سماط الأحزان
- كل سنة وانت طيب النهاردة عاشورا.
- وانت طيب ويعود عليك الأيام بالخير. صايم طبعا.
- أكيد. وعازمك تفطر عندنا النهاردة، وماما محضرالك بقي الحلو طبق عاشورا من اللي قلبك يحبه.
- ياااه سماط الأحزان.
- أحزان ايه ياعم ده طبق البليلة اللي بيتعمل احتفال بعاشورا.
- ده دلوقتي بقي مظهر احتفال، لكن غرضه زمان مكنش كده. انت عارف طبق العاشورا ده أصله ايه.
- لا معرفش.
- احتفالنا أهل السنة بعاشوراء اقتداء برسول الله صلي الله عليه وسلم، لما عرف انه اليوم اللي عدي فيه سيدنا موسي وقومه البحر، وربنا نجاه من فرعون وجنوده. فصامه وحبذ معاه صيام اليوم اللي قبله عشان نخالف اليهود في احتفالهم. لكن أهل الشيعة احتفالهم باليوم ده لسبب مختلف وهو ان سيدنا "الحسين بن علي بن أبي طالب" حفيد رسول الله صلي الله عليه وسلم استشهد بكربلاء في يوم عاشوراء.
- طب وده ايه علاقته بطبق عاشورا بتاع ماما.
- منا جايلك اهو في الكلام، صبرك بالله.
في سنة 971م بعد ما أتم "جوهر الصقلي" بناء القاهرة وجامع الأزهر. دخل الخليفة الفاطمي "المعز لدين الله" الي القاهرة ودخل معاه المذهب الشيعي اللي حاول محاولات فاشلة بفرض سيطرته علي المذهب السني لأهل مصر. وفوجئ المصريين بطبع غريب للفاطميين وهي كثرة احتفالاتهم ومناسباتهم.
ومن أبرز الاحتفالات الفاطمية كان احتفالهم بيوم عاشوراء اللي اسمه عندهم يوم الأحزان. اللي بالنسبة للفاطميين والشيعة عموما هو أسود يوم في التاريخ. اليوم اللي استشهد فيهد "الحسين" رضوان الله عليه واغلب آل بيت النبي.
وكانت مظاهر الاحتفال دي حزينة جدا ومقبضة. اولا كان كل الناس مجبورين محدش يشتغل والأسواق تتقفل. ووقت الضحي قبل الضهر يعني، يلبس قاضي القضاه ونوابه ملابس الحداد السودا ويروحوا لجامع الأزهر، ووراهم الأمراء والأغنياء والعلماء، كلهم لابسين أسود. وفي الآخر يجي الوزير يقعد في صدارة المجلس، ويبتدي اليوم بتلاوة القرآن الكريم، وبعده يبتدي الشعراء في القاء قصائد رثاء الحسن والحسين وآل البيت، وبعدها تيجي فقرة العويل والنحيب والصراخ والدموع ولطم الخدود.
وبعد مايخلصوا كده ويهدوا ويطلعوا الكبت، يطلعوا علي قصر الخليفة. وهناك يكون القصر مفروش بالحصير بدل السجاجيد، يقعدوا عليها في الأرض ويجيلهم نائب الخليفة لأن الخليفة في اليوم ده مبيخرجش خالص وبيحتجب عن الناس. ويبتدي الجزء التاني من يوم الأحزان ويبدأوا بتلاوة القرآن الكريم، وبعده تشتغل تاني فقرة العويل ولطم الخدود.
وبعد الضهر بعد ما يستكفوا، تتفرش ادامهم في القاعة الكبري بالقصر مائدة طعام كانوا بيسموها "سماط الأحزان". مكنش بيتحط عليها غير العدس والجبن والعسل والخبز الأسود ومعاهم البليلة اللي اتسمت بعد كده عاشورا. وبعد الأكل يقوموا ويروحوا بيوتهم. وتفضل الشوارع في اليوم ده فاضية تماما.
رغم ان الفاطميين حكموا مصر قرنين تقريبا من 969 الي 1171م. الا ان المصريين قدروا يحتفظوا بمذهبهم السني، رغم المحاولات التشيع الكتيرة بالتهديد والترغيب. لكن قدر الفاطميين يغرسوا جوا الوعي الجمعي للمصريين بعض من سلوكياتهم. زي طبق ماما، طبق العاشورا، اللي جاي من سماط الأحزان.
مروة طلعت
17 / 8 / 2021
#عايمة_في_بحر_الكتب
تعليقات
إرسال تعليق