إمرأة تحكم العالم (ريفيو)
انتهيت من قراءة رواية "إمرأة تحكم العالم" للكاتب الأستاذ "أحمد صبري"، في طبعتها الأولي، الصادرة عن دار الرسم بالكلمات، بعدد صفحات258 صفحة.
رواية "إمرأة تحكم العالم" هي الجزء الثالث من ثلاثية "الفضاء أصبح قرية صغيرة"، واللي ضمت جزءين سابقين وهما "الحصار الحديدي" و "العودة إلي الأرض". ومن أسماء الروايات والسلسلة اكيد هنفهم انها روايات مصنفة كأدب خيال علمي وفانتازي.
الحقيقة أن روايات "أحمد صبري" مختلفة عن من سبقوه في محاولات الكتابة الفانتازيا. فهو خارج من عباءة مؤسسين هذا اللون والأسلوب الادبي "نبيل فاروق" و "رؤوف وصفي". لدرجة ظهر تأثره بإسلوب دكتور "نبيل فاروق" رحمه الله في كتابة اول اجزاء السلسلة "الحصار الحديدي"، ولكن في الجزءين التاليين اتخذ الكاتب اسلوب كتابي خاص به، وايضا تغير الأسلوب فيهما، فظهر كل جزء بإسلوب كتابي مختلف عن الآخر.
أدب الخيال العلمي له فروع كثيرة ومتنوعة، وقد قسمه العراب دكتور "أحمد خالد توفيق" بالتفصيل في إحدي قصصه في سلسلة ماوراء الطبيعة. الحقيقة أن الكاتب استطاع دمج أكثر من نوع من أنواع أدب الخيال العلمي داخل سلسلته. مابين الخيال العلمي الخاص بالأبحاث العلمية والتطورات التكنولوجية، والخيال العلمي الخاص بأوديسا الفضاء والانتقالات بين الكواكب والثقوب السوداء، والخيال العلمي الخاص بنهاية العالم ومابعد النهاية، والخيال العلمي الخاص بتغيير التاريخ وماذا يحدث لو. كل تلك الأنواع من كتابة أدب الخيال العلمي موجودة في تلك السلسلة.
الجديد هنا والمتميز في رواية "إمرأة تحكم العالم"، إن الكاتب انتهج اسلوب جديد تماما، ليس فقط مختلف في أسلوبه الشخصي، ولكن اسلوب روائي جديد ومختلف في مصر، وهو اسلوب الرواية التفاعلية. الرواية التفاعلية كما هي معروفة عالميا، هي التي تشعرك القارئ في وضع رأيه أو تخيلاته في سير الأحداث، جنبا الي جنب المؤلف. أما الكاتب هنا جعل القارئ هو راوي الأحداث وأساسها، أعطاه المساحة المؤثرة الأكبر في الكتابة عن المؤلف نفسه. وهي تجربة جديدة ومثمرة، تدل علي كاتب مبدع ومؤثر.
"إمرأة تحكم العالم" هي عبارة عن تداخل عالمين، الاول هو عالم صوفيا وعادل وابنتهما نور علي الكوكب الاخضر، وصراعهم في محاولة العودة إلي الأرض، مع تعنت أصحاب الكوكب، بعد تعميرهم الأرض، لادراكهم إن البشر عند العودة لكوكبهم سيدمرونه مرة أخري بدمويتهم وخلافاتهم وعنصريتهم. والثاني هو عالم ما بعد الكارثة، فأغلب كتاب الخيال العلمي لديهم اعتقاد شبه اليقين أن الأرض ستدمر بعد حرب عالمية، وبعد الكارثة سيحدث ارتداد الي العصر الحجري للبشر، بلا حضارة وبلا تكنولوجيا وبلا معرفة. وفي عالم ما بعد الكارثة، يفيق البشر من تخلفهم عند اكتشاف تراث أجدادهم ومعرفة مدي تقدمهم، وبعقل ومنهجية "ليما" التي أصبحت زعيمة البشر، تستطيع امتلاك زمام الأمور والسعي لاستعادة حضارتهم المفقودة بأسس قوامها المحبة والتآلف والتعاون. وكانت تلك نفس الاساسيات التي انتهجتها "نور" في الكوكب الأخضر، وعلي أساسها قبل سكانه أن يعود البشر الي الأرض. اعتقد أن الكاتب اختار أمرأة في كلا العالمين للحكم، لأن المرأة يسيطر عليها الجانب العاطفي، وهو جانب بعيد تمام البعد عن الدموية والوحشية التي دمرت العالم.
أسلوب الكاتب في السرد ونسج قصته بسيط وتعبيراته مفهومة للصغير والكبير، بل إن أسلوبه ممتاز لنقل معلومات الفضاء والتقدم التكنولوجي لكل الفئات. ولن نغفل عن ذكر الجانب الرومانسي الجميل بين أبطال رواياته، فهو كاتب حالم، يحلم بالأفضل والمثالية في العلاقات وفي الحياة عموما، لكنه ماهر في جذب القارئ ليعيش ويتفاعل مع حلمه.
سلسلة "الفضاء أصبح قرية صغيرة"، من افضل وأدق الروايات معلوماتيا وادبيا في مجال الخيال العلمي، إعادتها لزمن العظماء بحق. وكما قلت سابقا وسأظل عن رأيي "أحمد صبري" عراب الخيال العلمي في مصر.
١ / ٢ / ٢٠٢٣
#عايمة_في_بحر_الكتب
تعليقات
إرسال تعليق