صلاح الدين الايوبي 11
من أول اعلان وفاة "الملك العادل نور الدين محمود" وخلافة ابنه "الصالح إسماعيل"، و "الناصر صلاح الدين الأيوبي" في مصر معلن الولاء والتبعية للملك الجديد "الصالح إسماعيل". وراح مغير العملة وصاككها بإسم "الصالح إسماعيل"، وغير الخطبة والدعاء ل"الصالح إسماعيل". لكنه فوجئ بإنهيار الصف الشامي من المملكة الزنكية، وظهرت الانقسمات والصراعات، ده غير التدهور الأخلاقي والانحلال. كل حاجة بناها "نور الدين محمود" اتهدت وظهر العكس. فتحولت الدولة الزنكية بين يوم وليلة من القوة والعزة، للضعف والانحلال. وكان "صلاح الدين" مراقب الوضع في الشام بقلق خصوصا ان العدو الصليبي في وسطهم، وده يوم سعده طبعا لما الدولة الزنكية تنهار عشان ينقض عليها. فقرر "صلاح الدين" التدخل وانقاذ البلاد الشامية، لكن عطله شوية مشاكل في مصر وهتلاقي كل حاجة مشروحة بالتفصيل في الجزء العاشر ولينكه في أخر المقال .
بعد ما نفض "صلاح الدين" ايديه وخلص من المؤامرات والحروب والمشاكل اللي سببها ديول الدولة الفاطمية في مصر، والوضع خلاص بقي مستتب في مصر. وراضا الشعب وفرق علي الناس العطايا والهبات، لحد ما اتأكد ان مش بس جيشة ومواليه في ضهره لا وكمان كل المصريين مخلصين له الولاء والحب. ساعتها بس التفتت بكل حواسه علي الشام، لكنه برده فضل واقف مكانه مخدش رد فعل. وزي برده ماشرحنا شخصية "صلاح الدين الأيوبي" في الجزء التالت اللي لينكه في اخر المقال .
كان راجل بيميزه رباطة الجأش، يعني بيفكر كويس اوي ويرتب لكل خطوة ومش متسرع في قراره الا لو اتأكد ان خطوته دي هتحقق هدفها، يعني راجل تقيل. "صلاح الدين" دايما قبل ما يدخل أي بلد، أول حاجة بتهمه هي ناسها وأهلها. فكان حاطط رد فعل الدمشقيين في باله، وعشان كده حاول يكسب ودهم باظهار الولاء للملك الجديد، وعشان كده برده فضل مكانه مستني ومستحمل كل الرسايل اللي وصلتله من "ابن المقدم" اللي استولي علي دمشق، ومن "كمشتكين" اللي استولي علي حلب، بكل ما فيها من اهانات.
لحد ما جتله الفرصة علي طبق من دهب، لما فوجئ برسايل من كبار رجال دمشق بيستنجدوا بيه من حالة الضعف والانحلال اللي وصلولها علي ايد "ابن المقدم". وهنا دقت ساعة العمل، وجمع جنوده وجيشه، وساب أخوه "العادل سيف الدين أبو بكر" مكانه في مصر، وخرج علي راس جيشه في اتجاه دمشق. مع العلم ان البلاد الصليبية كانت في الطريق بين مصر ودمشق، يعني ممكن تدور حروب في السكة بينه وبين الصليبيين، خصوصا ده كان وقت الأمور بينه وبين الصليبيين علي صفيح ساخن، وعند الصليبيين تار بايت معاه، لكن "صلاح الدين" مهتمش ثقة في الله وفي نفسه.
ولما "شمس الدين بن المقدم" عرف ان "صلاح الدين" جايب جيشه وجايله، وياسبحان الله السكة مفتوحة قدامه ومحدش من الصليبيين اعترضه. ركبه خبطت في بعضها، وقال جالك الموت يا تارك الصلاة. فحب يحسن من موقفه ويخفف من غضب "صلاح الدين" عليه. وبعد ما كان عامل فيها عنتر وباعتله رسايل كلها تحدي واهانة، راح باعتله رسايل تانية قال ايه بيشجعه علي الحضور لانقاذ الوضع في الشام، انت مبتجيش ليه مش تبقي تيجي. تعالي انت بسرعة بس ووعد مني هسلمك دمشق وفوقيها بوسة.
وفي ربيع الأول سنة 570 هجري 1175م. دخل "صلاح الدين الأيوبي" دمشق، ومترفعش في دخوله سلاح. دخل المدينة وهي فاتحة دراعاتها ليه والأهالي مرحبين ومسرورين بدخوله. حبيبهم الغائب قد عاد من جديد، مننساش انه كان قائد الشرطة ومن بعدها كان مستشار "نور الدين محمود" في دمشق قبل خروجه منها علي مصر بأمر "نور الدين" نفسه. وأول ما دخل دمشق راح قعد في بيت والده القديم (دار العقيلي). وهناك جت وراه الوفود من أكابر دمشق ومن قلعة الحكم مرحبين. ورد عليهم "صلاح الدين" بكلمة في منتهي الذكاء " أنا مملوك الصالح إسماعيل بن نور الدين وما جئت الا لأنصره وأخدمه وأعيد البلاد التي أخذت منه إليه". وبعدها جه نائب قلعة الحكم "الطواشي ريحان" وسلمه مفاتيحها. وطالب "صلاح الدين" بأحقيته في تربية "الصالح إسماعيل بن نور الدين". ومن بعدها قام وتوجه لقلعة دمشق وفتح خزاينها، وخرج الفلوس اللي أخدها "ابن المقدم" من الدمشقيين بزيادة الضرايب والمكوس، وخرج للناس ورجعها ليهم تاني. وحكم بين الناس بالعدل ورفع المظالم ورجع الحقوق لأصحابها. أمر بالغاء كل حاجة حصلت بعد "نور الدين محمود" من ضرايب أو مكوس أوفجور وأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. ورجع كل حاجة علي عهد "نور الدين محمود" من تاني.
كده دمشق بقت في ايد "صلاح الدين" خلاص، والدمشقيين بقوا مواليين له ومخلصين، والأمور اتظبطت في دمشق وبقت تمام. راح باصص بقي علي حلب، ولو تفتكروا في الجزء العاشر، قلنا ان الأمراء اتحججوا ب "الصالح إسماعيل" ودخلوا حلب وغدروا ب"ابن الداية" حاكم حلب وأسروه هو وعيلته، واخدوا منه الحكم وقعد فيه "كمشتكين".
"صلاح الدين" كان لازم يرجع حلب تاني عشان يحكم قبضته علي كل البلاد الشامية ويقضي علي كل خصومه وميبقاش فيه شوكة في ضهره. ده غير ان "الصالح إسماعيل" لسه معاهم، ولازم يرجعه تاني دمشق وتحت جناحه. وقبل ما يتحرك قعد أخوه "سيف الاسلام طغتكين بن أيوب" مكانه في دمشق. وانطلق علي رأس جيشه الي حلب. وفي السكة دخل حمص وحماة تقريبا من غير مقاومة. وفي حماة رفض في الأول حاكمها "عز الدين بن جبريل" التسليم لكن "صلاح الدين" اقنعه انه جاي يوحد صف الشام عشان تفضل قوية قصاد الصليبيين، فأقتنع وسلم المدينة. ومن بعدها طلب من حاكم حماة "عز الدين بن جبريل"، انه يكون رسوله ل "كمشتكين" في حلب، قاله فيها "اعلم أنني ما وصلت الي الشام الا لجمع كلمة الإسلام، وتهذيب الأمور، وحياطة الجمهور، ويد الثغور، وتربية ولد نور الدين، وكف عادية المعتدين". وطلب منه التسليم ورجوعه لوحدة الشام، والافراج عن "ابن الداية" وعائلته. وفعلا سافر "ابن جبريل" لحلب، ووصل رسالة "صلاح الدين" ل "كمشتكين"، لكن الأخير سمع الرسالة باستهزاء وأمر بالقبض علي "عز الدين بن جبريل" ورماه في السجن جنب "ابن الداية" اللي جاي يطالب بفك سجنه، اهو يونسوا بعض.
ولما رجوع "عز الدين" اتأخر، بعت "صلاح الدين" رسالة تانية ل"كمشتكين"، لكن جاله الجواب المرة دي مليان بالاهانات والردود اللي مش ولابد. مسك "صلاح الدين" أعصابه وبرده بعتله رسالة تالتة يفكره بأيام صحبتهم في خلافة "نور الدين" والعهد والقسم والعيش والملح، وده عشان "صلاح الدين" مش عاوز يدخل بلد بالدم وخصوصا انه خايف علي اهل البلد وعلي "الصالح إسماعيل" وأهل بيت "نور الدين محمود" اللي في حلب. لكن برده جاله الرد بمنتهي الوقاحة. وهنا لقي "صلاح الدين"ان مفيش فايدة فتحرك بجنوده لحد ما وصل لجبل جوشن. هنا بقي بعت "كمشتكين" رسالة استغاثة لشيخ طائفة الاسماعيلية "راشد الدين سنان".
مين بقي طائفة الاسماعيلية دي، هنلاقي "الامام الغزالي" بيرد علي السؤال ده في كتابه "فضائح الباطنية عن مبادئ الاسماعيلية" وبيقول: "أن مذهبهم ظاهره الرفض (أي التشيع) وباطنه الكفر المحض، والمنقول عنهم الإباحة المطلقة، ورفع الحجاب، وإستباحة المحرمات، وإنكار الشرائع، إلا أنهم بأجمعهم ينكرون ذلك إذا نسب اليهم". وإسمهم الاسماعيلية عشان مؤسسها كان إسمه "إسماعيل بن جعفر الصادق".
وافق "راشد الدين السنان" علي حمايتهم من "صلاح الدين" بشروط. ايه هي شروطك ياعم السنان. ان التشيع يبقي مذهب حلب، ويترفع الأذان بحي علي خير العمل، ويكون للشيعة جامع كبير، ويتذكر أسماء الأئمة الأثني عشر بتوعهم في الجنازات، وتكبيرة صلاة الجنازة تكون خمسة مش أربعة. واللي يعقد جوازاتهم كلهم إمام شيعي بالمذهب الشيعي. ووافق "كمشتكين" علي كل ده، واترفع الأذان فعلا بحي علي خير العمل. شيعة شيعة بس الحقوني من "صلاح الدين". يعني الشيعة ورا "صلاح الدين" في مصر والشام مفيش فايدة.
في البداية بعت "السنان" جماعة مهمتهم يغت.الوا "صلاح الدين"، فراحوا لمعسكره علي جبل جوشن، وحاولوا يوصلوا لخيمته، لكن جنوده وحراسه خدوا بالهم منهم، وقامت مابينهم مبارزة بالسيوف، وسقط قتلي من الناحيتين، لكن المحاولة فشلت. "السنان" برده ميأسش، لما اتحرك "صلاح الدين وعسكر في عزازوحاصر حلب، بعت "السنان" 3 تانيين، بس خططوا المرة دي كويس ودخلوا خيمة "صلاح الدين" وهم لابسين لبس الجنود. وهجم الاولاني عليه وضربه بسك.ين لولا عناية الله والدروع اللي كان لابسها حمته منها. وهجم الحرس وقامت عاركة جوا الخيمة قضت علي المتآمرين. لكن الحركتين دول خلت فيه تار قرر "صلاح الدين" انه ياخده من الاسماعيلية، لما بس يروقلهم.
"كمشتكين" قاعد في الحصار اللي فرضه "صلاح الدين" علي حلب بيراقب اللي بيحصل وهو خايف. ولما فشلت مؤامرات "السنان"، "كمشتكين" قالك لا منا مش هفضل ساكت لحد لما ألاقي "صلاح الدين" في أودة نومي. راح باعت رسالة ل "ريموند التالت" أمير طرابلس والوصي علي عرش بيت المقدس بعد موت "عموري". وطلب منه التحالف ضد "صلاح الدين"، وينقذه من الحصار. "ريموند التالت" طبعا لقاها فرصة ذهبية، يدخل في الخط ويبوظ خطة "صلاح الدين" في توحيد الصف الشامي من جديد، ومنها لقيام تحالف بين الشام ومصر، وساعتها الصليبيين هيتعصروا في النص.
في البداية حاول "ريموند التالت" يستعبط ويتدخل ودي، فبعت رسالة ل "صلاح الدين" في ظاهرها تبان انها رغبة منه في الصلح بينه وبين "كمشتكين" لكن في باطنها تهديد بإن الصف الصليبي إتحد وبقي في جانب حلب. فرد عليه "صلاح الدين" وقاله: "لست ممن يرهب بتأليب الفرنج". وكرد عملي بعت "صلاح الدين" فرقة من جيشه لإمارة إنطاكية الصليبية أغاروا عليها وأخدوا منها غنيمة حلوة ورجعوا.
في المقابل راح قام "ريموند التالت" هاجم علي حمص اللي بقت تابعة ل "صلاح الدين"، عشان يشتته ويفك الحصار علي حلب. وفعلا نجحت خطة "ريموند التالت"، ورجع "صلاح الدين" بجنوده علي حمص يلحقوها واتفك الحصار عن حلب. ومن فرحة "كمشتكين" بفك الحصار، حب يكافئ "ريموند التالت"، فأطلق سراح الأسري الصليبيين اللي كانوا عنده، وكان أهمهم "رينو دي شاتيون" المعروف ب "أرناط".
يتبع.....
تعليقات
إرسال تعليق