر، وبلغ السلطات، انه شاكك أن الأهالي فتحوا مقبرة جديدة ومداريين عليها. وفضل هناك مع بعثة من الأثريين ورجال الأمن، يعملوا تحرياتهم، ويستجوبوا الأهالي، بالحيلة مرة وبالتهديد مرة، لكن المهمة كانت فعلا صعبة جدا، وكأنهم دخلوا في شارع سد. لكن "ماسبيرو" ميأسش، لجأ للسياح والمشتريين الأجانب، وقدر يجمع منهم معلومات علي التحريات، لحد ما وصل للمصدر "عائلة عبد الرسول"، وبالتحديد "أحمد و محمد عبد الرسول" اللي من قرية "شيخ عبد القرنة" - الجرنة حاليا - ومعاهم متورط "مصطفي أغا عياد" وده قنصل انجلترا في الأقصر، يعني مسنود وعضمة ناشفة.
وفي 14 ابريل سنة 1880م، يطلع أمر من رئيس الشرطة في الأقصر، بالقبض علي "أحمد عبد الرسول"، كبير عائلة "عبد الرسول". وفعلا تم تبليغ عمدة الجرنة، اللي اتصدم واندهش جدا من الأمر لأن "أحمد" كان زينة شباب البلد، ومعروف بسمعته الطيبة، واتقبض علي "أحمد" وعدوا بيه للبر الشرقي في مركب، عشان يحققوا معاه في مركز الشرطة.
وبدأ التحقيق، يسألوا فيه يمين شمال، ثابت علي موقفه ماخبيرش ماعارفيش، يواجهوه بأدلة وشهادات ناس، وبرده علي نفس النغمة ماخابيرش ماعارفيش، بس زود عليها أنه بيشتغل عند القنصل "مصطفي أغا عياد" كمحاولة منه يبان انه مسنود. لكن ده مشفعلوش، و"مصطفي أغا" مسألش فيه، واتحول الاستجواب لحفلة استقبال داق فيها فنون الضرب والاهانة والتعذيب، لكنه فضل برده علي موقفه ومفتحش بقه بكلمة. والشرطة اقتحمت بيته وبيت "محمد" أخوه وقلبوه فوقه تحته، وبرده ملقوش أي دليل. 
وفي نص مايو، بعد ما اسنفدت الشرطة كل وسائلها، ومفيش فايدة، قررت تخلي سبيل "أحمد عبد الرسول" بضمان اتنين من أصدقاؤه كبار البلد "سرور اسماعيل" و "سيد نجيب".
لما رجع "أحمد" لبيته وقريته، كان في قمة غضبه من اللي شافه، واجتمع مع أخوه وشركاؤه وقالهم ها الله ها الله ع الجد، انا واحد اتسحل في السجن شهر ضرب واهانة وتعذيب، ورغم كده كتمت خشمي ومنطقتش بكلمة وحافظت ع السر، أظن كده من حقي يكبر نصيبي للنص بدل من الخمس من هنا وجاي. ومن هنا الدنيا قادت حريقة بين "أحمد" وباقي عيلته، وماشافوهمش وهم بيسرقوا شافوهم وهم بيتحاسبوا. أخوه "محمد" حس ان الدنيا كده مش هتبقي ظابطة زي زمان، فقلك عليا وعلي أعدائي.
وفي يوم 25 يونيو 1880م، خد "محمد" قراره وبعضه، واتسحب ونزل قنا علي المديرية، مبلغ عن مكان المقبرة ومبلغ عن عيلته وكل كاليلة. وفي لمح البصر اتبعتت برقية لوزير الداخلية "داود باشا"، ومنها لايد الخديو "توفيق" اللي كان عنده علم بالموقف. وراح "داود باشا" بنفسه مع قواته ورا "محمد عبد الرسول" يعاينوا المقبرة ومكانها في نفس يوم البلاغ. ومن أول بصة كده شاف 30 تابوت غير مئات من التماثيل الصغيرة، وقطع المرمر، والحلي الذهبية.
في الوقت ده كان "ماسبيرو" برة مصر، فبعت مندوب عنه نائبه"بركش باشا" و "ناوضروس ماتافيان" و "أحمد أفندي كمال" المترجم. وأكتشفوا المفاجأة الكبري، دي مش مقبرة عادية دي مقبرة أسرات ملكية كاملة. وياريتها أسرات بسيطة ولا ملوك مش مشهورة، ده خد عندك. "أحمس الأول" طارد الهكسوس، وأبوه "سقنن رع". أعظم الملوك "تحتمس الثالث" الامبراطور المصري صاحب مجدو اللي وصل حدود مصر لأقصي اتساع ليها من الشرق والغرب والشمال والجنوب، وعمرها ما حصلت لا قبله ولا بعده. "رعمسيس التاني" بطل الحرب والسلام، بطل قادش، وأبوه "سيتي الأول". ده غير "أمنحتب الاول" و "تحتمس التاني" و"رعمسيس التالت" و "سيآمون بن أحمس"، والملكات "اعح حتب" و "احمس نفرتاري"، وطبعا الملك "بينوزم"، وغيرهم كتيييير. 
السر ده أصاب أهل البلد كلهم بصدمة كبيرة، لأن فعلا مفيش مخلوق كان يعرف السر، ولا عمرهم لاحظوا علي عائلة "عبد الرسول" شئ غير مألوف، الا كل طيب. وفي نقس الوقت، الناس بقت تردد حكاية الكنز اللي مليان لولي وألماظ وياقوت، وريقهم جري عليه. لكن "بركش باشا" كان حاطط عينه في راسه، ومحاوط نفسه بقوة أمن كبيرة جدا، وهم بيطلعوا التوابيت، واللي شالها 300 راجل من أقوي رجال الصعيد، عشان يستحملوا النقل، من ضخامة وتقل وكترة المنقولات اللي طالعة من الخبيئة. وبرده رجال الأمن عملوا مجهود فظيع، ومراقبين الموقف كويس أوي، من برا وجوا، لان وارد طبعا حد من اللي شايلين نفسه تهفه علي حتة كده ولا كده. واستمر النقل 24 ساعة، لحد ما وصل كل اللي في الخبيئة كامل سالم - ماعدا سلة كان فيها 50 تمثال من الخزف اختفت - للبر الشرقي بالأقصر، ومنها اتحملت علي مراكب للقاهرة في متحف الآثار ببولاق.
         ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
 الزمان:- 27 يناير سنة 1975م - القرن العشرين.
المكان:- مصر المعاصرة.
الحدث:- العرض الجماهيري الأول لفيلم "المومياء" للمخرج الرائع "شادي عبد السلام". اللي متاخد من أحداث الكشف عن خبيئة الدير البحري.
مروة طلعت
16 / 5 / 2023
#عايمة_في_بحر_الكتب
#بتاعة_حواديت_تاريخ
المصادر:-
موسوعة مصر القديمة ج8 - سليم حسن.
حكايات عابرة - حمدي البطران.
رمسيس الثاني - محمد محي.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

خماراويه

السلطانة شجر الدر 6

نشأة محمد علي باشا