أبو الفتوح برجوان
عندك في الدرب الأحمر حارة اسمها حارة برجوان. لا مش بتكلم عن فيلم نبيلة عبيد، بتكلم عن الحارة نفسها اللي اخد الفيلم اسمه. تعرف ان الفيلم ملفتش نظري في حاجة غير اسمه، اسمه كان بالنسبة لي ملفت، وبعقل طفلة فضلت اقلب الاسم في دماغي، واحاول اوفقه بمعاني ومفردات، يمكن افهم يعني ايه برجوان، لكني في الاخر فشلت، وفضل اسم برجوان معلق في دماغي، لحد ما عرفت ان الحارة متسمية علي اسم "أبو الفتوح برجوان".
"برجوان" كان عبد أبيض خصي، وخادم في بيت الخليفة "العزيز بالله الفاطمي". ولما مات الخليفة فضل في خدمة ابنه "الحاكم بأمر الله الفاطمي" - ايوه هو الحاكم اللي عنده شعرة ساعة تروح وساعة تيجي - وبما ان الخليفة "العزيز بالله" كان موصي "برجوان" علي ابنه "الحاكم بالله" يخلي باله منه ويفضل جنبه. ف"برجوان" نفذ الوصية حرفيا، وفضل لازق لل"الحاكم بأمر الله"، خصوصا ان "الحاكم" اتولي الخلافة وكان عنده 11 سنة. وفضل "برجوان" هو المسؤول عن أمور قصر الحكم. لكنه واحدة واحدة بدأ يتدخل في أمور الحكم، ويدخل في مؤامرات القصر، ويناكف مع "أبو محمد الحسن بن عنار الكتامي" المسؤول عن تدبير أمور الدولة، ويخش في اختصاصاته. وطلعا بنفوذ "برجوان" داخل القصر واتصالاته، بقت مركب تدبير أمور الدولة ليها ريسين. لحد ما قدر "برجوان" ياخد السلطة لوحده في رمضان سنة 387 هجرية.
لحد ما بقي ناظر ديار مصر وباقي المملكة الفاطمية، وعين "أبا العلاء فهد بن إبراهيم النصراني" كاتب مخصوص ليه، فكان "برجوان" يقعد في دهليز القصر وجنبه الكاتب بتاعه، واي حد داخل للخليفة كان هو اللي بيشوف حاجته ويكتبله ويمضيله. يعني وصل لدرجة انه بقي الكل في الكل، والمتحكم الأول فعليا، نافذ الامر مطاع، حتي علي الخليفة ذات نفسه. وشغلته الدنيا وغرورها، واتلهي في مظاهر الترف، وركبه الغرور، واتعاظم في الاستبداد. لدرجة انه في يوم كان ماشي بحصانه جنب الخليفة "الحاكم بأمر الله" وتاني رجله علي الحصان ورجله في وش الخليفة. وده طبعا سلوك لحد الآن معناه الاستخفاف والاهانة.
المشكلة بقي انه مكنش لسه عارف "الحاكم بأمر الله" كويس، كان لسه صغير، و"برجوان" لسه مخدش باله ان "الحاكم" دماغه مريحاه شوية. كان "الحاكم" في دماغه شوية تغييرات كده عاوز يمشي البلد عليها، بس اللي كان مانعة هو استبداد "برجوان" وسيطرته علي الحكم. وبدأ "الحاكم بأمر الله" يخطط ازاي هيخلص من سيطرة "برجوان" عليه وعلي الحكم، خصوصا انه كان كل حاجة في ايده، وله أعوان كتير.
سنة 390 هجرية، سنة 1000 ميلادي، بعد سنتين و 8 شهور من نظارة "برجوان"، استدعاه "الحاكم بأمر الله" عشان يفتتح بستان جديد اسمه دويرة التين والعناب. وبدأ "الحاكم بأمر الله" و"برجوان" يتمشوا بين الأشجار يتفرجوا علي جمال البستان. وفجأة ظهر "زيدان"، صاحب المظلة، يعني اللي بيشيل الشمسية فوق حصان الخليفة في المواكب، وكان من أتباع "الحاكم بأمر الله" المخلصين. سلم "زيدان" علي "برجوان" وباس ايديه، وهو بيبوسه كده حسس عليه عشان يتأكد انه مش لابس درع واقي، وفي غمضه عين طلع "زيدان" خنجره وضربه في رقبته. ودي كانت اشارة البدء، فهجم عليه اعوان تانيين بالخناجر قطعوه. وقطعوا راسه، ودفنوه في البستان.
كان مع "برجوان" "عقيق" الخادم بتاعه، اول ماشاف "زيدان" بيضرب "برجوان" بخنجره، طلع يجري يعيط ويصرخ ويقول:"قتل مولاي..قتل مولاي". فتجمع الناس يشوفوا فيه ايه فطلعلهم "زيدان" وصاح فيهم: "من كان في الطاعة فلينصرف الي منزله ويكبر الي القصر المعمور". طبعا الناس خافت ولموا نفسهم ومشيوا.
وبعد ما تم تنفيذ الجريمة زي ما خططلها "الحاكم بأمر الله" ركب حصانه الاشقر ورجع قصره. لقي هناك اتباع وموالين "برجوان" مستنينه. وكان أبرزهم "القائد أبو عبد الله الحسن بن جوهر القائد"، وقبل بداية اي كلام او سال وقف "الحاكم بأمر الله" في صحن القصر وقال: "إن برجوان عبدي استخدمته فنصح فأحسنت إليه، ثم أساء في أشياء عملها فقتلته، وأنتم عندي الآن افضل مما كنتم فيه مما تقدم". من الاخر كده كلب وراح، تبقي حبيبي احبك، تخالفني افعصك انزل منك خدام صغيرين.
وفي ظرف 5 شهور قدر "الحاكم بأمر الله" يقضي علي كل اللي كانوا موالين ل "برجوان". والحكم كله بقي في ايد "الحاكم بأمر الله" من غير قيود ولا تحكمات، وياريته ما حصل عشان اللي فات حمادة واللي جه بعدها حمادة تاني خالص. واللي كانوا بيشتكوا من استبداد "برجوان" وفساده، بعد اللي شافوه علي ايد "الحاكم بأمر الله" قالوا ولا يوم من ايامك يا "برجوان" يا عاقل.
مروة طلعت
3/12/2022
#عايمة_في_بحر_الكتب
المصادر:_
المواعظ والاعتبار في ذكر الخطب والآثار ج3. "المقريزي"
بدائع الزهور في وقائع الدهور ج1. "ابن اياس"
ملامح القاهرة في ألف سنة. "جمال الغيطاني"
تعليقات
إرسال تعليق