الحجاج بن يوسف الثقفي الحلقة الثالثة

 دخل "الحجاج" علي أهل العراق دخلة انك لميت وانهم لميتون. بس ده كان له سبب، ومكنش اختيار أمير المؤمنين "عبد الملك بن مروان" ل "الحجاج" لولاية العراق كده اعتباطا. كان "عبد الملك" الجلاد و "الحجاج" هو سيفه. 

لما انشغل "عبد الملك بن مروان" في صراعه مع غريمه "عبد الله بن الزبير"،وتركزت انظاره لفتره من الزمن علي الحجاز. حصل في العراق فتنة واضطرابات وتمرد علي الحكم وفوضي. فلما انتهي من "بن الزبير"، واصبح "عبد الملك" هو الخليفة الأوحد للبلاد الاسلامية، وقدر ياخد نفسه كده، بص لقي زمام الأمور في العراق خلاص قرب يفلت من ايده. 

وبعد ما عزل "الحجاج" من امارة "الحجاز"، رجع بيه علي عاصمته في دمشق. وعمل اجتماع عاجل يشوفوا فيه هيتصرفوا ازاي في العراق.

 قعد أمير المؤمنين "عبد الملك بن مروان" وقَال: (إن العراق قد كَدر ماؤه وكثر غوغاؤه وعظم خطبه وظهر ضرامه وعسر إخماد نيرانه فهل من ممهد للعراق بسيف قَاطع وعقل جامع وقَلب ذكي وأنف حمي فيخمد نيرانه ويردع غيلانه وينصف مظلومه فتصفو البلاد وتأمن العباد). 

كل اللي كانوا قاعدين سكتوا ومردوش ماعدا "الحجاج" اللي لقاها فرصة يستعيد بيها مكانته عند أمير المؤمنين وكمان محبش يفوت فرصة زي دي بتناسب ميوله التسلطية الدموية وراح قايم وقال: (يا أمير المؤمنين أنا للعراق). ولسان حاله بيقول سيبني عليهم الله يخليك.

 قال "عبد الملك": (ومن أنت لله أبوك)، فرد "الحجاج" رد كله شبحنة: (أنا الحجاج الليث الضمضام والهزبر الهشام من ثقيف كهوف الضيوف ومستعمل السيوف). 

حب "عبد الملك" يعمل استعراض كده لطيف قصاد الكل عشان ميتقلش ان أمير المؤمنين ميال لل"حجاج" بسبب افعاله انما يتقال ان فعلا مفيش أكفأ من "الحجاج" للأزمات الصعبة. فقال لَه "عبد الملك": (لا أراك لَها يا حجاج).

 ووجه "عبد الملك" كلامه لباقي الحضور وقال: (ما لي أرى الرؤوس مطرقة والألسن معتقلة). ولتاني مرة مردش عليه حد. فقام "الحجاج" وقال: (يا أمير المؤمنين إني للعراق ومجندل الفساق ومطفىء نار النفاق). فقال "عبد الملك": (ومن أنت؟). رد "الحجاج" برد شبحني تاني: (أنا الحجاج قاسم الظلمة ومعدن الحكمة وآفة الكفرِ والريبة). ولتاني مرة قاله "عبد الملك": (لا أراك لها يا حجاج).

 ولااح باصص لباقي الحضور وصاح: (من للعراق؟) وبرده فضلوا ساكتين. راح "الحجاج" قايم وقال: (أنا للعراق). واخيرا قال له "عبد الملك": (أظنك صاحبها والظافر بغنائمها ولِكل شيء آية وعلامة فَما آيتك وعلامتك في هذا). فقال "الحجاج": (العقوبة والعفو، والاقتدار والبسط، والإدناء والإبعاد، والجَفاء والبر والوفاء، والتأهب والحزم وخوض غمرات الحروب فمن جادلني قطعته، ومن نازعني قسمْته، ومن خالفني نزعته، ومن دنا مني أكرمته، ومن طلب الأمان أعطيته ومن سارعَ إلى الطاعة بجلتهُ هذه آيتي وعلامتي، وما علَيك يا أمير المؤمنين إلا أن تبلوني، فإن كنت للأعْناق قطاعا، وللأرواحِ نزاعا وللأموالِ جماعا ولك نفاعا، وإلا فليستبدل بي أمير المؤمنين غَيري، فإن الناس كثُر لكن من يقوم بِهذا الأمرِ قليل).

يعني كمان كان مفوه جدا لا وصريح. فقال له "عبد الملك": (أنت لها يا حجاج). وده كان السبب لدخلة "الحجاج" الدراماتيكية علي أهل الكوفة في العراق وخطبته الشهيرة اللي عرضناها في الجزء السابق.

وبعد الكوفة يروح الحجاج البصرة ويدخل عليهم برده دخلة تهديد عشان يرعبهم اكتر ماهم مرعوبين من سيرته اللي سبقاه ويخطب بهم: (أيها الناس من أعياه داؤه فعندي دواؤه، ومن استطال أجله فعلي أن أعجله، ومن ثقل عليه رأسه وضعت عنه ثقله، ومن طال ماضي عمره قصرت عليه باقيه، إن للشيطان طيفا وإن للسلطان سيفا فمن سقمت سريرته صحت عقوبته، ومن وضعه ذنبه رفعه صلبه، إني أنذر ثم لا أنظر، وأحذر ثم لا أعذر وأتوعد ثم لا أعفو، فإن الحزم والعزم سلباني سوطي وأبدلاني به سيفي، والله لآمر أحدكم بأن يخرج من باب هذا المَسجد وخرج من الباب الّذي يليه إلا ضربت عنقه).

طبعا هو كده خلاص رمي كارت الإرهاب للناس واللي يتنفس بس من غير ما يقوله هيطير رقبته، والمرعب أن "الحجاج" مكنش فنجري بق، ده كان بينفذ فعلا وعيده. وراحت السكرة وجت الفكرة وبدأ "الحجاج" ينفذ اللي جه عشانه وهو القضاء علي مسببي التمرد والاضطرابات في العراق ضد أمير المؤمنين.

وكانت أول حروب "الحجاج" في العراق ضد الخوارج الأزارقة. مين هم الخوارج الأزارقة؟. هم شعبة من شعب الخوارج في العراق أتباع "نافع بن الأزرق بن قيس بن نهار الحنفي" المكنى ب"أبي راشد" وكان أول خروجه وانشقاقه في البصرة في عهد "عبد الله بن الزبير"، واختلفوا مع "عبد الله بن الزبير" في العديد من المسائل الفقهية وقاموا بمحاربته، وأقاموا ثورات ضد الحكم الأموي. يعني الناس دول لا مع "عبد الله بن الزبير" ولا مع "عبد الملك بن مروان". الله أمال انت مع مين يابركة. لا انا مع نفسي كده خلقت لأعترض.

والفرقة دي مع فرقة الصفرية والإباضية اللي برده من الخوارج كانوا شوكة في ضهر الدولة الأموية من أيام "يزيد بن معاوية" تاني خليفة في الدولة الأموية. بس علي مين اهو جالهم اللي مبيرحمش. "الحجاج بن يوسف الثقفي".

عمل ايه بقي "الحجاج" مع الخوارج ده اللي هنعرفه في الحلقة الجاية.

مروة طلعت

١/٨/٢٠٢١

#عايمة_في_بحر_الكتب


تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

الراشد العمري 9

الليث بن سعد 5

الليث بن سعد 6