صلاح الدين الايوبي 13

أصبح "الناصر صلاح الدين الأيوبي" ملك مصر والشام رسمي، بإعتراف الخليفة العباسي "المستضئ بالله". بعد ما خاض حروب في 3 اتجاهات في وقت واحد، مع الصليبيين والاسماعيليين وأمراء "نور الدين محمود" الطمعانين في الحكم والسيادة حتي ولو بالخيانة. كل القوي دي اتحالفت ضد "صلاح الدين" اللي حارب بكل قوته ويقينه بالله عشان تفضل وحدة مصر والشام والعراق ثابته ومترابطه قصاد العدو الصليبي. وعشان "صلاح الدين" صدق ما عاهد الله عليه، كان الله عز وجل مسدد دايما خطاه.

في سنة 572هجري 1175م. تزوج "صلاح الدين الأيوبي من "عصمة الدين خاتون بنت معين الدين أنر"، اللي كان حاكم دمشق، واللي كانت أرملة "نور الدين محمود" وأم "الصالح إسماعيل". وزي ما قلنا الجزء اللي فات انها كانت ست صالحة صوامة قوامة حافظة للقرآن الكريم ومحبة لأعمال الخير، وبيعتبرها المرخين انها كانت الدافع الخفي وراء "نور الدين" و "صلاح الدين"، اللي بتشد من عزيمتهم لمحاربة الصليبيين. وكانت ست حكيمة عاقلة، وليها رؤية ورأي، يعني لو أخدنا مقولة وراء كل عظيم إمرأة، هتكون "عصمة الدين خاتون" هي المرأة  دي.

وبعد ما اتطمن علي أحوال الشام، وعين علي كل بلد حاكم يضمن ولاءه، رجع مصر. وفي شعبان من نفس السنة راح اسكندرية وأمر بتجديد وتكبير الاسطول. وفي رمضان رجع القاهرة وأمر ببناء المدرسة الشافعية حوالين قبر "الامام الشافعي"، لتعليم المذهب الشافعي، وده كان لازم عشان يقضي علي أفكار الشيعة اللي عششت في وجدان المصريين. وكمان بني مستشفي كبيرة. وأهم حاجة بقي انه في سنة 573هجري 1176م، أمر ببناء قلعة في القاهرة، واللي تولي بنائها كان الأمير "بهاء الدين قراقوش" – أيوه هو بتاع المثل حكم قراقوش وده هيكون لينا معاه مقال مفصل هيوضح الظلم اللي وقع علي سمعته وشوهها – اللي كان مملوك ابن عمه "تقي الدين عمربن شاهنشاه بن أيوب. إيه ده مملوك، ايوة حضرتك في الدولة الأيوبية اللي كانوا مشهورين بإستقطاب المماليك، وكانوا بداية فتحة الخير عليهم في مصر والشام.

وفي جمادي الاولي 573هجري، نوفمبر 1177م. خرج "صلاح الدين" بجيش مكون من 20 ألف مقاتل من مدينة بلبيس، وراح داخل مدينة عسقلان اللي في فلسطين حاليا، ووقتها كانت تحت الاحتلال الصليبي. وملاقاش فيها أي مقاومة وأخدها بمنتهي السهولة. الفوز السهل ده زغلل عيون الجنود بالغنايم اللي جايالهم ع الطبطاب. ومن بعدها دخل الجيش مدينة الرملة ودي كانت أهم مدينة في فلسطين وقتها، وبرده اتاخدت بسهولة والغنايم كترت، والجنود دماغهم خفت، وفضلوا يدخلوا القري والمدن القريبة عشان يعبوا ويشيلوا من الغنايم، وفضل "صلاح الدين" مع قوة قليلة من الجيش مرابط في الرملة لحد ما وصل لنهر تل الصافية، وهنا اتفرقوا يمين وشمال عشان يلاقوا وسيلة أو طريقة يعدوا بيها النهر.

أتاري السهولة اللي قابلتهم دي كانت خطة من الصليبيين، وخصوصا من "بلدوين الرابع" حاكم مملكة بيت المقدس، واللي كان عنده 16 سنة. وبما ان سنه كان صغير مش هيعرف يخطط التخطيط الجهنمي ده، فأحب اقولك ان الشيطان اللي كان بيحركه ويخططه هو "أرناط". فاكر لما "كمشتكين" حب يكافئ "ريموند التالت" علي تشتيته ل "صلاح الدين" عن حلب، فخرج الأسري الصليبيين اللي كانوا مسجونين في حلب. أهو من ضمن الأسري دول كان الأمير "رينالد دي شاتيون" سي أرناط أفندي، أحلي مكافأة دي ولا ايه. و"أرناط" مكدبش خبر وطار علي بيت المقدس يقدم فروض الطاعة والافكار الشيطانية اللي هيشرب منها "صلاح الدين" المر ل 10 سنين قدام.

دلوقتي الوضع كالآتي "أرناط" و "بلدوين الرابع" واقفين فاتحين السكة ل "صلاح الدين" ومستنيينه في الرملة. نص جيش "صلاح الدين" اتغر نفس غرور جيش مسلمين أحد، وجريوا ورا الغنايم، والنص التاني اللي مع "صلاح الدين" اتقسم نصين تاني كل واحد مشي في ناحية عشان يعدوا النهر. ولما اتشاف "صلاح الدين" مع ربع جيشه، هجم عليه جيش الصليبيين الكامل بقيادة "أرناط" و "بلدوين الرابع". وكانت معركة رهيبة غير متكافئة بالمرة، وانهزم "صلاح الدين" لأول مرة في حياته. وقدر يرجع مصر بأعجوبة، كان بينه وبين الموت شعرة حرفيا. واتقتل في المعركة دي ابن "تقي الدين عمر" ابن عم "صلاح الدين" واتأسر ابنه التاني وفضل في الأسر عند الصليبيين 7 سنين. وحزن "صلاح الدين" حزن كبير علي حزن ابن عمه. وكمان اتأسر الفقيه الكبير "عيسي الهكاري" اللي كان الوسطة بين "صلاح الدين" و "نور الدين محمود" لما كان فيه سوء تفاهم بينهم قبل كده. ورغم أخبار الهزيمة اللي طارت علي مصر، الا ان المصريين فرحوا برجوع "صلاح الدين" سالم من المعركة، واستقبلوه استقبال الفاتحين بالزينة والزغاريد والتكبير.

عارف بقي لما اتصالح "صلاح الدين" مع "الصالح اسماعيل" واداله حكم حلب، "كمشتكين" أساس البلاوي راح فين. هرب وراح استخبي في قلعة حارم، وفرض سطوته عليها. وفي ظل انشغال السلطان "صلاح الدين" في مصر وفي موقعة الرملة. بدأت الأمور تتخبط في الشام. "الصالح اسماعيل" بعت مجموعة من جنوده ورا "كمشتكين" اللي فعلا قدورا يقبضوا عليه ويسلموه ل "الصالح اسماعيل" في حلب. وهناك مسكه وعلقه من رجليه وفين يوجعك، ماهو السبب واللي لبسه في الحيطة مع "صلاح الدين" وساعة الجد سابه وخلع، وكمان اخد حارم. وطلب منه "الصالح اسماعيل" وهو متعلق كده يبسيب حارم، و"كمشتكين" علي نغمة واحدة مسيبهاش يا صالح مسيبهاش يا صالح. راح "الصالح إسماعيل" مولع من تحته النار، لا مكنش فاكره خروف، هو كان بيهوشه بس، لكن "كمشتكين" من طولة القلبة مستحملش واتخنق ومات. وفي نفس ذات الوقت كان حاكم حماة "شهاب الدين محمود" خال "صلاح الدين" مريض جدا وبيحتضر. الصليبيين قالولك فرصة، حاكم حماة بيموت، وحارم فاضية، وحلب "الصالح اسماعيل" فيها مشتت، و"صلاح الدين" لسه طالع من معركة بمعجزة سليم. يبقي مستنيين ايه عشان نهجم علي الشام. وفعلا هجموا علي "حماة" وفضل القتال داير 4 أيام، وفي الاخر انهزموا. بس ميأسوش وقالوا نجرب حظنا في حارم أهي فاضية وملهاش حاكم، لكن "الصالح اسماعيل" طلع من حلب بجيشه ودافع عنها.

أول ما سمع "صلاح الدين" باللي حصل في الشام، خرج من مصر وسافر لدمشق. وهو في السكة جاله خبر وفاة خاله حاكم حماة "شهاب الدين محمود" وكمان توفي "سيف الدين غازي" الحاكم الفرفوش حاكم الموصل.

فضل السلطان "الناصر صلاح الدين" في دمشق يرتب الأوضاع، ويحاول يصلح اللي مال،  لو تفتكر برده  "شمس الدين بن المقدم" اللي كان وصي علي "الصالح اسماعيل" وخد حكم دمشق كده وضع يد، وبعدين ماين أموره مع "صلاح الدين" وسلمه دمشق لما لقي موقفه وحش. وقتها "صلاح الدين" عفا عنه وخلاه حاكم علي بعلبك. وصلت أخبار ل "شمس الدين بن المقدم" ان "صلاح الدين" ناوي يستغني عنه ويبدله بأخوه "شمس الدين توران شاه بن نجم الدين"، فقفل ابواب بعلبك عليه ورفض تسليمها للسلطان. لحد ما جاله "صلاح الدين" بنفسه وحاصر بعلبك لحد ما استسلم، وبرده رضاه "صلاح الدين" بأموال ونزله من الحكم. ما هو الفترة دي "صلاح الدين" عاوز يسيب الشام في ايد أمينة، مع ناس ضامن ولاءهم ليه، مش ناس كان ليه معاهم قلق قبل كده.

من ضمن الحاجات اللي تتكتب بماء الدهب في سيرة "صلاح الدين". ان كان فيه عرف متبع علي الحجاج ، انهم يدفعوا ضريبة ومكوس للحج، واللي كان يعجز عن دفعها كان يتمنع من الحج. وفي سنة 574هجري 1178م، أمر "صلاح الدين" بإلغاء الضرايب والمكوس عن الحجاج في مكة، وفي المقابل بقي يدفع لأمير مكة نصيب سنوي من بيت المال في مصر. ومش بس كدع ده كان بيبعت كل سنة لمكة 8 آلاف أردب غلال لإطعام حجاج بيت الله كل موسم حج. اللي عمل ده كله محجش ولا مرة في عمره بسبب انشغاله في الفتوحات وبسبب عدم مقدرته المالية. سلطان مصر والشام مكنش معاه دخل خاص يقدر بيه يحج، سبحان الله. 

يتبع
مروة طلعت
18 / 9 / 2022
المصادر:
صلاح الدين الأيوبي بطل حطين ومحرر القدس من الصليبيين ل "عبد الله ناصح علوان".
سيرة صلاح الدين الايوبي ل "القاضي بهاء الدين المعروف بابن شداد".
صلاح الدين الايوبي ل "أ.د. سعيد عاشور".
الكامل في التاريخ ل "ابن الأثير".
البداية والنهاية الجزء 12 ل "ابن كثير".

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

خماراويه

السلطانة شجر الدر 6

نشأة محمد علي باشا