قعادة زاج وقعادة زجاج

 كان يا ماكان، في سالف العصر والأوان، في بلاد اليمن السعيد، بيت صغير عاش فيه اسرة سعيدة. لفت ودارت الايام بيهم، لحد ما القدر قال كلمته، ورحل الأب والأم. وفضل عايش في البيت زهرة وأخوها جابر. وفضل البيت منقاد بمحبتهم لبعض وخوفهم علي بعض. كانت زهرة أم أخوها، وكان جابر أبو اخته. فضل جابر يطلع كل يوم يسعي علي أكل عيشه، وزهرة قاعدة تاخد بالها من أمور البيت، تنضف وتغسل وتطبخ وتستني أخوها يرجع ياكل معاها ويطمن علي أحوالها ويحكيلها عن يومه. وفضلت الايام ماشية بيهم هادية سعيدة ملهمش دعوة بحد ومفيش حد بيتدخل في شئونهم.

لحد ما في يوم قرر جابر انه يتجوز. وراح لأخته وقالها عن رغبته في الزواج، طارت زهرة من الفرحة، وقالتله ده يوم المنا، فرحتك ياخويا هي فرحتي. ومكدبتش زهرة خبر وبدأت تدور لاخوها علي عروسة، ماهي مش بس اخته دي كمان بقت امه. لحد ما اتوفقت زهرة وقدرت تجيب لاخوها عروسة، وكتبوا الكتاب وعلوا الجواب. وجت العروسة تسكن في البيت مع زهرة وجابر، وزاد عدد الاسرة واحد. لكن مرات جابر معجبهاش ان زهرة تفضل ساكنة معاهم، لكنها رضيت في الاول بس عشان تتمكن وبعدها تتحكم. عدت الايام لحد ما اتأكدت ان قلب جابر بقي معاها، واشتغلت في كيد النسا. 

وبدأت سلسلة من الزن والنكد علي اتفة الاسباب، كل ما كان جابر يرجع من الشغل تقعد مراته جنبه وتشكيله من زهرة وعاملتها. وتألف أكاذيب بانها كسلانة ومهملة ومبتساعدهاش في شغل البيت، مع ان العكس هو الصحيح وزهرة هي اللي بتعمل كل حاجة، بس مرات جابر استغلت سكوت زهرة اللي كانت بتراعي نفسية اخوها ومش حابة تحمله فوق طاقته. وفضلت كل يوم مرات جابر تعلي في الشكاوي عن اليوم اللي قبله، وكل يوم تكدب كدبة جديدة عن زهرة. لحد مافي يوم قالت مرات جابر لجوزها ان زهرة مبينفعش معاها ملامة ولا عتاب ولازم يطردها. لكن جابر زعق لمراته واستنكر الفكرة، ازاي يطرد اخته وده بيت ابوها، وهتروح فين وهي ملهاش غيره.

لما لقت مرات جابر ان خطتها فشلت ومجابتش نتيجة، نقلت علي الخطة البديلة. فغيرت من اسلوبها وكلامها عن زهرة ومبقتش تشتكي منها، وبان لجابر ان الامور استقرت ورجعوا حبايب. فضلت مرات جابر لابدة في الدرة فترة عشان متحسسش جابر ان الخطة الجديدة بسبب كرهها لزهرة. 

لحد ما فيوم رجع جابر للبيت وقعد مع مراته وسألها عن اخبارها مع زهرة زي كل يوم. قالتله انهم كويسين مع بعض، بس قلقانة عليها بسبب خروجها كل يوم من البيت خصوصا انها بتطول بره وبترجع يادوب قبل رجوع جابر. وفضلت كل يوم تكررله نفس المعلومة لحد ما قدرت تزرع الشك في قلبه. لحد ما في يوم مراته قالتله انا عرفت سبب خروج اختك كل يوم من البيت. فسألها بلهفة عن السبب، فقالتله اختك تعرف واحد وبتخرج كل يوم عشان تقابله. في الاول جابر مصدقهاش ونهرها، لانه عارف اخته كويس وتربيتها. لكن مراته ميأستش لانها عارفة ان الزن ع الودان أمر من السحر. وفضلت كل يوم تتكلم في نفس الموضوع وتخوفه من الفضايح. وبسبب الزن ده، بدأت معاملة جابر لاخته تتغير، مبقاش يسلم عليها ولا يكلمها ويسأل عليها. زهرة كانت الحاجة الوحيدة اللي بتعيش عليها هي ابتسامة اخوها في وشها اخر اليوم. فجأة حتي البسمة دي اختفت - انا مش فاهمة هم اصلا مواجهوش بعض ليه - وبالتالي الحياة بالنسبة لزهرة مبقاش ليها معني، وقطعت زهرة الاكل وبدأت تمرض وتدبل. 

مرات جابر مفلتتش الفرصة دي من ايديها، الكورة جت في ملعبها، لما رجع جابر يومها من الشغل، جن مراته ونفثت سمها في ودانه، وقالتله اختك تعبانه عشان حامل وانا اتأكدت بنفسي. وبقلبها الحنين وخوفها علي سمعة جوزها، قالتله متخافش انا هخليها تنزل الجنين. راح جابر شغله تاني يوم والافكار بتاكل دماغه مابين مش مصدق وشاكك، ولما رجع قطعت مراته شكه باليقين. في اليوم ده مرات جابر اصطادت سحلية وسلخت جلده ولفت لحمة بدمها في حتة قماش. ولما رجع جابر من الشغل ورتهاله وقالتله قدرت اجهض زهرة واستر الفضيحة واخرج الجنين. 

وهنا سجلت مرات جابر الجون الاخير، ونجحت في انها تخلي جابر يغلي ويثور علي شرفه. فطلع يجري علي حجرة زهرة زي المجنون، اللي لما شافته فرحت انه دخل عليها حجرتها بعد ايام من القطيعة والهجر. لكنها فوجئت بأخوها اللي سابها ابوها معاه امانة، فيقبض علي رقبتها وبيخنقها، لحد ما طلعت روحها من جسمها بس فضلت متعلقة باخوها. وبعد ما عرف انها ماتت، وارتاح انه غسل عاره من غير ما يسمع منها او يتأكد تعرف مين. شال جابر اخته القتيلة ودفنها جنب بير القرية. ولما رجع كانت مراته في غاية الفرح عشان خلصت اخيرا من اخت جوزها.

وبعد أيام طلعت نخلة علي قبر زهرة، وفضلت تكبر وتكبر بسرعة غريبة لحد ما وصلت للسما. وكانت ستات القرية متعوديش يروحوا للبير يغسلوا هدومهم وينشروها علي الحجارة اللي حوالين البير. بس فوجئوا ان النخلة وقت النشير بتنحني عشان تخليهم ينشروا عليها، وبعد ما تمشف ويلموا هدومهم ويمشوا، ترجع تقف تاني. لحد ما في يوم جت مرات جابر تغسل غسيلها، واستغلت ان مفيش حد موجود، فنزعت هدومها وغسلتها ونشرتها علي النخلة. وفجأة النخلة اتعدلت من انحناءها وخدت هدوم مرات جابر لفوق وسابتها عريانة. وبدأت الناس تتلم وتتفرج ع النهلة اللي سرقت الهدوم، وبالمرة علي مرات جابر.

طبعا وصل الخبر لجابر، فطلع يجري ومعاه - لا مش هدوم لمراته من البيت - حطاب عشان يقطع النخلة وينزل لمراته هدومها من عليها. وبدأ الحطاب ينشر النخلة بمنشاره، فتوجعت النخلة وقالت: مو تنشر يا نشار، تنشر كعوبي بالمنشار. الراجل سمع كده اتخض وطلع يجري. راح جابر جايب حطاب تاني غيره ينشر النخلة - لا كده تبقي مرات جابر معندهاش غيارات في البيت - وأول ما اشتغل الحطاب فيها، اتوجعت النخلة وقالت: مو تنشر يا نشار، تنشر كعوبي بالمنشار. وزي اللي قبله رمي المنشار وجري. راح جابر جايب واحد تالت واتكرر نفس الموقف فالحطاب قاله : هذه مو نخلة يعلم الله ايش هي جنية او انسية. وسابها وجري. هنا راح جابرجاب حطاب أصم، وفعلا نشر الحطاب الأصم النحلة لانه مسمعش منها ولا من غيرها حاجة. ونزلت النخلة واخد من عليها هدوم مراته ولبستها ومشيوا.

بعد فترة وبعد ما المولد انفض، مرت ست عجوزة فقيرة جنب النخلة المقطوعة تجمع عيدان الحطب. فشافت في قلب النخلة بلحة مستوية، اخدتها وحطتها في السبت اللي بتجمع فيه العيدان علي راسها. وبعد شوية حست ان السبت بتقل فوق راسها، نزلته وبصت فيه، لقت ان البلحة بتكبر بسرعة وبتتقل. وخدتها البيت وهي بتابع امر البلحة العجيب اللي كل شوية بتكبر وتكبر. لحد ما نوها وقف واتشققت وخرج منها طفلة صغيرة جميلة جدا. فرحت بيها العجوزة جدا، واعتبرتها بنتها وونيستها في وحدتها. وفضلت تربيها لحد ماكبرت وبقت شابة مفيش في جمالها اتنين. هنا خافت العجوزة العرسان يطلبوها منها للجواز وتسيبها تاني لوحدتها. فقررت تخبيها، وتداريها عن العيون. لا تخرج ولا تطلع وقفلت عليها الابواب والشبابيك. لكن في يوم قدرت البنت تطلع من حبسها علي سطح بيتهم وشافها بالصدفة جابر من شباك بيته. وانبهر جابر بجمالها وعجبته. وعشان هو عارف الست العجوزة عايشة لوحدها وملهاش حد، قرر يراقب البيت عشان يتأكد اللي شافها دي من اهل البيت ولا جاية زيارة. واتكرر طلوع البنت للسطح ويشوفها جابر كل ما تطلع، فاتأكد انها عايشة في البيت. وفي يوم عزم أمره، وراح لبيت العجوزة، وطلب منها ايد البنت اللي شافها علي السطح. لكن العجوزة انكرت ان فيه حد عايش معاها. وفضل جابر يشوف البنت ع السطح كل ليلة وتاني يوم يلف ويدور ورا العجوزة يكرر طلبه - فرحانه في مراته اوي الحقيقة - والعجوزة مصرة ان معندهاش بنات في البيت. وبعد كام يوم راح جابر لبيت العجوز واصر ان ادام بتنكري ان معندكيش حد في البيت خليني ادور فيه. العجوزة كانت واخدة احتياطها ومخبية البنت جوا حصيرة، فسمحتله يدخل ويشوف. فدخل جابر بكل لهفة يلف ويدور، ويشيل ويحط، في كل ركن وجوا كل دولاب. لحد ما لقي الحصيرة، فهزها لقاها تقيلة. شالها بحرص وفكها فخرجت منها البنت. ولما انكشف السر، وبانت البنت، مقدرتش العجوزة ترفض طلبه. بس قالت تغالي في المهر وطلبت فيه كيس دهب وكيس فضة، فوافق جابر. لكن البنت اتكلمت وقالت انا كمان ليا شرط للزواج. قالها جابر اطلبي زي منتي عاوزة كل اللي تطلبيه مجاب - لا كده تبقي البلية لعبت مع جابر واكيد جاب لمراته هدوم زيادة - قالت البنت : اطلب قعادة زاج وقعادة زجاج لننام عليهما ولن اتزوجك بدونهما. وطبعا وافق جابر من غير تردد.

وزفت البنت لجابر بعد مادفع مهرها للعجوزة، وجاب لعروسته قعادة زاج وقعادة زجاج. ولما دخل جابر مع عروسته حجرتهم وقعد كل واحد علي قعادة. وجه يقرب منها، فاتكلمت القعادة اللي تحته وقالت: قعادة زاج وقعادة زجاج. فردت القعادة التانية عليها: كيف يصح بيت الأخوة زواج؟. استغرب جابر من اللي حصل - ومستغربش لما النخلة اتكلمت - وبدأ السريرين يرددوا نفس الكلام ويردوا علي بعض. فكر جابر وقال حياة البنت دي فيها سر ظهورها وكلام القعادتين وراهم حاجة. فقال جابر للبنت : اقسم لك بالله ولك عهده وميثاقه اني لن اقربك ولن اعاملك كزوجة ابدا، وكل ما ارجوه هو ان اعرف حقيقتك واسمع قصتك.

وبدأ البنت تتكلم وقالتله انها زهرة اخته اللي قتلها ظلم، وحكتله القصة من البداية، وان مراته اتبلت عليها وطانت بتعاملها اسوء نعاملة. وان مراته جابت سحلية وعملتها جنين، وهو بسهولة صدق كلامها من غير ما يفكر ونسي أصل وتربية واخلاق اخته. فبكي جابر وحضن اخته، وقالها: سامحيني فانا هو اخوك، صدقت وشايات زوجتي ضدك وصنعت بك ما صنعت، سامحيني. فسامحته، وطلع جابر طلق مراته وطردها من البيت. ورجع جابر وزهرة يعيشوا لوحدهم في البيت في سعادة زي ما كانوا.

وتوتة توتة خلصت الحدوتة.

حكاية قعادة زاج وقعادة زجاج من الاساطير اليمنية.

مروة طلعت

13/5/2022

#عايمة_في_بحر_الكتب

#عالم_الأساطير



تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

خماراويه

السلطانة شجر الدر 6

نشأة محمد علي باشا