صلاح الدين الايوبي 3

 عنده 11 سنة سايب "بعلبك" المدينة اللي كبر واتربي فيها. وانتقل مع والده "نجم الدين أيوب" و عمه "أسد الدين شيركوه" وأسرته، لحياة جديدة في "دمشق". وفي "دمشق" ابتدي فصل جديد في حياة "صلاح الدين" لكنه كان الاساس اللي عاش بيه حياته كلها. فاذا كان "صلاح الدين" اتربي علي ايد جنود جيش "عماد الدين زنكي" في "بعلبك"، فهو اتربي واتعلم علي في "دمشق" علي ايد البطل السلطان "نور الدين محمود بن عماد الدين زنكي" بذات نفسه.

يرجي مراجعة الجزء الاول 👇

https://www.facebook.com/100149945682155/posts/pfbid0mxigiw5RaLjcRvKh6U3oBYKYqpCcJLgwxPm6aL8pnQT7Ep3JJNDGm56KtTVuMMAnl/

والجزء التاني 👇

https://www.facebook.com/100149945682155/posts/pfbid01LmUQK8616c4dBxk76MgDiMQwChP5vf2oAbkaXsTayjEptKt3HD8WjSKSvssa2C6l/

في الوقت ده كانت "دمشق" هي قبلة العلم. فيها الجامع الأموي اللي بناه الخليفة "الوليد بن عبد الملك بن مروان الأموي"، واللي يعتبر رابع أشهر المساجد الاسلامية بعد الكعبة والمسجد النبوي والمسجد الأقصي. وواحد من أفخم المساجد لدرجة انه مصنف من ضمن عجائب الاثار الاسلامية السبعة. الجامع الاموي ده كان بيلعب دور الجامع والجامعة في العالم الاسلامي. وكان بيجي طلاب العلم للدراسة أو التدريس في الجامع الأموي من جميع البلاد. وكان من مشاهير علماء الجامع الاموي في الوقت ده الشيخ "عبد الله بن أبي عصرون"، واللي عينه فيما بعد السلطان "نور الدين محمود" في مركز قاضي القضاة لشدة علمه وتفقهه المتبحر في الدين. وعلي ايديه اتعلم "صلاح الدين الايوبي" في حلقات علمه بالجامع الاموي. وفضل "صلاح الدين" يكن الاحترام والتوقيرللشيخ ده طول عمره، ولما اصبح السلطان خلا الشيخ من أقرب الناس ليه علي الرغم من فقد بصره.

أما عن تعليمه وتدريبه فنون الحرب والفروسية والمبارزة فحدث ولا حرج، عن شجاعته واقدامه وتميزه وذكائه وسرعة بديهته. لكن اكتر صفة كانت بتميزه فعلا هي رجاحة العقل ورباط الجأش وثبات العزيمة، بمعني انه كان تقيل كده وعنده ثبات انفعالي علي أعلي مستوي، مكنش بيأثر في تفكيره أو صفاء ذهنه اي مؤثرات خارجية مفاجئة من اخبار او اشاعات، كان بيعرف يوزن الأمور كويس جدا وشجاع  وحكيم في قراراته. 

لما كبر "صلاح الدين" شوية كمان وبقي في عمر 15 سنة تقريبا، كان لافت نظرالسلطان "نور الدين محمود" لأنه كان يعتبر أكبر و أعقل من سنه، فطلب من والده "نجم الدين أيوب" انه يجيب ابنه "صلاح الدين" عشان يخدم من ضمن جنوده و أعوانه في القصر. طبعا طار "نجم الدين أيوب" من الفرح، وراح بشر ابنه "صلاح الدين". وكل يوم يعدي كان "صلاح الدين" يقرب من السلطان "نور الدين" اكتر. فاتربي علي ايديه حرفيا، اتعلم منه كتير من الامور السياسية والحكم. واخد منه منهجه وطريقة حكمه وتفكيره وعدله. واخد منه تدينه الشديد وغيرته علي الاسلام. اخد منه شجاعته وبسالته في الحروب، فكبر وهو متشبع بالأمور الحربية وبالدهاء السياسي. اتعلم منه الخشوع والانكسار لله الأحد وازاي يناجي ربه، والقوة والشجاعة والاقدام في وش الاعداء. اتعلم منه الرحمة والحلم للضعيف، والقسوة قصاد الفساد والظلم.

وشوية وعينه السلطان "نور الدين" في رئاسة الشرطة، ومخيبش "صلاح الدين" ظن "نور الدين" فيه. قدر في فترة قليلة يقضي علي قطاع الطرق واللصوص من أصلهم في دمشق. لدرجة ان الشاعر"عرقلة الدمشقي" كتب فيه قصيدة بتقول:

رويدكم يا لصوص الشَّام    فإني لكم ناصحٌ في المقال
أتاكم سَمِيُّ النبيِّ الكريم    يوسف رب الحجا والجمال
فذاك يقطع أيدي النِّساء    وهذا يقطع أيدي الرِّجال

ولما السلطان "نور الدين" شافه اد المسؤولية ويمكن الاعتماد عليه، اداله منصب كاتم السروضابط الركن، يعني المستشار الاشد قربا للسلطان في مرتبة أعلي من الوزير. وهو حلقة الوصل بين السلطان وبين قواده ومستشاريه.

نقدر نقول ان "صلاح الدين" نشأ علي الفضائل الكريمة، والخصال الحميدة، واكتسب في مجالسته للأمراء، ومن مصاحبته للقادة العادات الأصيلة، والمهارة الحربية، والغيرة الإسلامية، والشجاعة والحكمة. وفي السطور اللي جاية هنتكلم بشكل عام عن شخصية "صلاح الدين"من حيث تدينه ففي كتاب "سيرة صلاح الدين" للقاضي "بهاء الدين بن شداد" اللي كان من معصرين "صلاح الدين"، كتب وقال: 

"وكان رحمه الله حسن العقيدة كثير الذكر لله تعالي وقد أخذ عقيدته علي الدليل بواسطة البحث مع مشايخ أهل العلم وأكابر الفقهاء وكان قد جمع له الشيخ قطب الدين النيسابوري عقيدة تجمع جميع ما يحتاج اليه في هذا الباب وكان من شدة حرصه عليها يعلمها الصغار من أولاده حتي ترسخ في أذهانهم منذ الصغر ورأيته وهو يأخذها عليهم وهم يلقونها من حفظهم بين يديه.

وأما الصلاة فانه كان رحمه الله شديد المواظبة عليها حتي انه ذكر يوما أنه من سنين ما صلي الا جماعة وكان يواظب علي السنن والرواتب وكان له صلوات يصليها اذا استيقظ من الليل والا أتي بها قبل قيام الفجر. ولقد رأيته قدس الله روحه يصلي في مرضه الذي مات فيه قائما، وما ترك الصلاة الا في الأيام الثلاثة التي تغيب فيها ذهنه وكان اذا أدركته الصلاة وهو سائر نزل وصلي.

وأما الزكاة فانه مات ولم يحفظ ما تجب عليه به الزكاة - (يعني مات ومكنش سايب فلوس لولاده اصلا )- وأما صدقة النفل فانها استغرقت جميع ما ملكه من الأموال، فانه ملك ما ملك ولم يخلف في خزانته من الذهب والفضة الا سبعة واربعين درهما ناصريا وجرما واحدا ذهبا - (الجرم يعني نواة التمر والمعني انه مسبش وراه دهب الا بوزن نواية بلح )- ولم يخلف ملكا ولا دارا ولا عقارا ولا بستانا ولا قرية ولا مزرعة ولا شيئا من أنواع الأملاك.

وأما الصوم فانه كان عليه منه فوائت بسبب أمراض تواترت عليه - هنتكلم في الموضوع ده برده بالتفصيل لأن الحقيقة ان "صلاح الدين" عاني من الأمراض الكتيرة وشديدة الألم خصوصا أوقات انتصاراته -  وشرع رحمه الله في قضاء تلك الفوائت بالقدس الشريف في السنة التي توفي فيها وكان الطبيب يلومه علي القضاء وهو لا يسمع ويقول لا أعلم ما يكون. فكأنه كان ملهما ما يراد به رحمه الله.

وأما الحج فانه كان لم يزل عازما وناويا له سيما في العام الذي توفي فيه ولكن لم يتيسر له بسبب ضيق الوقت وخلو اليد - (يعني مكنش معاه فلوس للحج تخيل انت سلطان مصر والشام مكنش معاه فلوس شخصية يقدر يحج بيها) - فأخره الي العام المقبل فقضي الله ما قضي. وهذا شئ اشترك في العلم به العام والخاص رحمه الله.

وكان رحمه الله يحب سماع القرآن الكريم ويستجيد إمامه - (يعني بيختار الامام اللي يسمع منه القرآن) - ويشترط أن يكون عالما يعلم القرآن الكريم متقنا لحفظه. وكان رحمه الله خاشع القلب غزير الدمع اذا سمع القرآن يخشع قلبه وتدمع عيناه معظم أوقاته. واذا سمع عن شيخ ذي رواية عالية وسماع كثير في الحديث، اسحضره وسمع عليه فأسمع من يحضره في هذا المكان من أولاده وخاصته المختصين بيه - (يعني كان بيعمل حلقات استماع للقرآن وتفسير الاحاديث في بيته وسط أولاده وأعوانه).

وكان رحمه اللع كثير التعظيم لشعائر الدين، وكان مبغضا للفلاسفة والمعطلة، ومن يعاند الشريعة. واذا سمع عن معاند ملحد في مملكته كان يأمر بقت.له - (يعني مكنش بيقول دي حرية شخصية وربنا هو اللي بيحاسب وسايب الدنيا سلطة، كان بيبتر الفساد قبل ما ينتشر).

وكان قدس الله روحه حسن الظن بالله كثير الاعتماد عليه عظيم الانابة اليه. وكان اذا سمع أن العدو قد دهم المسلمين فكان يري ساهرا مهتما مغتما ساجدا لله داعيا في سجوده بهذا الدعاء: إالهي قد انقطعت أسبابي الأرضية في نصرة دينك ولم يبق الا الإخلاد اليك والاعتصام بحبلك والاعتماد علي فضلك انت حسبي ونعم الوكيل. وقد رأيته ساجدا ودموعه تتقاطر علي شيبته ثم علي سجادته ولا أسمع ما يقول. ولم ينقض ذلك اليوم الا ويأتيه أخبار النصر علي الأعداء".

مروة طلعت

19 / 8 / 2022

#عايمة_في_بحر_الكتب

#السيرة_الأيوبية

المصادر:

صلاح الدين الأيوبي وجهوده في القضاء على الدولة الفاطمية وتحرير بيت المقدس لدكتور علي الصلابي.

سيرة صلاح الدين للقاضي بهاء الدين المعروف بابن شداد. 

النوادر السلطانية للقاضي بهاء الدين المعروف بابن شداد.

صلاح الدين الايوبي بطل حطين ومحرر القدس من الصليبيين لعبد الله ناصح علوان.



تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

الراشد العمري 9

الليث بن سعد 5

الليث بن سعد 6