صلاح الدين الايوبي 5
"أسد الدين شيركوه"، إسم علي مسمي. كان رجل من نوع خاص، قائد عسكري محنك، شديد الذكاء وواسع الحيلة، قوي الشكيمة وحازم وده اللي إداله كاريزما عالية وهيبة ترهب منه الأعداء. منه اتعلم "صلاح الدين يوسف الأيوبي" فنون الحرب والفروسية والتخطيط والقيادة.
في عز ما الأيام مشتعلة بين الجيش الزنكي، تحت قيادة السلطان "نور الدين محمود"، والصليبيين. جاء الي دمشق وزير الدولة الفاطمية في مصر"شاور بن مجير السعدي" يستنجد بالسلطان "نور الدين محمود"، ويطلب منه يرجعله منصبه وملكه اللي أخده منه "ضرغام بن عامر اللخمي" مقابل تمويل حملة الجيش اللي هيخرج معاه ووعد بإعطاء السلطان "نور الدين محمود" تلت الخراج السنوي.
ولمزيد من الفهم والمتابعة اقرا الجزء الأول
والجزء الثاني
والجزء الثالث
والجزء الرابع
https://www.facebook.com/100149945682155/posts/pfbid05qM1prFpAtqGnYAmj3tJbhhMFKiFQG6KH5Pc6RN36p5ZEdAfNkZBRXQFD9d6n5rBl/
لما "ضرغام" خد خبر ان "شاور" هرب علي دمشق فهم علي طول انه راح يستنجد بالسلطان "نور الدين محمود". وفي الوقت ده كانت الدولة الفاطمية في اضعف اضعف حالاتها، يعني مش هتقدر علي قوة الجيوش الزنكية. راح "ضرغام" هداه تفكيره انه يستنجد بالجيش الصليبي في مملكة بيت المقدس. واتحالف مع ملك بيت المقدس "أموري الصليبي"، وعمل معاه اتفاق انه يدخل مصر وتكون تحت تبعية الصليبيين عشان يحميه من جيش "نور الدين محمود". ومش بس اداله مصر علي طبق من دهب لا ده كمان اتفق معاه يدفعله جزية سنوية يقررها "أموري" براحته، شيك علي بياض يعني. وراح "ضرغام" واخد نص الاتفاق وأجبر الخليفة "العاضد" الفاطمي انه يمضيه ويختمه. وبكده كتب "ضرغام" شهادة وفاته بنفسه.
السلطان "نور الدين محمود" في دمشق سمع عن التحالف بين "ضرغام" و الصليبيين، قالك لا كله الا مصر. مينفعش مصر تبقي تحت الحكم الصليبي، كده الصليبيين هيتبتوا أكتر في الشرق. وقرر يطرق علي الحديد وهو ساخن، وجهز حملة محترمة بقيادة الأسد "أسد الدين شيركوه".
طلب "أسد الدين شيركوه" من السلطان "نور الدين محمود" قبل ما يطلع بالحملة، انه ياخد معاه ابن أخوه "صلاح الدين يوسف"، يكون مساعده ومستشاره. وافق السلطان "نور الدين" لكن "صلاح الدين" قبل وهو مضطر ومش متحمس.
وانطلقت الحملة لمصر في شهر جمادى الاخرة 559 هجري 1164 م، ومعاهم "شاور بن مجير" علي حسب الاتفاق اللي كان بينه وبين السلطان "نور الدين محمود". وبتكنيك فيه كتير من الذكاء طلع السلطان "نور الدين محمود" بنفسه علي راس حملة تانية اتجهت لحدود بيت المقدس، عشان يشتت انتباه ملك بيت المقدس ما بين حمايته لمملكته والدفاع عن مصر في نفس الوقت فيضعف قوته.
اتحرك "أسد الدين شيركوه" بجيشه، فعدي الكرك ، ومر بالشوبك ،وأيلة ،والسويس ، ومنها إلى القاهرة ، وكان سريع جدا في لدرجة اجتاز برزخ السويس قبل ما يستوعبوا الصليبيين ويستعدوا للتدخل. حس "ضرغام" انه الصليبيين هيسوحوه وهم بيتخبطوا كده ومش متزنيين. حاول يتصرف فأرسل قوة عسكرية بقيادة أخوه "ناصر الدين" تتصدي لحملة "شيركوه" واتقابلوا في بلبيس. وهناك ساوي "أسد الدين شيركوه" القوة دي بالأرض، وهرب "ناصر الدين" علي القاهرة، وفضل "أسد الدين شيركوه" وراه بيطارده، لحد ما وصل في أواخر جمادى الاخرة للقاهرة، فخرج "ضرغام" بنفسه بكل الجنود اللي يملكها وكل قوته يحاول يتصدي ل "شيركوه" في محاولة يائسة عشان كان عارف ان المعركة دي هي معركته الأخيرة. وكانت المعركة عنيفة جدا تحت أسوار القاهرة، وانتهت طبعا بانتصار "أسد الدين شيركوه" بعد ما تخلى الجيش الفاطمي، والناس، والخليفة "العاضد" عن "ضرغام"، وسلموه تسليم أهالي ل "شيركوه". ولما لقي "ضرغام" نفسه في الهوا كده ومكشوف حاول يهرب، بس علي مين، دي أوامر السلطان "نور الدين" انه يتعلق فيبقي لازم يتعلق. وفعلا اتق.تل " ضرغام" جنب جامع السيدة نفيسة في شهر رجب 559 هجري 1164 م، واتق.تل أخوه "ناصر الدين" ، ودخل "أسد الدين شيركوه" القاهرة منتصر، ورجع "شاور" لمنصبه في الوزارة زي مضمون الاتفاق. ونصب "شيركوه" خيام معسكر جيشه برا أسوار القاهرة.
وبعدما ضمن "شاور" انه رجع لمنصب الوزارة واطمن، رجعت ريما لعادتها القديمة من مكر و خداع، واساءة للناس، وتجبره. وفوق ده كله لحس وعوده مع السلطان "نور الدين محمود" ومدفعش حاجة. ومن الواضح انه متعلمش حاجة من اللي حصل ومعرفش جاب قوة القلب منين، طلب من "شيركوه" انه يطلع بره ومصر وقاله ملكوش عندي حاجة.
"أسد الدين شيركوه" قاله انت اد كلامك ده وراح محتل بلبيس واعتبرها قاعدته العسكرية الاساسية، وجهز جيشه للزحف علي القاهرة. "شاور" برده متعلمش وكرر نفس غلطة "ضرغام"، وبعت يستنجد بملك بيت المقدس "أموري الصليبي". قاله لو جيش "شيركوه" استولي علي القاهرة كده مصر هتبقي في ايد "نور الدين محمود" وقول علي مملكتك يا رحمن يارحيم عشان هتكون كده في بق الكماشة محاوطك من الشام ومصر. بس "أموري" برده مكنش عبيط عارف ان "شاور" ضعيف ومحتاجله اكتر فقاله ارمي بياضك. راح "شاور" رامي روحه نفسها مش بس بياضه فعرض عليه ألف دينار عن كل مرحلة من مراحل الرحلة من بيت المقدس للقاهرة، اللي هم 27 مرحلة، و هدية لكل من يصحبه من فرسان الأسبتارية الي كانوا أساس جيش مملكة بيت المقدس، وكمان يتكفل بنفقات علف الحصنة مقابل مساعدته لإخراج "أسد الدين شيركوه" من مصر، مش عاوز كمان دي في دي. "شاور" كان بيلعب لعبة خطرة و يا صابت يا خابت.
بدأ "أموري الصليبي"بالزحف علي مصر على رأس قواته للمرة الثانية بعد ما خلي "بوهمند الثالث" أمير أنطاكية يتولي مسؤلياته في بيت المقدس في غيابه في شهر رمضان سنة 559 هجري 1164 م وبعت رسالة ل"شاور" أول ما وصل فاقوس، واتفقوا على حصار "أسد الدين شيركوه" في بلبيس ، وفضل الحصار ده ثلاثة اشهر دافع فيها "أسد الدين شيركوه" عن مواقعه، لحد ما "أموري" هو اللي زهق. ايه الناس الصامدة دي، مفيش أه حتي، متهزوش يا جدع. بس الحقيقة كان "أسد الدين شيركوه" قلقان عشان المؤن عنده كانت بتخلص لكنه كان مؤمن ان ربنا مش هيخذلهم، وتسلحوا باليقين بالله.
وكان الله عند حسن ظن عباده المخلصين. وما داقت الا ما فرجت، فجأة "أموري" بلغه ان "نور الدين محمود" رجع تاني يناوش حدود مملكته بس بشدة المرة دي. وعلي مبدأ سيب وانا سيب. راح "أموري"بعت رسول ل "شيركوه" بيطلب منه الصلح والاتفاق علي الانسحاب المزدوج من مصر. يعني يابن الحلال نطلع سوا من مصر وانت في حالك وسيبوا مملكتي في حالها. وفعلا تم الاتفاق وبدأت جيوش الصليبيين وجيش "شيركوه" يخرجوا من مصر، وكان "أسد الدين شيركوه" وابن أخوه "صلاح الدين الايوبي" أخر ناس خرجوا من مصر مع اخر فرقة طالعة. وكان الكسبان الوحيد في الحكاية هو "شاور" اللي رجع يحكم مصر تاني لوحده. بس ده كسب جولة واحدة وبالحظ لكنه مكسبش المعركة.
يتبع.....
مروة طلعت
24 / 8 / 2022
#عايمة_في_بحر_الكتب
#السيرة_الأيوبية
المصادر:
صلاح الدين الأيوبي بطل حطين ومحرر القدس من الصليبيين ل "عبد الله ناصح علوان".
صلاح الدين الأيوبي وجهوده في القضاء علي الدولة الفاطمية وتحرير بيت المقدس ل "دكتور علي الصلابي".
سيرة صلاح الدين الايوبي ل "القاضي بهاء الدين المعروف بابن شداد.
تعليقات
إرسال تعليق