ريفيو "عن العشق والسفر"
انتهيت من قراء كتاب "عن العشق والسفر" للكاتبة "نهي عودة" في طبعتها الأولي الصادرة عن دار كتوبيا بعدد صفحات ٢٦٠ صفحة.
اليوم هو ٢ /٢ / ٢٠٢٢ وهو تاريخ مميز وامتلأت صفحات التواصل الاجتماعي بدعاوي افعل شئ مميز في ذلك اليوم صاحب التاريخ المميز. والحقيقة فعلت في ذلك اليوم أكثر شي مميز وهو قراءة كتاب "عن العشق والسفر"، ليكون ذلك الكتاب الرائع محفورا بذكري تاريخ مميز يليق به.
الكتاب ينتمي إلي أدب الرحلات، ولكنه ليس مثل ماسبقه من كتب أدب الرحلات. الحقيقة أنه في بداية قراءتي شعرت أن به القليل من روح كتاب "حول العالم في ٢٠٠ يوم" ل"أنيس منصور". لكن عند تعمقي في الكتاب أدركت خطأي في المقارنة، فالكتاب هنا متفوق عن كتاب "حول العالم" في جزءية هامة.
كتاب "حول العالم" هي سيرة صحفي ذاهب للبلاد المختلفة في مهام صحفية، ويكتب ماتراه عيناه الصحفية في طريقه، بطريقة سرد عملية توثيقية. أما تلك التحفة الأدبية "عن العشق والسفر"، الكاتبة تكتب بروح طفلة صغيرة منبهرة، حتي اني في كثير من المواقف اتخيلها تتقافز سعادة. تلك الطفلة تملك قلبا ينبض بالعشق والشغف. فتخيل كم حلاوة الكلمات والوصف الذي يجعلك تعيش داخل الذكريات مع أبطالها.
نعم فالكتاب يحوي علي أبطال. فالكاتبة أدخلتنا داخل صندوق ذكرياتها الخاصة مع عائلتها الجميلة، في رحلاتهم التي كان أساسها عشق الحياة والمعرفة، وعشق رفيق السفر والدرب والعمر. تلك المشاعر الجميلة هي التي وثقت الأليفة والدفء بين القارئ وصفحات الكتاب.
فمن فينيسيا ( البندقية ) والجندول، وجسورها، وقصورها، واقنعتها المزركشة، وكازانوفا، وجزيرة الزجاج الملون، وعلي الجانب القبيح منها تاريخ سجون محاكم التفتيش المخبأة أسفل مظاهر البهرجة. الي سيريلانكا ( سيلان ) أو ( سرنديب )، وازيائها المبهجة٬ وأشجار القرفة٬ ومزارع الشاي٬ ومدرسة أحمد عرابي للشريعة الاسلامية٬ ومحمية السلاحف٬ وركوب الأفيال٬ والسباحة تحت المطر٬ وسواحل المحيط الهندي الرائعة٬ وفن الباتيك٬ والصيادين المعلقين علي عصيان٬ والاستقبال السيريلانكي والعادات الملفتة٬ وعلي الجانب المظلم كارثة تسونامي وآثارها الباقية. إلي ( الأردن ) التي تشبه الي حد بعيد بطابع المصريين وتداخل أصل الطعمية والفلافل بيننا٬ والشراكسة واحتفاظهم باصولهم وتقاليدهم وتراثهم الرائع٬ والبحر الميت وطمي البحر الميت ومغامرات السباحة فيه٬ ومدينة البتراء الأثرية وحضارة الأنباط.
كل ذلك بكتاب "عن العشق والسفر" مكتوب بإسهاب سردي بلغة عربية فصحي قوية بإسلوب لا يدعو للملل بل الجذب والاندماج. فقد امسكت نفسي متلبسة وانا اقرا متجاوزة الساعتين متصلة بابتسامة لم تذهب لحظة من علي شفتي. وعند نهاية الكتاب ظللت افتش عن صفحات مفقودة متبقية لمواصلة القراءة ولكني لم أجد بكل أسف.
حتي الغلاف تصميمه رائع واختيار ذلك اللون ليغازل الاعصاب والقلب٬ ويغريه بالقراءة. لا اجد من الكلمات ماتسعفني لوصف تلك العظمة التي ستحتل جزء هام ومميز في تاريخ أدب الرحلات. وننتظر المزيد بكل شوق وشغف وحب.
مروة طلعت
۲ / ۲ / ۲۰۲۲
#عايمة_في_بحر_الكتب
تعليقات
إرسال تعليق