أسرار الملوك والملكات في مصر القديمة (ريفيو)
قرأت كتاب " أسرار الملوك والملكات في مصر القديمة"، للكاتب وعالم الآثار "دكتور حسين عبد البصير"، الصادر عن دار دون، في طبعته الأولي، بعدد صفحات ٣١٩ صفحة.
الكتاب عبارة عن موسوعة موجزة لملوك وملكات مصر القديمة. وعلي الرغم من الايجاز في الاحداث، الا انه قدم تفاصيل في حياة بعض الملوك، قد تكون غير معروفة لغالبية القراء، الي جانب ذكر أسماء وشخصيات لملوك وملكات أيضا مجهولة. فكانت اضافة مفيدة ومهمة للتعريف بعظماء تاريخ مصر القديمة.
في البداية كانت المقدمة، والتي تحدثت عن قصة الحضارة علي أرض مصر، والتي بدأت منذ 3200 سنة قبل الميلاد، بظهورتدوينات ونقوش المصري القديم علي ضفاف النيل. فكما قال "هيرودوت" مصر هبة النيل، أضاف الكاتب أن مصر هبة النيل والمصريين. وذلك لأن نهر النيل يجري في بلاد كتيرة بأفريقيا، ولكن شمس الحضارة لم تسطع الا في مصر. ومن هنا نستطيع القول أن سر الحضارة كان في المصريين أنفسهم، الذين استغلوا كافة مواردهم المتاحة، وتوحدوا مع بيئتهم، وخلقوا لأنفسهم مجتمع وقواعد وميثولوجيا، اعتمدوا عليهم في اقامة حضارة عظيمة. شملت المقدمة أيضا تعريف سريع بكل ما يخص طبيعة الحياة في مصر القديمة، وعلي وجه الخصوص حياة الملوك، وكيفية سيطرتهم علي نصر والبلاد المجاورة، حتي اصبحت مصر القديمة كالإمبراطورية المترامية الاطراف شرقا وجنوبا. ركزت المقدمة علي جانب مهم جدا في حياة الملوك، وهي المرأة في مصر القديمة التي كانت سيدة المجتمع المصري، وشريكة الرجل، ومركز الدفع والتحفيز علي العمل والابداع. حصلت المرأة في مصر القديمة علي التقدير والاحترام، وأيضا تبوأت أعلي المناصب.
قسم الكاتب كتابه الي أربع أبواب، رتب فيهم سيرة الملوك والملكات على حسب التسلسل الزمني لفترة وتاريخ كل واحد منهم. وكانت البداية مع الملك "مينا" وتوحيد القطرين.ويظهر في ملوك عصر الأسرات المبكرة، أسماء بعض الملكات المؤثرات في الحياة الملكية، فمنهن من كانت الوصية علي عرش ابنها الملك الطفل ك "الملكة ميريت نيت"، فحكمت مصر فترة من الوقت. ومن هنا يتضح ان مصر القديمة، وعلي الأخص في العصر المبكر، لم يكم هناك غضاضة في حكم امرأة للبلاد. ضم عصر الأسرات المبكرة كل من الملوك العظام، "الملك زوسر" صاحب الهرم المدرج، الذي كان نقلة معمارية متغيرة عن نظام المصاطب لمن سبقوه من ملوك، وكان هذا بفضل العبقري "إيمحتب" الذي كان مهندس وفلكي عظيم، فخلد "الملك زوسر"، اسم "إيمحتب" بكتابه اسمه علي تمثال الملك. والملك "سنفرو" صاحب أهرامات دهشور، هو الملك الوحيد الذي بني أربع أهرامات، وأول ملك يخرج حملات عسكرية الي ليبيا والنوبة، بغرض الحصول علي مواد البناء.
وانتقل الكاتب الي عصر بناة الاهرام، الي الملك "خوفو" صاحب العجيبة الاولي من عجائب الدنيا، الهرم الأكبر. ويذكر الكاتب أهمية البرديات المكتشفة في وادي الجرف، والتي كانت تخص أحد كبار الموظفين المسؤولين عن فرق العمل الفنية للهرم. تلك البرديات تؤكد أن مشروع بناء الهرم الأكبر كان مشروعا قوميا، وأن الهرم بناه المصريون القدماء بأيديهم، علي عكس أي ادعاءات تتعلق ببناء الهرم بأيادي غير مصرية. ومن المعلومات الغير متداولة والموجودة بالكتاب، هو ذكرفترة حكم الملكة "خنت كاوس الأولي"، في نهاية عصر الأسرة الرابعة. ثم كان تكوين أول جيش نظامي في مصر علي يد الملك "بيبي الأول"، الذي تصدي للغارات من البدو علي حدود مصر الشمالية، والأهم من ذلك تصرفهم بنبل أخلاق مع البدو، فلم يعتدوا او يسرقوا او يهينوا أحد من شعبهم.
عصر الدولة الوسطي، يأتي ذكر مجموهة من أعاظم ملوك مصر القديمة، مثل الملك "أمنمحات الاول"، يعتبر أول ملك يشرك ولي العهد "سنوسرت الاول" معه في الحكم. وعليه أصبح الملك "سنوسرت الاول"، واحد من المحاربين العظام والسياسيين المحنكين. ولحقه في ذلك الملك "سنوسرت الثالث"، الذي قام بأربع حملات عسكرية لبلاد النوبة، وسع فيها الرقعة المصرية جنوبا. ومن أهم ملكات تلك المرحلة هي الملكة "تتي شيري"، أم الملك "سقنن رع" وجدة الملك "أحمس" بطل حرب التحرير من الهكسوس، والتي عاشت عمر مديد شهدت فيه التحرير وشاركت فيها معنويا وتحفيزيا للملوك العظام. الشئ اللافت للنظر ان الكاتب ذكر قصة قتل الملك "سقنن رع تاعا"، علي انه قتل في المعركة، ولكن في اكتشاف حديث أثبت انه قتل في الأسر لدي الهكسوس. من الملكات العظيمة التي ذكرها التاريخ، وستظل أيقونة في سجلات النساء الأبطال، هي الملكة "إياح حتب" زوجة الملك "سقنن رع تاعا"، وأم البطل الملك "أحمس"، التي هيأت النصر علي الهكسوس، وساعدت فيه زوجها وابنائها. ففي أثناء حرب التحرير كانت هي خليفة ابنها في طيبة، فقبضت علي الفارين وطردت المتمردين، ومسكت البلاد بيد من حديد حتي عودة ابنها الملك "أحمس"بالنصر.
الدولة الحديثة، ضمت أيضا الكثير من الملوك والملكات العظام، من كان لهم الاثر العسكري والمعماري الخالد. هنا الملك "تحتمس الاول" وابناه الملك "تحتمس الثاني" وعظيمة ملكات العالم "حتشبسوت"، المرأة القوية التي هزت الدنيا، وغيرت مجري الأمور، كما ترضيها, ثم أعظم الملوك المحاربين، فرعون المجد والانتصار، بطل "مجدو"، نابليون مصر القديمة، الملك "تحتمس الثالث". وابنه الملك "أمنحتب الثاني" الذي ورث جينات قوة وعظمة والده، فكان امتداد له. فقد كان عن حق عصر قوة ومجد ونفوذ، توسعت فيه رقعة مصر لأقصي اتساعها، بشكل لم يحدث لا قبل ولا بعد.
ثم أتي من بعدها عصراستقرار في عهد الملك "أمنحتب الثالث" وزوجته القوية الملكة "تي"، والذي كان شغوف بالفن والمعمار أكثر من الأمور العسكرية. ثم عصر التحول والانقلاب الديني والسياسي علي يد "أخناتون"، وما تلاه من عصر ضعف ودسائس وتمردات. لم ينقذ مصر منها سوي الملك "حور محب"، ومن بعده أسرة الرعامسة.
وان ذكرنا الرعامسة، فلابد من ذكر ملك الحرب والسلام، ملك الملوك خالد الذكر، الملك "رمسيس الثاني"، أشهر ملوك مصر القديمة علي الاطلاق. ولم يغفل الكتاب عن ذكر الملك "مرنبتاح"، وسبب تجمع التكهنات حوله بانه فرعون الخروج، ولكن حياة وممات الملك تنفي كونه فرعون موسي. كما ذكر الكاتب قصة مؤامرة الحريم علي الملك "رمسيس الثالث"، وقصة المحاكمة والمومياء الصارخة.
وكان الملك "رمسيس الثالث" هو آخر الملوك العظام في مصر القديمة. من بعده بدأت عصور من الضعف والتفكك والتخبط، حتي الملك "نختنبو الثاني"، آخر ملك مصري يحكم أرض مصر في سنة 343 ق.م حتي عادت مصر يحكمها مصري مرة أخري، وهو الرئيس "محمد نجيب" في عام 1952م.
الكتاب يعتبر توثيق لكل الملوك والملكات في كافة عصور مصر القديمة بشكل ايجازي ولكنه ملئ أيضا بالمعلومات الجديدة والصادمة. ما أعيبه علي الكتاب، هو كثرة التكرار، واستخدام لفظ فراعنة علي حقبة مصر القديمة، فكل باحث تاريخ يدرك تماما أن ملوك مصر القديمة ليسوا فراعنة.
مروة طلعت
تعليقات
إرسال تعليق