يحيي بن داود الخرسي

تفتكر ايه اللي يخلي البلد ينصلح حالها، هل صلاح الحاكم هو اللي بيصلح الرعية، ولا صلاح الرعية هو اللي بيصلح الحاكم؟. طيب وايه المطلوب من الحاكم إنه يكون قوي وشديد وصاحب قرارات صارمة تضرب بيد من حديد علي كل مخالف، ولا يكون هين لين يحكم بروح القانون ويجعل مبدأه العدل لا المساواه؟. 

تعالوا ناخد مثال كده علي نوع من أنواع الحكام اللي مروا علي مصر. هو شخصية من الشخصيات المنسية اللي تولوا مصر في عهد الخلافة العباسية، لكنه بيميزه حاجتين. 
أول حاجة إنه أول والي من أصل تركي يتولي علي إماره مصر وهو الأمير "يحيي بن داود" الشهير ب "ابن ممدود أبو صالح الخرسي". واللي ولاه سنة ١٦٢ هجري كان الخليفة العباسي " المهدي أبو عبد الله محمد بن المنصور"، اللي هو أبو "هارون الرشيد". 
تاني حاجة إنه كان رجل ذو شدة وبأس وقوة وعقل ويزيده معرفة في تدبير أمور الدولة والحكم. راجل مبيهزرش يعني ومبيعجبوش الحال المايل.

المهم الراجل ده دخل مصر وكان سامع عنها درر الحقيقة. ففي الوقت ده مصر كان فيها كمية قطاع طرق رهيبة وطرقاتها غير آمنة ومكنش فيها حد مآمن علي بيته ولا تجارته ولا أمواله ولا عرضه. 

اول ما تولي "يحيي بن داود" ولاية مصر حط أول أولوياته القضاء علي اللصوص وقطاع الطرق. وده حصل فعلا وفي وقت قياسي طارد كل المفسدين في كل مكان في مصر في وقت واحد وقضي علي كل العصابات فعليا، جاب من الاخر وقتلهم كلهم. مش لسه هنحقق ونحبس ويبقي فيه عقارب وديول يلا كله اقطع راسه مش عاوز لا عقرب ولا ديل. وبالتالي الناس كلها خافت منه وكل واحد بقي خايف يرمش بس ليتاخد في الرجلين.

لدرجة أن "يحيي بن داوود" طلع قرار واجب النفاذ علي كل التجار وأصحاب الدكاكين بمنعهم من غلق محلاتهم لا صبح ولا ليل وهم فيها أو مش فيها. وطبعا كله نفذ القرار وبقوا يقفلوا المحل بس بأعواد القصب عشان القطط والكلاب متخشش مش اكتر. وطبعا ده نوع من استعراض القوة، واللي هيسرقني يفرجني.

وكان فعلا فترة حكم "يحيي بن داود" كانت أكبر فترة أمان مرت علي مصر لكنها كانت فترة مرعبة للرعية. حتي إنه كمان منع وجود حراس للحمامات العامة، فكان الرجل يدخل الحمام ويخلع هدومه ويسيبها علي باب الحمام ويخرج بعد ما يخلص حمامه براحته يلاقي الهدوم زي ماهي ماحدش هوب ناحيتها. طبعا كل الناس خايفة من عقاب الأمير "يحيي بن داود".

استمرت ولاية "يحيي بن داود" علي مصر سنة وشهر تقريبا لحد ما عزله الخليفة "المهدي" سنة ١٦٤ هجري. ولما اتعزل فرح الناس جدا، علي الرغم من أنه قضي علي اللصوص وأمن سفرهم وبيوتهم وتجارتهم، وكان من المفروض أنه يبقي أحسن من تولوا علي مصر لولا شدته المفرطة الزايدة عن الحد خلت الناس كرهته.

 قال الله تعالي: "فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللَّهِ لِنتَ لَهُمْ ۖ وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ ۖ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ ۖ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ". صدق الله العظيم

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

خماراويه

السلطانة شجر الدر 6

نشأة محمد علي باشا