عيد الفطر
كل سنة وانتم طيبين. النهاردة أول يوم في عيد الفطر المبارك. ياتري صليت العيد؟، طيب أكلت الكحك؟، زورت أهلك وقرايبك ولا لسه؟ خدت عيدية ولا اديتها؟! كلها مظاهر جميلة ومبهجة بنحرص عليها في عيد الفطر وربنا ما يقطعها عادة. وبالمناسبة السعيدة دي، هاخدكم في جولة نركب فيها آلة الزمن، وفي جولة سريعة هنبص ونشوف شكل مظاهر الاحتفال بعيد الفطر في أزمان مختلفة. ها مستعد!!! طيب أربط حزام الأمان ويلا بينا.
في أيام الخلافة العباسية (750 – 1517)، كانوا في ليلة العيد بيشعلوا المشاعل والقناديل بكثافة في كل شوارع وحواري وأزقة البلاد لدرجة بيتحول الليل كأنه نهار، وكان الخليفة العباسي يقعد في قصره يستقبل وفود الوزراء والأمراء وحكام كل الولايات اللي دايين يقدموا التهاني بالعيد بنفسهم للخليفة. ويفضل طول ليلة العيد يطوف فرق بالطبل والزمر، وتتحول لليلة كلها رقص وبهجة مفيهاش نوم لحد الفجر. فيطلع موكب الخليفة بوزراؤه وأمراؤه من القصر لحد المسجد، ويكون الخليفة لابس عمامة مكورة زي التاج، وعباية سودة ووشاح مرصع بالأحجار الكريمة، ويركب حصان أبيض. وعلي يمينه وشماله حملة النشاب اللي هم الرماة اللي معاهم اقواس وسهام، والحرس والحجاب. ويفضل الموكب ماشي براحة ويقف العامة علي الجنبين يتفرجوا علي موكب الخليفة وهم بيكبروا ويهللوا. ولما يجي وقت صلاة العيد، يطلع الخليفة للمنبر ويخطب في الناس، ولما يخلص يرجع الموكب تاني للقصر. وهناك يتفرد في الساحات موائد الأكل الفخم بكل ما لذ وطاب وياكل فيها كل الرعية.
ونطير بقي علي الدولة الفاطمية 909 – 1171، الراعي الرسمي لكحك العيد. الدولة الفاطمية الشيعية مقدرتش تأثر تأثير عميق علي المذهب السني للمصريين، لكن الشئ المؤكد انهم غرزوا في المصريين حاجات كتير ميزت مصر خصوصا في الاحتفالات. وده عشان اللي بني مصر كان في الاصل حلواني. الفاطميين اللي بنوا القاهرة كانوا اساتذة في الاطعمة وخصوصا الحلويات، وكانت دايما احتفالاتهم والاعياد لازم يكون فيها نوع معين من الحلويات. وهو ده اللي فضلت مصر محافظة عليه بقلب صادق الحقيقة. هتلاقي كحك العيد في عيد الفطر، وهتلاقي الملبن والعروسة والحصان الحلاوة في مولد النبي، وهتلاقي البليلة في عاشورا، وغيرهم. كان الفاطميين بيسموا عيد الفطر باسم "عيد الحلل" وهي الملابس يعني، عشان الفاطميين كانوا بيوزعوا الهدوم الجديدة علي الناس وطبعا استمرت العادة دي لحد دلوقتي ولسه بنشتري اللبس الجديد للعيد، ونيجي في عيد الاضحي نقول ده عيد اللحمة مش هنجيب لبس جديد عشان كان عيد الحلل هو عيد الفطر بس. كانت دولة الفاطميين عندها الاكل قبل اي كلام، بدليل ان يوم العيد بعد الفجر بتكون الولائم جاهزة ومفرودة في قصر الخليفة، ويقعد الخليفة مع الوزراء والامراء والقضاة والدعاة وياكلوا كل ما لذ وطاب. وبعدها يقوموا يجهزوا لصلاة العيد. وكان موكب الخليفة بيضم حيوانات غريبة بيستعرض بيها في شوارع القاهرة، زي الافيال اللي راكب عليها الجنود، والزراف والاسود، ويجي كمان فرقة تعمل حركات بهلوانية واستعراضات. يربطوا حبلين فوق باب النصر ويمشوا عليه وهم شايلين الرايات او واحد يشيل التاني ويمشي بيه علي الحبل او يمشي عليه بحصان خشب، يعني احتفال ولا اجدعها سيرك. ويتجه الموكب للمسجد ويكون واقف المؤذنون علي المصاطب طول الطريق من القص للمسجد، وبعد ما تخلص الصلاة يطلع الخليفة علي المنبر ويخطب في الناس. وبعد الخطبة يبدأ كل اللي في المسجد في طابور طويل يطلعوا المنبر يقبلوا الارض بين قدمين الخليفة. وبعدها يقوم الخليفة والوزراء والامراء لزيارة تربة الزعفران اللي مدفون فيها أجدادهم واللي هي حاليا منطقة خان الخليلي. وده تقليد برده لسه المصريين محتفظين بيه لحد دلوقتي للاسف وهو زيارة المقابر أول يوم العيد. سؤال بس برئ هو كان فاضل ايه للفاطميين ومصر تبقي شيعية؟ طول عمر المصريين يموتوا في الهيصة. ماعلينا، وبعد ما يخلصوا يبتدي موكب الخليفة يرجع للقصر، وتمتد موائد تانية غير الاولانية بأشهي المأكولات والحلويات زي الرقاق المحشي مكسرات ولقمة القاضي وكعب الغزال والكحك طبعا. وياكل فيها الامراء والقضاة - مكنش عندهم مشاكل في الهضم اكيد - وكل مسئول وكمان الرعية كله ياكل لحد مايشبع. ويقعد بعدها المقرؤن يرتلون القرآن ويكبروا طول اليوم حتي المساء.
يلا بينا علي عصر المماليك 1250 - 1517. يتميز المماليك بانهم كانوا أهل حرب وقوة وشجاعة. وكان سلطان المماليك في قوته بيوازي قوه امراؤه ووزارؤه. يعني كانوا بيعاملوا بعض معاملة الراس بالراس، كانوا كل امراء المماليك في الغالب بيحكموا سوا بس بلسان السلطان، ولو اعترض بيقتلوه ويجيبوا غيره، اصلها شكليات مش مستاهلة مناهدة. ماعلينا، المهم بيبتدي احتفالهم بعيد الفطر بموكب المحتسب اللي بيطلع بموكب عظيم من حملة الفوانيس عشان يشوفوا هلال شوال. هنا بنشوف موكبين لصلاة العيد مش واحد زي الفاطميين أو العباسيين، المماليك يختلفوا عن الاخرون. هنلاقي موكب السلطان طالع مع أولاده والقضاة الأربعة والامراء، والسلطان راكب حصان عليه سرج من الدهب والحرير المزركش وماشي وراه صاحب الجتر اللي هو شايله الشمسية من الحرير وفوقها تمثال طائر من الفضة. وعلي الجانب التاني موكب مماثل لايقل هيبة وفخفخة للوزير. ويصلوا في ميدان القلعة. لكن من ايام السلطان برقوق ولدواعي أمنية بقوا يصلوا داخل جامع القلعة. وبعد صلاة العيد يجتمعوا في الساحة، ويبدأ مباريات مبارزة بالسيوف والناس تتفرج وتشجع. وبعد أجواء من الحماس يبدأ السلطان يوزع علي الرعية الفلوس والهدايا والملابس الجديدة بمناسبة العيد.
وكل سنة وانتم طيبين يا مصريييين
مروة طلعت
عيد الفطر المبارك
ِ2/5/2022
#عايمة_في_بحر_الكتب
تعليقات
إرسال تعليق