صلاح الدين الايوبي 7

قال رسول الله صلي الله عليه وسلم: "عجب الله من قوم يقادون إلي الجنة بسلاسل". أهو الحديث ده يشبه اللي حصل مع "صلاح الدين الأيوبي" بالظبط. ف"صلاح الدين" بعد حصار الاسكندرية واللي حصل فيها، وخروج الجيش الاسلامي من مصر للمرة التانية، قال لعمه "أسد الدين شيركوه": "والله لو أعطيت ملك مصر ما سرت إليها، فلقد قاسيت بالإسكندرية وغيرها ما لا أنساه أبدا". "صلاح الدين" في الوقت ده كان عنده 30 سنة تقريبا، وعمه "شيركوه" كان شيخ كبير فوق ال 60 أو أكبر. كان رأي "صلاح الدين" هو منشتتش الجيش في الصراع في كذا اتجاه كفاية الحروب ضد الصليبيين في الشام واسترداد الولايات الشامية منهم، زي ماهم ماشيين عشان ميضعفش قوة الجيش، صاحب بالين كداب يعني، ده غير ان مصر بحورها كبيرة والسياسة الفاطمية خبيثة حتي لو كانت بتحتضر، يبقي ليه ندخل نفسنا في ضغوطات زيادة تتعب الكاهل الزنكي حاليا. لكن "أسد الدين شيركوه" كان متفوق علي ذكاء "صلاح الدين" ورؤيته بحاجة مهمة أوي وهي الخبرة. راجل كبير محنك، الدنيا أخدته يمين وشمال، تعلب عجوز عارف ان سقوط مصر في ايديهم هي الضربة القاضية علي الصليبيين.

والجزء الخامس
الجزء السادس

خرج جيش "نور الدين محمود" اللي بقيادة "أسد الدين شيركوه" من مصر، بعد ما مضوا اتفاقية انسحاب مزدوج مع جيش "عموري الصليبي"، واللي برده خرج من مصر، للمرة التانية. خرج "شيركوه" وهو متأكد من العودة، لكنه بيقول لنفسه غدا لناظره قريب. لما رجع "عموري" بيت المقدس، التف حواليه الامراء الصليبيين، وهاجموا سياسته الباردة في احتلال مصر. قالوله دلوقتي "نور الدين محمود" عينيه فتحت علي مصر، وبالتأكيد مش هيقعد كتير الا وياخدها. وده لو حصل هتبقي كارثة ونهايتنا الوشيكة. فلازم نقطع عرق ونسيح دمه، احنا لازم نسبق وناكل النبأ.

فجأه "شاور" في يوم ملوش ملامح، صحي من النوم، جاله الخبر، الحق يا مولاي ده "عموري" جهز جيشه وداخل علينا. وكعادة "شاور" كل اللي يهمه مكانه ع الكرسي، راح باعت رسول يجري ورا جيش "أسد الدين شيركوه" اللي كان لسه مسافر وموصلش حتي دمشق. الرسول قال ل "شيركوه" الحقني يا كبير مصر في خطر، لف وارجع تاني.
"نور الدين محمود" كان لسه طالع طازة منتصر في غزوة من غزواته ضد الصليبيين في الشام. لما سمع كده راح باعت مدد لجيش "أسد الدين شيركوه" وقاله التالتة تابته بقي. "صلاح الدين الايوبي" شاف كده قالك يادي الليلة السودة، مصر دي مش راجعها تاني. راح "نور الدين محمود" بعتله بشكل شخصي أمر حازم يكاد يكون بشخط كده وقال له: "أخرج مع عمك أسد الدين". طبعا مقدرش يقول كلمة زيادة وخرج مع عمه "أسد الدين شيركوه" متجهين لمصر للمرة التالتة.
وفي سنة 1168م، دخل "عموري الصليبي" لمصر لحد ما وصل "بلبيس"، وهناك ارتكب الصليبيين مد.بحة بشعة، نزلوا د.بح في السكان المصريين العزل ماسابوش راجل ولا ست ولا طفل. "شاور" سمع بالمد.بحة دي لطم وقال هيدخلوا الفسطاط هيعملوا فيها كده. فهداه فكره السفا.حي لفكرة أكثر جرم من جرم الصليبيين نفسهم. بما ان الصليبيين داخلين الفسطاط يستولوا عليها، وجيش "شيركوه" لسه ادامه حبة حلوين علي ما يوصل. يبقي أسلم الفسطاط للصليبيين وهي حطام.
وفعلا نادي المنادي في سكان الفسطاط اخرجوا من بيوتكم وانجوا بحياتكم الفسطاط هتولع. خرجت الناس تجري وتتكفي علي وشها، سايبين بيوتهم ومحلاتهم وفلوسهم وشقا عمرهم، طالعين يهربوا بروحهم. والناس تدوس علي بعض، وصريخ وعويل ورعب ما بعده رعب. ومستناش "شاور" الناس تخرج من بيوتها حتي وراح مولع في كل حاجة. والناس تجري والحرايق تجري وراهم، واستغل العربجية الفرصة وطلبوا أجرة مبالغ فيها للركوب، والهروب من الفسطاط اللي بتولع. واتحرقت الفسطاط كلها حتي جامع عمرو بن العاص اتحرق. واستمرت النار ماسكة في الفسطاط 54 يوم، يا قوة الله، لحد ما الفسطاط كلها ببيوتها وشوارعها وجوامعها وكنايسها ومحلاتها ومخازنها بقت حطام، اتساوت بالأرض حرفيا. واغلب الناس ماتوا، حتي اللي نجيوا مطلعوش سلام فقدوا أب أو أم أو زوج أو زوجة أو ابن أو أخ أو اخت. كل اللي "شاور" حققه انه رمل وشتت أو ثكل قلوب الناس ودمر حياتهم. ولما وصلت الاخبار ل"شيركوه" وهو في السكة عينه الوحيدة طقت شرار، عشان عينه التانية فقدها في حرب من حروبه ضد الصليبيين، وأقسم أن "شاور" أصبح في عداد الموتي. المفجع بقي بعد ده كله ان "عاموري" مرحش الفسطاط ده اتجه علي القاهرة مباشرة.
بعيدا عن تسلسل القصة انا ليا رأي كده صغير، الفسطاط كانت عاصمة مصر السنية وجامع عمرو بن العاص كان منبر العقيدة السنية، انما القاهرة كانت عاصمة الدولة الفاطمية الشيعية والجامع الازهر كان منبر الشيعة. ف "شاور" قالك اضرب عصفورين بحجر، اتحجج بالصليبيين وأقضي علي السنيين. لكنه مكنش يقدر يعمل كده في القاهرة طبعا. يعني يموت الزمار وصوابعه لسه بتلعب.
فوجئ "شاور" بدخول "عموري" القاهرة وبقي خلاص ادامه، وكل ده ولسه "شيركوه" موصلش، راح عامل مفاوضات مع الصليبيين، وفضل يماطل ويضيع وقت. لحد ما وصل "أسد الدين شيركوه" أخيرا. وبمجرد دخوله انضم لجيشه الجيش الفاطمي الكسيح اللي كان موضبه "شاور" بس اهي نواية تسند الزير. وهجم "أسد الدين شيركوه" علي "عموري" هجمة الاسد، خلاه ينهزم وينسحب ويخرج من مصر بيجر اذيال الخيبة.
ودخل "شيركوه" القاهرة منتصر، وسط فرحة كبيرة وزغاريد وتهليل وتكبير المصريين. وفي اللحظة دي عرف الخليفة "العاضد" الفاطمي، ان خلاص كدة البساط انسحب من تحت رجلين الفاطميين، وبقاؤه الوحيد في ايد جيش "نور الدين محمود" اللي ممثله "أسد الدين شيركوه". فاتفق الخليفة "العاضد" مع "شيركوه" علي مكيدة يوقعوا فيها "شاور" يخلصوا فيها منه.
كان "شاور" طبعا بيتردد علي "شيركوه"، وفي مرة وهو رايحله وماشي جنبه، فجأة مسكه من ياقته بغيظ، وحاوطه الحرس وكتفوه، وجروه علي خيمة، وهناك قطع واحد من الجنود راسه. وتم الخلاص من "شاور" أس البلاوي كلها. ومن بعده كافئ الخليفة "العاضد" الفاطمي، "أسد الدين شيركوه" بإنه عينه مكان "شاور" في كرسي الوزارة سنة 1169م، وإداله لقب "المنصور". لكن للأسف العمر ما أمهلش "أسد الدين شيركوه" وتوفي بعدها بشهرين علي طول. وذكر "إبن شداد" في كتابه: "وذلك ان أسد الدين كان كثير الأكل شديد المواظبة علي تناول اللحوم الغليظة وتتواتر عليه التخم والخوانيق وينجو منها بعد مقاساه شدة عظيمة فأخذه مرض شديد وأعتراه خانوق عظيم فقتله". رحم الله المنصور والقائد العظيم "أسد الدين شيركوه".
يتبع.....
مروة طلعت

30 / 8 / 2022م

#عايمة_في_بحر_الكتب

#السيرة_الأيوبية

المصادر:

صلاح الدين الأيوبي بطل حطين ومحرر القدس من الصليبيين ل "عبد الله ناصح علوان".

سيرة صلاح الدين الايوبي ل "القاضي بهاء الدين المعروف بابن شداد.
صلاح الدين الايوبي ل "أ.د. سعيد عاشور"
البداية والنهاية ل "ابن كثير"


تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

الراشد العمري 9

الليث بن سعد 5

الليث بن سعد 6