صلاح الدين الايوبي 9

 "صلاح الدين الأيوبي" إستخرج شهادة وفاة الدولة الفاطمية، وقضي علي اللي باقي من حلم الشيعة في البلاد الاسلامية. ولأول مرة من 200 سنة يرجع الدعاء للخليفة العباسي علي منابر مساجد مصر. ويرجع المذهب السني هو الدين الرسمي للبلاد، وترجع مصر تحت سيادة الخلافة العباسية، ولكن تحت إسم السلطان "نور الدين محمود"، وبقيادة وولاية "صلاح الدين الأيوبي". 

بعد معركة دمياط مع الصليبيين سنة 1169م، بعت "صلاح الدين" رسالة لأبوه "نجم الدين أيوب" بيدعوه فيها لمصر. وفعلا قام "نجم الدين" وحضر حاله وأسرته وشدوا رحالهم لمصر، لكن قبل ما يسيبوا دمشق شدد عليهم "نور الدين محمود" وخلاهم يقسموا علي السمع والطاعة له مهما كان مكانهم، وعاشت الاسرة الأيوبية بكامل عددها في القاهرة جنب إبنهم "صلاح الدين".

وفي سنة 1171م، لما عزل "صلاح الدين" الدولة الفاطمية. القاهرة كلها كانت في فرح وهيصة واحتفالات، وبعت الخليفة العباسي "المستضئ" الهدايا ل "نور الدين محمود" و "صلاح الدين الايوبي"، ومعاهم بعت الأعلام والرايات السود شعار العباسيين. وزي مافيه احتفالات في القاهرة، كان فيه احتفالات أكبر منها في بغداد عاصمة الخلافة العباسية، برجوع مصر. ومصر رجعت كاملة لينا والخلافة اليوم في عيد.

ولمزيد من الفهم والمتابعة اقرا الجزء الأول

والجزء الثاني
والجزء الثالث
والجزء الرابع
والجزء الخامس
الجزء السادس
الجزء السابع
الجزء الثامن

ان جيتوا للحق لما بلغ السلطان "نور الدين محمود" طلب "صلاح الدين الايوبي" لأهله انهم يتجمعوا معاه في مصر. الطلب ده خلاه يشك شوية، وحس ان "صلاح الدين" ناوي يستأثر بحكم مصر لحسابه. ولما بعت ل "صلاح الدين" الأوامر بقلب الخلافة الفاطمية، فضل "صلاح الدين" مأجل التنفيذ لمدة سنتين، والحركة دي كمان زودت شكوكه إن "صلاح الدين" بيتعمد تكسير أوامره.

في نفس السنة اللي تم عزل الخلافة الفاطمية فيها عن مصر سنة 1171م. فكر "صلاح الدين" انه يأمن حدود مصر من ناحية الصليبيين. كان فيه أكبر حصنين في فلسطين تابعيين للصليبيين وهم حصن الشوبك وحصن الكرك. والحصنين دول يعتبروا من الحصون المنيعة واللي حاولت الجيوش الاسلامية قبل كدا مرات يفتحوهم وفشلوا. جهز "صلاح الدين" جيشه، وساب أبوه "نجم الدين أيوب" مكانه في مصر علي ما يرجع. وطلع بيهم علي حصن الشوبك وضرب حصار حواليه. لما عرف السلطان "نور الدين محمود" بطلوع جيش "صلاح الدين" لحصار الشوبك، راح طالع بنفسه علي راس جيشه من الشام وحاصر الحصن التاني اللي هو الكرك. "صلاح الدين" زي ما عرفنا من مواقفه السابقة انه انسان عقلاني جدا، قعد مع نفسه كده وحسبها. قالك الكرك والشوبك مع بعض هتبقي ليلة كبيرة اوي حتي و"نور الدين" معاه، ده غير ان جيشه أصلا منهك من حرب دمياط وثورة السودانيين والانقلاب علي الخلافة الفاطمية. و"صلاح الدين" عارف كويس حروب "نور الدين" هيوسعها وهتطول شهور أكتر وهو بعيد عن مصر، اللي أصلا لسه مش مستقرة وفيها ديول من الفاطميين لسه بتلعب. حسم أمره وتوكل علي الله وفك حصار الشوبك، وأرسل اعتذار ل "نور الدين" وانسحب علي مصر.

الاعتذار لما وصل السلطان "نور الدين محمود"، وانسحاب "صلاح الدين" من الشوبك، عمل ل"نور الدين" صدمة كبيرة. وخلت الشكوك تتنطط في دماغه من ناحية "صلاح الدين"، وخلاه يقول ان هو فيه ايه هو خلاص كدة مصر بقت "ملك ابن أيوب". وولاد الحلال من المحيطين حوالين "نور الدين محمود" نفخوا في النار زي "الياروقي" اللي كان طمعان في مصر وغيره، ووسوسوا في ودانه خلوا ناره قادت زرعوا في قلبه الحقد علي "صلاح الدين".

لما وصل "صلاح الدين" لمصر، توقع أبوه "نجم الدين" سوء الظن من "نور الدين" فنصحه إنه يهدي أموره مع "نور الدين" ويحاول يقفل أي باب ممكن يدخل منه الشيطان لودان "نور الدين". سمع "صلاح الدين" الكلام، وراح خلا المساجد كلها في مصر تدعوا ل"نور الدين محمود" بعد الخليفة العباسي، وعمل عملة جديدة ضرب فيها اسم "نور الدين محمود"، وبعتله الهدايا الثمينة، كل ده عشان يظهرله الولاء واعترافه بجميله ويهدي قلبه عليه.

والأمور الحمد لله رجعت هديت بينهم، لكن فضل حتة شك صغير كده ينغمش في صدر "نور الدين". لحد سنة 1173م. كان حلم فتح حصن الكرك لسه بيراود "نور الدين محمود". فبعت مراسلات ل "صلاح الدين" بيأمره بخروج جيشه لحصار الكرك، وهو بجيشه هيخرج معاه. مكنش قدام "صلاح الدين" حاجة غير انه يقبل، والا هيكون انشقاق رسمي عن "نور الدين" وده مش عاوزه "صلاح الدين" يحصل. وفعلا خرج "صلاح الدين" بجيشه بعد ما قعد أبوه "نجم الدين أيوب" مكانه في كرسي مصر علي مايرجع. وفي نفس ذات الوقت بعت أخوه "شمس الدين توران شاه" بفرقة للنوبة عشان يفتحها. سافر "صلاح الدين" بجيشه للكرك، وفضل محاصرها أكتر من شهرين ولوحده، وكل ده جيش "نور الدين محمود" ماوصلش، وفضل "صلاح الدين" مستنيه لعل المانع خير. في أثناء حصاره وصلته رسالة من أخوه "توران شاه" بفشل حملة النوبة، أو بمعني أصح انسحابهم لأنهم لقوها بلد صحرا مفيش من وراها منفعة. تاني خبر جاله وهو في الحصار كان موت أبوه "نجم الدين أيوب".

"نجم الدين أيوب" طول عمره فارس، وبيعشق ركوب الخيل. وكان من طقوسه ممارسة ركوب الخيل والفروسية كل يوم الصبح. وفي يوم ركب خيله مع أصدقائه وأولاده، وهوب راح واقع، مهما كان مقداره في الفروسية ساعة القدر بيعمي البصر. واللي معاه جريوا وشالوه علي القصر وجم الأطباء يلحقوه، لكن سهم الله نفذ وسلم الروح الي بارئها بعد يومين.

طبعا الخبر ده مكنش أحس حاجة في الوقت ده بالذات، بصرف النظر عن وقع الخبر عاطفيا علي قلب "صلاح الدين"، لكن فيه المصيبة الأكبر، مصر كده بقت فاضية خالص، حاكمها المؤقت مات و"توران شاه" لسه مرجعش من النوبة. وده كان السبب في إن بمجرد وصول "نور الدين محمود" لحصن الكرك. لقي في انتظاره الفقيه والعالم الجليل "عيسي الهكاري"اللي كان مشهور عنه انه لايخاف من قول الحق لومة لائم، يعني في الحق يقول للأعور انت أعور. الفقيه "عيسي الهكاري" بلغ السلطان "نور الدين محمود" بإنسحاب جيش "صلاح الدين" وبلغه الأسباب. طبعا الانسحاب المرة دي كمان جنن"نور الدين"، والمستشارين اللي بيكرهوا "صلاح الدين" وبيحقدوا عليه، لقوا فرصتهم، وكل ما "عيسي الهكاري" يطفي النار يجوا هم يشعللوها. "عيسي" يقول يا مولاي مصر فاضية وأذناب الفاطميين هتلعب والصليبيين ما هيصدقوا، المطبلاتية تقول ولو كان استني مولاه ولا هو خلاص كده شاف نفسه وانشق. "عيسي" يقول يا مولاي مش من مصلحتنا نختلف العدو علي الابواب وفي الاتحاد قوة، والمطبلاتية تقول لا ده خاين ولازم يتربي. وبعد ما كان "نور الدين محمود" أقسم انه هيزحف بنفسه علي مصر، وياخدها من "صلاح الدين" اتدخل الأئمة والعلماء العقلاء جنب "عيسي" وأقنعوه ان "صلاح الدين" مخلص في ولائه له واللي عمله ده عين العقل للمصلحة العامة مش انشقاق. وفي نفس الوقت بعت "صلاح الدين" رسايل مع وفود تانية بيبلغه اعتذاره وولائه ومعاهم الهدايا الثمينة.

فضل الحال كدة لحد ما ربنا رجع الصفا تاني لقلب "نور الدين محمود" من ناحية "صلاح الدين"، وفي الوقت ده بعد ما ظبط "صلاح الدين" أموره والأوضاع تاني في مصر. بعت ل "نور الدين محمود" يستأذنه بإنه يبعت حملة بقيادة أخوه "شمس الدين توران شاه" لفتح اليمن، ووافق "نور الدين". ونجحت الحملة بالفعل وفضلت اليمن تحت الولاية الايوبية ل 50 سنة.

وبعدها بسنة في 1174م، فجأة في يوم جت للسلطان "نور الدين محمود" أزمة مرضية مفاجئة، ملحقش الأطباء انقاذه وانتقل لجوار ربه، بصورة أربكت العالم الاسلامي كله وزلزلته. فالحصن الحصين وبعبع الصليبيين مات وفجأة، مين يقدر يحمي المسلمين ويسد مكانه.

رحم الله بطل الابطال وسادس الخلفاء الراشدين السلطان العادل حامي الحمي ومنقذ قبر رسول الله، "نور الدين محمود بن عماد الدين زنكي".

يتبع .........
مروة طلعت
3 / 9 / 2022
المصادر:
صلاح الدين الأيوبي بطل حطين ومحرر القدس من الصليبيين ل "عبد الله ناصح علوان".
سيرة صلاح الدين الايوبي ل "القاضي بهاء الدين المعروف بابن شداد".
صلاح الدين الايوبي ل "أ.د. سعيد عاشور"
البداية والنهاية ل "ابن كثير"
الكامل في التاريخ ل "ابن الأثير".
وفيات الأعيان ل "ابن خلكان".






تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

الليث بن سعد 5

الدكتور نجيب محفوظ باشا

"ان هذه أمتكم أمة واحدة وأنا ربكم فأعبدون" الجزء الأول