حملة فريزر
فاكر فيلم "رسالة الي الوالي"؟ ايوه بتاع عادل إمام، هو كان اسمه ايه في الفيلم؟ الله ينور عليك، "حرفوش بن برقوق الراكبدار". طيب أنت عارف كانت مهمته إيه؟ بالظبط كده هيوصل رسالة أهل رشيد للوالي "محمد علي باشا" في القلعة بالقاهرة. طب هم كان مالهم أهل رشيد، بيستغيثوا بالوالي ليه؟. سيبك بقي من الفيلم بأحداثه الفانتازية وتعالي هنا هحكيلك حكاية حملة فريزر. يووه مش فيلم شيكو وهشام، ركز معايا وسيبك بقي من الأفلام. دي حملة فريزر اللي بجد.
مابين سنة 1807م و 1809م قامت حرب مابين القوات الانجليزية والقوات العثمانية، كانت اسمها (الأنجلو-عثمانية)، وكانت هدفها السيطرة علي البلاد اللي تحت ايد العثمانيين، وكانت فرنسا في الوقت ده حليفة للدولة العثمانية وبتساعدها ضد الانجليز، مش عشان سواد عيونها يعني، لكن عشان مصلحة فرنسا أن انجلترا متفرضش سيطرتها وتطلع فرنسا من المولد بلا حمص.
وفي يوم 17 مارس سنة 1807، صحيوا الاسكندرانية علي منظر السفن الانجليزية المحاصرة لمواني اسكندرية. وبعت "ألكسندر ماكنزي-فريزر" قائد الحملة الانجليزية، رسالة لوالي اسكمدرية بيطلب منه التسليم. في الأول رفض لكن القنصل الانجليزي فضل يخوف فيه ويقوله، ده "فريزر" جهز 1000 جندي للإقتحام، والبلد هتدمروانت معندكش استعدادات، وكده كده هناخدها. وبيخاف فعلا وبيقبل والي اسكندرية التسليم بمنتهي السهولة. وتاني يوم فتحت اسكندرية أبوابها علي مصراعيها للحملة الانجليزية، حملة فريزر.
الحقيقة ان الانجليز كانوا معتمدين علي وعود معاونة المماليك ليهم، لكن لحسن الحظ جم في وقت مكنش متخطط ليه صح، فالمماليك في الوقت ده كانوا مشتتين، ومعظم كبار المماليك زي "الألفي" و "البرديسي" كانوا ماتوا من المرض. وهنا لقي "فريزر" نفسه في بلد غريبة، من غير أي دعم ولا مساندة، متربص بيهم الفرنسيين والعثمانيين، ومش عارفين هم داخلين علي ايه. في الوقت ده كانت قوة "محمد علي باشا" لسه مش معروفة، كان لسه بيمهد ويطبطب وبيفرش لنفسه القاعدة، فحتة خوفهم من "محمد علي" ذات نفسه دي مش موجوده - لسه في صورة الكيوت مكنش لسه اتحول - لأنه كان وقتها لسه مجرد والي علي مصر زي أي والي معينه السلطان العثماني,
اللي طمن "فريزر" وكان بالنسبة له بشرة خير، هو دخولهم اسكندرية بسهولة، فقالك بس كده متيسرة. ومن خلال التقارير اللي كانت بتوصله، لقي أن أسلم طريق يعدي منه هو عن طريق رشيد. وعلي ما قعد وحضر نفسه وحملته وخطط وقرر، كانت أخبار دخولهم طارت علي القاهرة، وخطة تحركهم واتجاههم طارت لرشيد.
والي رشيد "علي بك السلانكي"، كان راجل حر شجاع، قالك علي جثتي يدخل رشيد عسكري انجليزي. جاتله الاخبار ان الحملة داخلة عليه ب 1600 انجليزي، وهو معاه قوة مقدارها 700 فرد، فلما خطب في أهل رشيد وعرفهم الخطر اللي داخل عليهم، كل أهل البلد قالوله أحنا معاك. أمر بإبعاد مراكب الصيادين، من قدام النيل للبر الشرقي عند الجزيرة الخضرا وبرج مغيزل بمركز مطوبس، عشان يمنع ضعاف النفوس من الأهالي أو الجنود بتوعه انهم يهربوا من رشيد، زي ما حصل في حامية الإسكندرية قبل كده، يعني اتعلم من أخطاء غيره. وبكده مكنش قدام جنود الحامية حاجة غير انها تقاتل، للنجاة بحياتهم.
وفي يوم 30 مارس 1807م، وصلت حملة فريزر لرشيد. دخلوا لقوا البلد هادية خالص، مفيهاش حد. الانجليز فرحوا، وقالوا أهل رشيد خدوها من قاصرها وأستسلزا زي أهل اسكندرية. وكانت فرصة ليهم يستريحوا من المشي اللي مشيوه من اسكندرية لرشيد، فقعدوا وقلعوا اسلحتهم، واللي نام، وخدوا راحتهم علي الآخر، ولفوا في الاسواق وبقوا ياكلوا من بضاعتها، وآخر طمأنينة وسلام. وفجأة بيطلع مؤذن من علي مئذنة مسجد سيدي زغلول، بيأذن بعلو صوته: الله أكبر، حي علي الجهاد. يادوب خلص المؤذن جملته، وعينك ما تشوف الا النور. الانجليز فوجئوا بطلقات الرصاص بتحصد فيهم من قلب شبابيك وأسطح البيوت اللي حواليهم، ودي كانت خطة "السلانكي" ان جنود الحامية تستخبي جوا بيوت الناس لحد ما يسمعوا الاشارة اللي هي الأذان، ده غير اللي كان بيهرب من الانجليز، كانت الأهالي بتصطاده بالشوم والسكاكين وأي حاجة تيجي في ايديهم. ضربت رشيد في اليوم ده أروع مثال للمقاومة، قضوا بايديهم علي حملة فريزر من غير أي مساعدة، فكان يوم فخر وعزة سجله التاريخ، وأصبح يوم 30 مارس العيد القومي لمحافظة البحيرة لحد النهاردة.
بلغت خسائر الإنجليز 185 قتيل و282 جريح و120 أسير، والباقي قدر يهرب ويرجع اسكندرية. والقتلي قطعوا راسهم، وبعتوهم شحن علي القاهرة والروس منصوبة علي عصيان، مع الأسري والجرحي. ولما وصلت المركب من رشيد لحد بولاق، كان في استقبالهم السيد "عمر مكرم" وكبار الاشراف، والناس متجمهرة تتفرج، وبالطبل البلدي والزمر والزغاريد زفوهم.
أغلب الكلام ده احنا عارفينه ودرسناه في المدرسة، بس أنا مش هسيبك كده وهوريك الوش المخفي من القمر. تفتكر ايه اللي حصل لأهالي رشيد بعد الانتصار العظيم ده، اللي مش بس حما مصر من الانجليز، ده عمل وزن ل"محمد علي" رغم انه لا ناقة له فيها ولا جمل. ما هو كان لازم يركب الترند وينسب كل حاجة حصلت لنفسه. ويسافر اسكندرية، ويعمل معاهدة صلح واتفاق مع الانجليز، وعليه بينسحبوا من اسكندرية ويمشوا. "كاميرون" قال انها كانت حركة ذكية من "محمد علي باشا" لأن خزاينه كانت لسه فاضية ومش هيقدر يواجه انجلترا بعزمها والامدادات اللي هتيجي وكمان من حليفتها روسيا، فقرر ينتهز النصر، اللي جه من عند ربنا، ويعمل معاهدة صلح بسرعة. طيب وأهل رشيد الأبطال.
اسمع كده الجبرتي قالك ايه: "ولما انقضي أمر الحرب من ناحية رشيد، وانجلت الانجليز عنها، ورجعوا الي الاسكندرية، نزل الأتراك علي الحماد وما جاورها، واستباحوا أهلها ونساءها وأموالها ومواشيها بحجة أنها صارت دار حرب بنزول الانجليز عليها وتملكها".
وقالك ايه كمان: "ثم أحاطت العساكر ورؤساؤهم برشيد، وضربوا علي أهلها الضرائب وطلبوا منها الأموال والكلف الشاقة، وأخذوا ما وجدوه بها من الأرز للعليق، فخرج كبيرها السيد حسن كريت الي حسن باشا وكتخدا بك وتكلم معهما وشنع عليهما، وقال أما كفانا ما وقع لنا من الحروب وهدم الدور وكلف العساكر ومساعدتهم ومحاربتنا معهم ومعكم، وما قاسيناه من التعب والسهر، وإنفاق المال، ونجازي منكم بعدها بهذا الأفاعيل؟ فدعونا نخرج بأولادنا وعيالنا، ولا نأخذ معنا شيئا، ونترك لكم البلدة افعلوا بها ما شئتم".
يعني حتي متكافؤش دول أصلا متشكروش، وكان رد الجميل ان السلطان العثماني طلع فرمان بس يلم بيه أذاهم عن أهل رشيد والبحيرة. اااه وكم ذا بمصر من المضحكات ولكنه ضحك كالبكاء.
مروة طلعت
2 / 5 / 2023
#عايمة_في_بحر_الكتب
#بتاعة_حواديت_تاريخ
المصادر:-
عجائب الآثار في التراجم والأخبار ج3 - عبد الرحمن الجبرتي.
مصر في القرن التاسع عشر - د.إيه.كاميرون - المركز القومي للترجمة.
تعليقات
إرسال تعليق