ذات الهمة 2
- هربتي مني امبارح ومكملتيش حكاية "ذات الهمة".
- عجبتك حكايتها كده.
- جدا ومتشوق اعرف كمالتها، وفضلت افكر فيها طول الليل، خصوصا ان الغدر جالها من اقرب الناس ليها، وده وجعه صعب اوي.
- تفتكر "ذات الهمة" هيكون رد فعلها ايه تجاه "الحارث" و "مرزوق"؟
- اعتقد شخصية قوية زيها، بالشكل اللي عاشت بيه، هيكون رد فعلها انتقامي. سيبك من توقعاتي وكملي الحكاية بقي.
الصبح دخلت "أم مرزوق" علي "ذات الهمة" اوضتها، تصحيها زي كل يوم، فراحت راقعة بالصوت. "ذات الهمة" نفسها صحيت مخضوضة من صويت "أم مرزوق". في الوقت ده حس "مرزوق" بالكارثة اللي وقع نفسه فيها وخد ديله في سنانه وهرب. و"الحارث" عمل عملته وراح لابوه "ظالم" حكاله باللي حصل. طبعا "ظالم" سمع كده وكان ناقص يلطم، و"الحارث" يبرر موقفه انه معملش حاجة غلط، ده حقه الشرعي وأخده. من كتر رعب "ظالم" من رد فعل "ذات الهمة"، بقي يلف حوالين نفسه ومش عارف يعمل ايه، دي قادرة تدغدغ القبيلة باللي فيها وتساويهم بالأرض. هداه تفكيره انه يروح يستنجد ب "عبدالله" أمير جيوش الخليفة، واللي أول ما سمع من "ظالم" اللي حصل، بعت بسرعة كنسلتو دكاترة ل "ذات الهمة" يطمنه عليها.
فضلت "ذات الهمة"، بتعاني مش بس من المرض، وكمان من الصدمة والانكار، عاشت ايام طويلة عقلها رافض يصدق اللي حصل، وخصوصا الغدر من أخوها في الرضاعة واقرب الناس ليها "مرزوق". وده لان "ذات الهمة" مهما كانت قوية ومسترجلة، فهي في الاخر ست، والستات الصدمات من نوع الغدر والخيانة بتوجعهم وتكسرهم اكتر من الراجل. لدرجة انها رفضت اي دكتور بعتهولها أمير الجيوش يشوفها، وامتنعت عن الأكل وفضلت قافلة علي نفسها اوضتها، مفيش حد بيشوفها غير "ام مرزوق".
وفضل الحال علي ماهو عليه، ومر شهر ورا التاني لحد ما بدأت "أم مرزوق" تلاحظ علامات الحمل علي "ذات الهمة"، بس خافت تقولها. لحد ما لاحظت "ذات الهمة" بنفسها تغيرات غريبة عليها، فسألت "أم مرزوق" اللي قالتلها وهي بتترعش انها كده حامل. "ذات الهمة" سمعت الكلمة من "أم مرزوق" وركبها ميت عفريت، ده الفترة اللي قعدتهم فيها تعبانة، عرفت ان الروم بدأوا يجهزوا تاني للحرب، امال ايه اللي هيحصل لو عرفوا نها حامل. حاولت "ذات الهمة" اكتر من مرة تجهض نفسها، لكنها لأول مرة بتفشل في حاجة، وفضل الحمل ثابت كأنه بيعند معاها، ويوم ورا يوم بطنها كانت بتكبر وظهرت لكل ذي عينين. وبصاصين الروم شافوا بنفسهم بطن "ذات الهمة" قدامها، وبلغوا "لاوون" ملك الروم.
بعتت "ذات الهمة" رسايلها للخليفة "الهادي" ولأمير الجيوش "عبد الله"، تعرفهم بحملها، واعتذارها عن قيادة أمانة الجيوش. وبعتولها برده الدكاترة يطمنوا عليها ويتابعوا حملها. لحد ما جه الفرج، وجالها طلق الولادة، واتجمعوا حواليها المولدات. وولدت "ذات الهمة" ولد جميل أسمراني وشعره اسود ناعم وعينيه زرقة. لكن "ذات الهمة" في اللحظة دي كانت في قمة غضبها، وكارهة للطفل اللي اتسبب في رقدتها وبعادها عن ساحات القتال 9 شهور، وكان أول فشل ليها لما مقدرتش تجهضه، وكمان اتسبب ليها في آلام فظيعة لحظة الولادة، فبقت في اللحظة دي طايقة العمي ولا تطيقهوش.
لما المولدات اديتلها ابنها في حضنها مفروض زي اي أم طبيعية، فوجئوا انها قبضت في رقبته عاوزة تخنقه. وبسرعة خطفوه منها المولدات، وهي لسه عمالة ترصخ في وشهم زي الأسد الجريح. وطلعوا بيه بره، ومهديتش في نوبة صراخها غير لما قالولها انه فطس خلاص ومات. لكن الحقيقة ان واحدة من المولدات اخدته. وبعد ايام حنت "ذات الهمة" لابنها وسألت عليه، فقالتلها "ام مرزوق" انه مماتش وبخير، فطلبت تشوفه. شالته "ذات الهمة" وحنان الام ملا قلبها من ناحيته، وسمته "عبد الوهاب"، واديته لواحدة من جواريها عايشة في الصحرا تربيه وفي نفس الوقت عشان تخفي مكانه عن ابوه "الحارث"، اللي من ساعة ما عرف انها ولدت، يبعتلها في الوسايط والمراسيل عاوز يشوف ابنه، وطبعا هي اقسمت بكل ايمانات المسلمين ماهو شايف طرفه حتي، ولو راجل تعالي هنا وخليني ألمحك.
ورجعت "ذات الهمة" لتدريباتها، وغزواتها من تاني، وبقت تسافر وتحارب وتدرب فرسان الجيش، وتيجي اجازات تشوف ابنها وتطمن عليه وتلعب معاه شوية، وترجع لحياتها تاني. واتربي "عبد الوهاب" في الصحرا، بنفس طريقة وتنشئة أمه، لا قلت ولا زادت حرف. عاش علي بطولات جده "الصحصاح" وأمه "ذات الهمة"، اتعلم المبارزة والفروسية، وبقي يكبر كل يوم ويبان عليه أد ايه انه فولة وانقسمت نصين من امه "ذات الهمة".
لما كبر "عبد الوهاب" طلب انه يرافق امه في غزواتها، ووافقت "ذات الهمة" وضمته في صفوفها، مع الاشبال اللي أده، زي ابناء الخليفة الهادي "موسي المهدي وهارون الرشيد"، و"البطال" وده كان طفل شامي اتيتم علي ايد الروم واخدته "ذات الهمة" في صفوف الاشبال المحاربين. وكانت معمة "عبد الوهاب" و "البطال" التجسس علي صفوف جيش الروم، ويجيبوا أسري منهم بالخداع، خصوصا اللي معاهم الاسلحة الحارقة اللي مكنتش لسه يعرفها جيش المسلمين. وفضلت الحرب دايرة سنين، لحد ما تم توقيع هدنة بين المسلمين والروم.
فوجئ "عبد الوهاب" و أمه "ذات الهمة" أول ما رجعوا من المعركة، باستدعاء ليهم في قصر الخليفة. اتاري "الحارث" هناك، ومقدم مظلمته للخليفة، انه عاوز ابنه "عبد الوهاب". قامت "ذات الهمة" وبصت لل "الحارث" بصة معناها يا بجاحتك ده بدل ما تحمد ربنا انك لسه عايش،وحكت للخليفة كل حاجة من أول احراجها من والد الخليفة واستغلال "الحارث" للاحراج ده، وجوازها منه من غير رضا، لحد "عبد الوهاب" الفارس المغوار اللي واقف قصاده. وهنا الخليفة بينحاذ لصف "ذات الهمة"، ويقرر ان "الحارث" مذنب، ويأمر بالقبض عليه، ويترمي في السجن، هو اللي جابه لنفسه.
بعد ما قلب "ذات الهمة" ارتاح، والخليفة اخدلها حقها. قررت تفرح، وملقتش انسب من ان تخلي الفرحة فرحتين وتجوز ابنها "عبد الوهاب". مكدبتش خبر واختارتله عروسة بنت أمير حجازي، وأقامت الافراح والليالي الملاح. وبعد شهرين رجعت "ذات الهمة" وابنها "عبد الوهاب" لصفوف القتال.
وهناك كان "البطال" قايم بالواجب وزيادة، وعامل ذعر في صفوف الروم، ما بين كر وفر، زي حرب الاستنزاف كده، عامل زي الزيبق محدش عارف يمسكه ولا يوقفه، لدرجة ان الامهات الروميات كانوا بيقولوا لعيالهم لو مشربتش اللبن ومسمعتش الكلام هجيبلك "البطال". رجعت "ذات الهمة" ولقت "البطال" جايبلها 9000 أسير رومي، وأطنان من التقارير عن وضع الروم والقسطنطينية.
وبدأ الجيش يتحرك علي نصين، نص بيتحرك ناحية مالطة بقيادة "الرشيد"، وقسم يحاصر القسطنطينية بقيادة "ذات الهمة". واتحرك برده امبراطور الروم ناحية البلاد الاسلامية، وسابتله "ذات الهمة" الفرصة، وخلته يفتكر ان الدنيا ساهلة، ولما رجع واحد من البطاركة على رأس عدد من الأسرى المسلمين يحرسهم الجند الروم، هاجمهم "البطال" بجنوده ويقتل الجند الروم، ويتنكر هو والمسلمين بهدومهم، وتتنكر "ذات الهمة" وجنودها في هدوم الأسرى. ودخلوا القسطنطينية، في حركة شبه خدعة حصان طروادة كده، وقدروا يسيطروا عليها وصبحت "ذات الهمة" أول اميرة علي القسطنطينية.
مرت السنين، وكانت خلافة "الرشيد" فيها قلق كتير ومكائد، وخلافاته الشهيرة مع البرامكة. الخلافات والمكائد دي طالت علاقة "الرشيد" ب "ذات الهمة"، وقدروا يطلعوا عليها اشاعات انها ضدع وقلبوه عليها. فبعت "الرشسد" ل "ذات الهمة" وابنها "عبد الوهاب" في أمر عام في قصر الخلافة. "البطال" كان قاري الوضع، وشامم ريحة غدر في الطلب ده، راح وقال ل "ذات الهمة" متروحش، لكنها أصرت علي المواجهة وراحت للخليفة. وكانت النتيجة انها اتحبست مع ابنها "عبد الوهاب" في السجن. لكن "البطال" الزيبق، قدر يهرب بيهم من السجن، ويهربوا علي القسطنطينية من تاني.
"ذات الهمة" كانت كبرت في السن وصحتها ضعفت، فلما وصلوا القسطنطينية، لقوا ان الوضع خطير، والروم بدأت تهاجم من جديد. فساب "عبد الوهاب" امه في بيتها، في رعاية زوجته وأحفاد "ذات الهمة"، وخرج للمعركة مع "البطال". ولما رجع كانت "ذات الهمة" توفت وقابلت رب كريم. وتوتة توتة خلصت الحدوتة
ملحوظة: السيرة الشعبية بتبقي عاملة زي المسلسل كده بيختلط فيها الواقع بالخيال.
مروة طلعت
16 / 2 / 2023
#عايمة_في_بحر_الكنب
#مروة_طلعت
#بتاعة_حواديت_تاريخ
المصادر:-
"الأميرة ذات الهمة: أطول سيرة عربية في التاريخ" - شوقي عبد الحكيم.
"مجلد الأدب الشعبي من موسوعة التراث الشعبي" - سلسلة الدراسات الشعبية - الهيئة العامة لقصور الثقافة - د. محمد الجوهري.
"مائة شخصية من التاريخ" - عبد الستار سليم.
"بطولات الأميرة ذات الهمة" - محمد سليمان الطيب.
"تاريخ الطبري" جزء 3
تعليقات
إرسال تعليق