السلطان قلة

طول عمر المصريين دمهم خفيف يموتوا في القفشات والنكت، اكتر شعب يعرف يطلع من أشر محنة بنكتة يضحكوا عليها. حتي قالوا شر البلية ما يضحك. شعب حمول وصبره صبر جبال، وسر صبره في الضحك، يضحك أحسن ما يموت من الغيظ. مر عليه عجايب أشكال وألوان، وفيها ما لايخطر علي بال، من المقاسي والظلم والطغيان. وكان سلاحهم التريقة والضحك.

مش مصدقني طب سمعت انت عن السلطان "قلة"؟!. ايوه زي مانت قريتها كده، الشعب كان مسمي سلطانه "قلة". 

السلطان "قلة" أو السلطان الظاهر "سيف الدين يلباي المؤيدي"، هو أحد سلاطين المماليك علي مصر. تمت مبايعته للحكم بعد موت السلطان "خشقدم" سنة 1467م، ويوم ما دخل قصر الحكم وقع باب القصر الكبير، فمعرفش يدخل هو وحاشيته الا من خلال الإيوان. طبعا الناس عرفوا اللي فيها من أولها، قدم الخير والسعد.

وأول حاجة عملها السلطان "يلباي" إنه عين الأمير "خير بك" منصب الدوادار الكبير. يعني المسئول العام عن أمور السلطان. بس من الواضح إن السلطان "يلباي" كان ضعيف الشخصية أو هلهلي مش فاهم حاجة. ودي كانت فرصة الامير "خير بك" يلعب بيه الكورة زي ما يحب. 

وصفه "ابن إياس" في كتابه "بدائع الزهور في وقائع الدهور" بإنه: (أرشل قليل المعرفة، وكان عمره كله في غلاسة هو ومماليكه، وشكله وتدبيره سيئ. فجمع بين قبح الفعل والشكل).

طبعا "خير بك" عمل كل الخير مع السلطان. فوسوسله باضهاد مماليك سلفه السلطان "خشقدم"، وخلاه يوسع النفقة علي العسكر لحد ما حصل افلاس لخزانة الدولة. وطبعا نتيحة تفرقة المعاملة بين المماليك حصل تمرد. ونتيجة افلاس الخزنة ساءت أحوال الناس وكثرت الفتن والسرقات. وكان أمر السلطان "يلباي" في إيد الأمير "خير بك" لدرجة لما كان أي حد يطلب من السلطان حاجة، كان يرد عليه ويقوله: (إيش كنت أنا، قل له) قصدع علي "خير بك". وطبعا المصريين من غلبهم ما بيتوصوش، فسموه السلطان "قل له"، واتحرفت للسلطان "قلة".

وبعد 56 يوم بالظبط، حصل اقتتال بين فرق المماليك اللي قدر "خير بك" يخلي السلطان يفرق مابينهم، ويضع بينهم الضغينة. ودخلت جماعة من مماليك الخشقدمية علي السلطان "يلباي" ونزلوه من علي عرشه. وسجنوه في سجن المخبأة، وعزلوه من السلطنة، وبعدها نقلوه سجن بثغر في اسكندرية اللي فضل فيه لحد ما كبر سنه ومات فيه.

وكم ذا بمصر من المضحكات ولكنه ضحك كالبكاء !

مروة طلعت

22 / 10 / 2021

#عايمة_في_بحر_الكتب