صلاح الدين الايوبي 15

 "السلطان الناصر صلاح الدين الايوبي" بعد ما كون جبهة اسلامية متحدة مابين مصر ومعظم بلاد الشام، حس أد ايه الأمانة اللي شايلها علي كتافه تقيلة. وعشان كده بدأ ينظم شئون الحكم، ويقسم العمل علي أعوانه، وكان بيضرب بسيف من حديد علي الخاينين او اللي ممكن يضعفوا الوحدة اللي كونها، وخلاها زي الكماشة القوية حوالين الصليبيين، كاستعداد لمعركته الكبري.

وما بين حروب الكر والفر بين "صلاح الدين" والصليبيين، وقوة "صلاح الدين" الواضحة في الحروب مابينهم، وانتصاراته المتكررة عليهم. وصل رسل من امبراطور الروم سنة 1181م ل "صلاح الدين الايوبي"، بيطلب منه الصلح وبيتعهد انه مش هيبعت معونات للصليبيين تاني. ناس تخاف متختشيش. 

وفي فترة الهدنة اللي كانت بين "صلاح الدين" و "بلدوين الرابع" ملك بيت المقدس، والصلح بينه وبين امبراطور الروم، بدأ يصلح ويرمم كل الخسائر اللي حصلت بسبب الحروب اللي دارت في اسكندرية ودمياط، وزود القلاع والتحصينات، ونظم الجيش وجهز الاسلحة وعمل اعادة اعمار شاملة استعداد لهدفه وحلمه الأكبر والأهم "بيت المقدس القدس".

علي الجهة التانية، كان الصليبيين في حالة تشتت واضطراب وتفكك كبيرة جدا، زودها كمان مرض "بلدوين الرابع" ملك بيت المقدس، وبقت مركبهم ليهم كذا ريس ومية كلمة. في الوقت ده ظهر فارس فرنسي مغامر أمير حصني الكرك والشوبك وهو "رينو دي شاتيون" والمعروف باسم "أرناط". كان كاره للعرب والمسلمين كره أعمي، وكرهه دع خلاه يتصرف تصرفات في منتهي الغباء، مش بس ليه ده كمان كان بيحرج قيادات الصليبيين، ويحطهم في مواقف بايخاااااه. اتكلمنا عن "أرناط" قبل كده وقلنا انه كان في الأسر عند المسلمين سنين طويلة، ولما خرج قرر يضرب ولا يبالي من غير تكتيك ولا حرفنة، طايش يعني. في سنة 1181م في عز الهدنة والصلح خرج "أرناط" من حصنه اللي علي طريق قوافل مصر والشام، وهجم علي قافلة عربية معدية في الطريق، وكان من بنود الاتفاق اللي بين الصليبيين و"صلاح الدين"، ان القوافل تعدي بسلام بين مصر والشام ومحدش يتعرضلها. فلما "أرناط" عمل كده كسر المعاهدة والاتفاق ورماها في المهملات. طبعا "أرناط" هجم وقتل اللي قتله وسرق اللي سرقه وأسر اللي أسره. فلما عرف "صلاح الدين" باللي حصل وبعت رسالة ل "بلدوين الرابع" يلومه علي اللي حصل من "أرناط" وان ده يعتبر كسر للهدنة والصلح. لكن "بلدوين الرابع" رد عليه وقاله ما باليد حيلة عيل طايش. 

وتحس ان "أرناط" برده عمل ل "بلدوين" خدمة في انه كسر المعاهدة . بعدها قدر"بلدوين الرابع" يعمل اتصالات سرية مع الزنكيين في حلب والموصل الطمعانيين في الحكم والملك اللي في ايد "صلاح الدين"، واتفقوا يعملوا جبهة ثنائية بينهم تطوق بيها صلاح الدين بينهم. 

ومكدبش "بلدوين" خبر وراح طالع بجيشه سنة 1182م وهو مطمن ان فيه جبهة تانية سانداه، علي جنوب دمشق واقليم حوران. لكن "ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين"، وصلت الاتفاقية دي بالحرف ل "صلاح الدين" كأنه كان قاعد بينهم، وراح لاعب معاهم دور شطرنج هايل. سابهم في خططتهم عادي جدا، وسابهم يضموا علي بعضيهم يهاجوا اللي بيهاجموه، وطلع بجيشه علي حلب وقدر ياخدها سنة 1183م. وبكده بقي "صلاح الدين الايوبي" هو سيد الموقف في منطقة الشرق. وجمع أطراف الجبهة الاسلامية من القاهرة لدمشق لحلب، وضيق الخناق أكتر علي الصليبيين.

في الوقت ده المرض اتمكن من "بلدوين الرابع" اوي لدرجة انه اختار "جاي لوزجنان" خليفة ووصي علي العرش، لكنه كان اختيار تهييس مرض تقريبا أو بالمعني الأصح ترتيب ربنا لأن "لوزجنان" كان شخصيته ضعيفة ومهزوز يعني أخر واحد يصلح للمهمة دي في الوقت الحرج ده. والوضع كان كالتالي مملكة بيت المقدس ضعيفة قياديا وباقي الامارات الصليبية كل امير عليها ماشي بدماغه وبالتالي المركب كانت بتغرق بيهم. وقصادهم "صلاح الدين الايوبي" في عز عنفوانه وقوته الحربية والعسكرية، مسنود بجبهة عربية اسلامية موحدة مصر والشام والعراق ملفوفة حوالين الامارات الصليبية ومستني اللحظة المناسبة عشان يعصرهم وسطيهم.

وسط الاحداث المشحونة دي كلها، طلع "أرناط" لتاني مرة يضرب ضربة غبية سنة 1183م. مكنش مدرك لحجمه وحجم خصمه ايه بالظبط، وبدل ما يهدي الدنيا وسايس اموره زي الناس العاقلة، خرج يهاجم المواني المصرية اللي علي البحر الأحمر المواجهة لجدة، وقطع الطريق علي السفن التجارية وسفن الحجاج. ودماغه عليت اوي بأحلامه وطلع علي المدينة المنورة. لكن "صلاح الدين" لحقه بأسطوله في البحر الاحمر بقيادة "حسام الدين لؤلؤ" وبعتر جيش "أرناط" في البحر قبل ما يوصل المدينة المنورة. 

ومات "بلدوين الرابع" ملك بيت المقدس، وتوجوا "لوزجنان" علي المملكة. فبعت "ريموند التالت" حاكم انطاكية اللي كان طمعان في بيت المقدس، ل "صلاح الدين" يطلب منه المساعدة ضد خصومه وسبحان الله. طبعا الوضع بالنسبة للصليبيين كان بيتحول من ضعف لتفكك وكل ده كان في مصلحة "صلاح الدين". وكل الطرق والمؤشرات والخطوات كانت بتأكد ان ده وقت انقضاض "صلاح الدين الايوبي" علي فريسته.

لحد ما جت القشاية اللي قسمت ضهر البعير. سنة 1187م، لما رجع "أرناط" لحصنه في الكرك، كانت تسليته الوحيدة انه يطلع يغير علي القوافل اللي بتعدي قصاد حصنه بين مصر والشام زي قطاع الطرق. فبعتله "صلاح الدين" يقوله يفك أسر الاسري المسلمين اللي عنده، فرد عليه "أرناط" رد في غاية الغباء وقاله: "ان كنتم تعتقدون في محمد فادعوه الآن يفك أسركم، ويخلصكم من شر ما وقعتم فيه". ولما الكلام وصل "صلاح الدين" غضب جدااا وهاج وفار الدم في عروقه لاهانة "أرناط" لرسول الله صلي الله عليه وسلم، وأقسم انه هينتقم من "أرناط" بنفسه وبايديه. 

وهنا دقت طبول الحرب ودقت ساعة الحسم ورد الكرامة اللي فضلت مسلوبة من المسلمين لقرن من الزمان.

يتبع

مروة طلعت
6 / 11 / 2022
المصادر:
صلاح الدين الأيوبي بطل حطين ومحرر القدس من الصليبيين ل "عبد الله ناصح علوان".
سيرة صلاح الدين الايوبي ل "القاضي بهاء الدين المعروف بابن شداد".
صلاح الدين الايوبي ل "أ.د. سعيد عاشور".
الكامل في التاريخ ل "ابن الأثير".
البداية والنهاية الجزء 12 ل "ابن كثير".
الجزء الأول

والجزء الثاني
والجزء الثالث
والجزء الرابع
والجزء الخامس
الجزء السادس
الجزء السابع
الجزء الثامن
الجزء التاسع
الجزء العاشر
الجزء الحادي عشر
الجزء الثاني عشر
الجزء الرابع عشر


تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

خماراويه

السلطانة شجر الدر 6

نشأة محمد علي باشا