مدبحة البايات ومؤامرة محمد علي
لعاشقي الكتب وخصوصا الكتب اللي صفحاتها صفرا وقديمة ذكريات جميلة في سور الأزبكية. ده بيبقي أكتر مكان محبب ليا. هنا بيمر عليا شريط ذكرياتي من نرحلة ثانوي حتي الآن.
- الأزبكية ليها عندي برده ذكريات كتير.
- أفندينا!! ياااااه عاش من شافك. من اخر مرة شوفتك فيها في أبو قير متشرفتش بطلعتك البهية.
- انتي عارفة ان صابتني هنا في الأزبكية رصاصتين.
- ياعم صلي دول جم في العباية اللي كنت لابسها ملمسوش جسمك اصلا.
بصلي الباشا بغضب ووشه احمر كالعادة وقالي: - مين قال كلام فاضي ده.
- حبيبك الأمير "بوكلر موسكو" فتن عليك.
بص الباشا الناحية التانية وقال بصوت واطي: - انا اللي غلطان فعلا كان لازم احكي يعني ماهو فيه تاريخ هيتكتب.
رجع الباشا وبصلي وقال بحدة: - بس ايه المنظر ده ليه الأزبكية بقت كده؟!. ايه الزحمة دي. وايه العشوائية دي كلها.
- هي أغلب البلد بقت كده ياباشا. كله بيتحايل عشان يلاقي لقمة عيش.
- بس ده مستحيل في مكان زي ده. الأزبكية دي كانت مكان قصور الباشاوات وبكوات المماليك.
- مفيش حاجة بتفضل علي حالها ياباشا. وبعدين انت سيد العارفين لأنك بنفسك غيرت شكل مناطق كتير، وحولت قري لمناطق حضرية.
- غيرت للأحسن والصالح العام مش كده خالص.
- طيب ياباشا بما انك ظهرت ونورتني اتمني تكمل الحكاية من ساعة ما كان العثمانيين والمماليك كل ناحية نفسها تقضي علي التانية، وفي نفس الوقت خايفين ان الانجليز يفضلوا قاعدين ميخرجوش من مصر.
- المماليك جريوا تحالفوا مع الانجليز، وعليه اتعهدت انجلترا بحماية المماليك في مصر. خصوصا ان المماليك انهكوا في الحروب المستمرة مع فرنسا، وشعبيتهم وسط المصريين بقت في التراب ومحدش بيقبلهم. وده جه علي هوا الانجليز اللي مكنتش بيطيقوا العثمانيين.
_ متهيقلي ياباشا انك كنت الوحيد اللي قدرت تقضي علي المماليك نهائيا في مذبحة القلعة ١٨١١م. من الواضح أن المماليك في الفترة دي كانت ورقة دبلانة لكن عاملة زي الشوكة المزعجة.
_ صحيح أنا قضيت علي المماليك لكن كان فيه قبلي محاولة شبيهه المذبحة اللي عملتها. لكن الظروف وقتها مسمحتش ليها بالنجاح زي ما خدمتني بعدين.
_ ايه ده كان فيه مذبحة مماليك قبلك😳. لا احكيلي بقي. "
_ قبطان باشا" قائد جيش العثمانيين في مصر كان حاسس بالقلق من التحالف ده، ده غير قلقه من وجود الإنجليز في مصر طول الفترة دي. فكر في حيلة للخلاص من المماليك، واهي تفضل قوة واحدة احسن ماتكون فيه قوة كمان مساندة الإنجليز في مصر.
_ عمل ايه "قبطان باشا"؟!.
_ يوم ٢٢ نوفمبر ١٨٠١م دعاهم في مكتبة في أبو قير باسكندرية، وقرأت عليهم فرمان مزور منسوب للباب العالي _ السلطان العثماني _ بالعفو العام وإعادة الأملاك والامتيازات. والاحتفال بالمناسبة دي أخدهم في نزهة بحرية. وعلي غفلة فوجئ المماليك بضرب النار حواليها وغرقت ٥ مراكب باللي فيهم ده غير اللي انجرح منهم "البرديسي بك" وأسر الباقيين.
وفي نفس الوقت بنفس الاتفاق كان والي القاهرة بيستدعي المماليك اللي حواليهفي مقره العسكري بحجة الفرمان المزيف، وراح قبض عليهم جميعا وسجنهم في القلعة.
_ انت خدت الفكرة بقي من هنا يا باشا.
_ لا هم غلطوا لما أسروهم وسجنوهم وكمان سمحوا أن "سليم بك" و "محمد بك الألفي" يهربوا.
_ اه صح انت صفيت علي طول لا سجن ولا أسر ده كلام فاضي.
_ بسبب غلطتهم دي الإنجليز عرفوا وطبعا اللي هربوا سخنوهم بزيادة. وطبعا انجلترا قامت ومقدتش وادانت وشجبت وأجبرت العثمانيين تاني يوم بإطلاق سراح المسجونين والمأسورين وكمان أجبرت الباب العالي علي الاعتذار.
_ اللي وراه ضهر ياباشا برده. بس انت كنت فين الفترة دي كلها مظهرتش يعني، لعل المانع خير يا باشا.
_ لا انا كنت قاعد بتفرج.
_ ايه الكلام ده ياباشا. ده بجد ولا هزار.
_ يابنتي أهم حاجة لأي إنسان في دماغه هدف معين هو أنه يدرس الموقف اللي حوالين هدفه كويس اوي زي الصياد لما بيستخبي من فريسته للوقت المناسب. الحياه ماهي الا فرص والشاطر هو اللي يستغلها.
وتنفس الباشا بعمق وقال ببطء: _ والأشطر هو اللي يخلقها.
_ يخلق الفرص ازاي ياباشا. يعني افهم من كده انك كنت لابد في الدرة ولا كنت بتعمل ايه بالظبط.
_ في الاول اه كنت لابد في الدرة. قاعد بتفرج ويدرس كل موقف ويفهم كل فعل وردات فعله من كل طرف وبقيم الأمور لحد ما وصلت المعلومة مهمة جدا كل الأطراف غفلوا عنها وكانت دي ورقتي الرابحة.
_ اللي هي ايه ياباشا.
_ الشعب.
_ الشعب!! دول ناس مغلوبة علي أمرها لا بتهش ولا بتنش.
_ ساذجة زيهم. المصريين صحيح ممكن يرضوا بالقليل وتحسي أنهم شعب مستكين، لكنهم عاطفيين جدا، واللي يعرف يلعب علي الوتر ده هيجيبهم في الحته اللي عاوزها ويكونوا ليه درع يتحدي بيهم جيوش العالم.
_ لعيب ياباشا والله. حطيت ايدك علي الناهية.فكرتني بحاجة كده. يلا مش مهم كمل يا باشا.
_ في النهاية واخيرا يقرر الإنجليز أن وجودهم الحالي في مصر خسائره اكتر من فوائده ده غير انهم ليهم حليف جوا مصر _ المماليك _ ومتأمن عليهم بعد الحركة الأخيرة. فقرروا الانسحاب من مصر يوم ١١ مارس ١٨٠٣م. واخدوا معاهم ١٥ مملوك علي رأسهم "محمد بك الألفي".
_ شكل اللعب هيسخن بعد انسحاب الإنجليز.
_ فعلا سنة ١٨٠٣م كانت أحداثها ساخنة جدا بدأت باللعب من تحت الترابيزة لما منع الباب العالي جلب العبيد الموريسيين والشراكسة. وده طبعا أضعف المماليك أكتر لأنهم كده مش هيعوضوا اللي راح منهم، فاضطروا الي تجنيد البدو اللي كانوا ملهمش في القتال اصلا ولا ليهم روح فرسان المماليك. وتولي "البرديسي بك" قيادة المماليك و "خسرو باشا" ولاية مصر تحت إشراف العثمانيين.
بس "خسرو باشا" مكنش القائد المحنك واللي وقع نفسه في مشكلات كتير مع فرق الجيش العثماني، وأولها كان مع الألبان. ومع الشعب نفسه.
في البداية دخل علي المصريين كأنه داخل كهف علي بابا. وفرض ضرائب علي كل حاجة كان ناقص يفرضه علي الهوا. لحد ما الناس استوت وجضت وبدأ بين الناس حركة تمرد ومناوشات وقلق في الشارع. وعلي الناحية التانية وقع في أعظم غلطة لما مدفعش رواتب ٥ شهور للجنود الألبان اللي كانوا في الوقت ده تحت قيادة "طاهر باشا" واللي انا و"حسن باشا" نوابه. ولما حصل القلق وتجمهر الجنود الألبان مطالبين برواتبهم، فجأة اتبعتلي أمر بإرسالي مع رجالتي بعيد عن القيادة الي ضواحي القاهرة.
_ ايه ده ليه ياباشا هم شكوا في أن يكون ليك علاقة بالألبان بما أن ليك نسب عندهم. ولا شكوا يكون ليك يد في الموضوع.
_ هم حسوا أن ممكن يكون وجودي له مصدر قلق بس مكنوش متأكدين. بقولك ايه ماتيجي تعزميني علي عصير قصب حقيقي من المحل ده، وحشني اوي وعيني فيه من اول ما وقفنا.
_ بس كده انت تؤمر ياباشا بس هتكملي الحكاية واحنا بتشرب العصير.
استنوا حلقة جديدة بكرة 👍😉
مروة طلعت
24 / ٩ / ٢٠٢١
تعليقات
إرسال تعليق