صلاح الدين الايوبي ٦
أهالينا زمان مكنوش يحبوا حد غريب يدخل البيت ويكشفه أو يلف فيه. كانوا يقولوا الغريب مايكشفش عورات الدار. يعني مينفعش يشوف مميزات أو عيوب البيت ولا عينه تلقط خير البيت ولا فقره. عشان متظهرش أطماع أو أحقاد أو حتي حسد، ده غير السيرة اللي هتبقي علي كل لسان. ويظهر ان "شاور" و "ضرغام" غابت عنهم حكمة ستي دي. فلما دخلت جيوش "عموري الصليبي" ملك بيت المقدس وجيش "نور الدين محمود" بقيادة "أسد الدين شيركوه" مصر. ولفوا جوا البلد، ظهرلهم أن البلد دي كنز كبير، وموقع استراتيجي خطير، والكنز ده خسارة في الدولة الفاطمية اللي أصلا بتحتضر. حفظوا مدنها ومسالكها، وعرفوا نقاط القوة والضعف، واترسمت أحلام السيطرة علي مصر في دماغ "عاموري" و "شيركوه".
بعد حملة "أسد الدين شيركوه" علي مصر الأولي ما إنتهت بإتفاقه مع "عاموري الصليبي" بالإنسحاب المزدوج من مصر سنة 1164م، وخرج الجيشين من مصر.
ولمزيد من الفهم والمتابعة اقرا الجزء الأول
والجزء الثاني
والجزء الثالث
والجزء الرابع
والجزء الخامس
رجع "أسد الدين شيركوه" علي دمشق وهو بيحلم بالرجوع تاني لمصر، وفضل كل شوية يعبر عن الرغبة دي للسلطان "نور الدين محمود" مع وصفه الدقيق لإيجابيات السيطرة علي مصر في حروبهم ضد الكيان الصليبي. والحقيقة ان السلطان "نور الدين محمود" هو كمان كان شاغله الخاطر ده، بس هو كان متميز في التخطيط المتأني، ويعمل مليون حساب لخطوته اللي جاية، وفي هدوء وصمت. عشان كده كان العدو بيخاف منه ويعمله ألف حساب لأنه كان حقيقي محدش يتوقعه. الغريب بقي في الموضوع، انك لو جيت بصيت علي موقف "صلاح الدين الايوبي" في الليلة دي، هتلاقيه مش متحمس نهائي من ناحية مصر. وكان مرواحه لمصر مع عمه "شيركوه" تنفيذ أوامر وخلاص.
وفي يوم سعيد من سنة 1167م. فوجئ السلطان "نور الدين محمود"بدخول رسول من الخليفة الفاطمي "العاضد" بيستنجد بيه وبيطلب مساعدته في الخلاص من وزبره "شاور"، اللي عاث في الارض فساد في الفساد، واللي كان سفاح من الدرجة الأولي، وملا الأرض دم وخراب. وطبعا الخليفة "العاضد" خاف منه علي نفسه، وبما انه ضعيف ومش بايده حاجة فقال يشتريله كبير، وقد كان. وفي التو واللحظة جهز "أسد الدين شيركوه" جيوشه وهو في منتهي السعادة، انه رايح يحقق حلمه وهيدخل مصر للمرة التانية. وطلب "شيركوه" من السلطان انه ياخد معاه ابن اخوه "صلاح الدين" فوافق. وخرج "صلاح الدين" لمصر ، وهو بيتزق زق كده، مع الجيش وهو مش متحمس خالص وعينه الشمال بترف.
"شاور" بلغه من بصاصينه بعملة الخليفة "العاضد" قالك يا سنة سوخة ياولاد، وراح جاري باعت رسول يستنجد بملك بيت المقدس "عموري الصليبي". قاله الحقني ده جيش "نور الدين محمود" داخل عليا. قام "عموري" مكدبش خبر وجهز جيشه، اللي حرص المرة دي علي انه يكون جيش من العيار التقيل لانه عرف وجرب قوة وبأس "شيركوه"وجنوده قبل كده، وانطلق علي مصر. لما وصلت الاخبار في الطريق ل "أسد الدين شيركوه" بتحرك الجيش الصليبي علي مصر، فقرر بمكر القائد المحنك انه يدخل مصر ويتجه مباشرة علي الصعيد، واللي عاوز يحاربني يجي ورايا، وده طبعا لأنها أراضي وعرة والجو حر علي الفرسان الصليبيين النايتي. وده دليل علي ان "أسد الدين شيركوه" فضل ال 3 سنين اللي فاتت يفكر ويخطط ويحسب كل الاحتمالات كويس.
وصل "أسد الدين شيركوه" المنيا، وهناك قامت معركة البابين، فيها قسم "أسد الدين شيركوه" جيشه بحيث يخدع الصليبيين بتقدير قوته. ومسك "صلاح الدين الايوبي" قيادة مجموعة الوسط في الجيش وكانت دي المجموعة الاولي اللي قابلت الصليبيين. وفي اللقاء ده أظهر "صلاح الدين" مهارة حربية وقيادة قوية، وبسالة في القتال، لدرجة انه بمجموعته القليلة عن باقي الجيش الكلي قدر يشتت وينهك قوة الجيش الصليبي، وسلمهم للمجموعة اللي بعده تسليم اهالي وهم خلاص بيفرفروا. لما شاف "عموري" دخله "شيركوه" عليه بالمجموعة التانية، راح واخد الباقيين من جيشه وهربوا زي الفراخ، فضل يجري من المنيا لحد ما وصل الفسطاط . وكان انتصار ساحق للجيش الاسلامي علي الصليبيين في الجولة الاولي.
طلع جيش "أسد الدين شيركوه" علي اسكندرية، وسيطر عليها، وهناك ساب "صلاح الدين الايوبي" وعينه حاكم عليها. واخد نص الجيش وراح ورا "عموري" في الفسطاط. في الوقت ده بعت "عموري" رسالة لملك صقلية يستنجد بيه، ويطلب منه يحاصر شواطئ اسكندرية ويضرب في الجيش الموجود فيه بقيادة "صلاح الدين الايوبي" عشان يضعف الجيش الاسلامي أو يقضي عليه، ويشتت "أسد الدين شيركوه" عنه.
وفعلا فوجئ "صلاح الدين الايوبي" بالاسطول الصقلي محاصر اسكندرية ويضربه من البحر، لكن "صلاح الدين" قدر يكون جيشه ويرد الضرب بضرب، وأظهر بسالة وشجاعة قتالية عالية، وتخطيط وتكتيك عقلية لايستهان بها. وفي نفس الوقت فوجئ بجيش "عموري" اللي قدر يزوغ من جيش "شيركوه" محاصره كمان من البر. وفضل الضرب علي الاسكندرية و"صلاح الدين" من الناحيتين بر وبحر، وكان حصار شديد جدا وأهوال ومصاعب رهيبة. لكن الموقف الصعب ده أظهر قائد ومحارب صلب، وكسب رهان عمه "أسد الدين شيركوه" عليه. لدرجة ان اللي تعبوا من الحصار واستسلموا هم الاسطول الصقلي اللي ابتدا يتراجع ويرجع بلده. وفي نفس اللحظة وصل "أسد الدين شيركوه" بباقي الجيش وأنقذ الموقف وفك الحصار البري. وفي النهاية انتهي الموقف برده بعقد هدنة بين الجيش الاسلامي والجيش الصليبي واتفاقية بالانسحاب المزدوج من مصر لتاني مرة.
خرج جيش "أسد الدين شيركوه" من مصر لتاني مرة، بس المرة دي و"صلاح الدين الايوبي" في قمة الغضب، لانه كان شايف ان الحوار اصلا ملوش اي لازمة، ومكنش مفروض ينجرفوا المرة دي كمان في مصر. وأكيد كان راكب جنب عمه عمال يقوله قلتلك من الاول مصر بلاش ملهاش لازمة، منابنيش الا الحصار والبهدلة. بس "أسد الدين شيركوه" فضل مصمم ان مصر مهمة ولازم يرجعلها لتالت مرة. وكان "شيركوه" هو اللي علي حق.
يتبع......
مروة طلعت
29 / ٨ / ٢٠٢٢
#عايمة_في_بحر_الكتب
#السيرة_الأيوبية
المصادر:
صلاح الدين الأيوبي بطل حطين ومحرر القدس من الصليبيين ل "عبد الله ناصح علوان".
سيرة صلاح الدين الايوبي ل "القاضي بهاء الدين المعروف بابن شداد".
صلاح الدين الايوبي ل "أ.د. سعيد عاشور".
الكامل في التاريخ ل "ابن الأثير".
تعليقات
إرسال تعليق