قَتل "الحجاج" "عبد الله بن الزبير" وبموته رجعت البلاد الاسلامية تحت راية واحدة وهي الحكم الأموي بقيادة "عبد الملك بن مروان" سنة ٦۹۳م.
ومكتفاش "الحجاج" بانتصاره رغم تدنيسه للحرم المكي وهدمه لجزء من الكعبة المشرفة. لكنه مثل بجثة "عبد الله بن الزبير" الشيخ المسن صاحب ال ٧٢ عام، وعلقه مصلوب علي أسوار الكعبة، دون مراعاة لأي حرمة شرعية أو أخلاقية ولا لنسب نبوي. اللي هو تحس انك عاوز تقوله دين الوالد كان ايه بالظبط.
الغريب بقي والمضحك ان "الحجاج" في حياة "عبد الله بن الزبير" كان بيعايره بإنه ابن ذات النطاقين٬ اللي هو الوصف التشريفي للسيدة "أسماء بنت أبي بكر" اللي كانت في عز حملها في عبدالله نفسه كانت بتشيل الاكل والمية في نطاقها وتمشي بيهم مسافات طويلة جدا في الصحرا تديهم لرسول الله وأبيها أبي بكر الصديق في أثناء رحلة هجرتهم الي المدينة٬ اهو الكلام ده كله بالنسبة لل"حجاج" كان بيعاير بيه "عبدالله بن الزبير".
بعد ما "الحجاج" صلب "عبد الله بن الزبير"٬ بعت "الحجاج"يطلب السيدة "أسماء بنت أبي بكر" المسنة اللي قاربت علي التسعين انها تجيله. طبعا السيدة "أسماء" رفضت٬ راح باعتلها بكل صلف وتبجح وقالها: (لتأتين أو لأبعثن من يسحبك بقرونك) 😳 فأرسلت إليه وقالت:(والله لا آتيك حتى تبعث إلي من يسحبني بقروني). طبعا قصاد قوة موقف السيدة "أسماء" قرر "الحجاج" التنازل وراحلها بنفسه وخصوصا انه عارف ان حركة زي دي مع الست دي بالذات ممكن تقلب عليه الخليفة لأن "عبدالله" نقرة و"اسماء" حتي ولو كانت أمه دي نقرة تانية خالص.
فلما دخل "الحجاج" علي السيدة "أسماء" في بيتها واجهته بقوة وقالت : (كيف تستأذن علي وقد قتلت ابني ؟). فقال "الحجاج" : (إن ابنك ألحد في حرم الله ، فقتلته ملحدا عاصيا حتى أذاقه الله عذابا أليما ، وفعل به وفعل) فقالت السيدة "أسماء" : (كذبت يا عدو الله وعدو المسلمين ، والله لقد قتلته صواما قواما برا بوالديه ، حافظا لهذا الدين ، ولئن أفسدت عليه دنياه لقد أفسد عليك آخرتك، ولقد حدثنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : " أنه يخرج من ثقيف كذابان الآخر منهما أشر من الأول ، وهو المبير "، وما هو إلا أنت يا حجاج). سكت "الحجاج" ومقدرش يرد عليها راحت مكملة عليه وقالتله: (وقد بلغني أنك كنت تعيره بابن ذات النطاقين، فقد كان لي نطاق أغطي به طعام رسول الله صلى الله عليه وسلم من النمل ونطاق لا بد للنساء منه). وهنا مقدرش "الحجاج" يتكلم اكتر والسيدة القوية الصابرة مديتوش فرصة يتشفي فيها وخرج من عندها ذليل.
والكلام بلغ أمير المؤمنين "عبد الملك بن مروان" فبعت رسالة لل"حجاج" يحذره من انه يمس السيدة "أسماء" بسوء وقاله يكرم بنت الرجل الصالح وينفذ كل طلباتها. فراح "الحجاج" ليها وقالها: (يا أماه، إن أمير المؤمنين أوصاني بك فهل لك من حاجة؟)٬ فردت عليه بقوة قائلة : (لست لك بأم، إنما أنا أم المصلوب على الثنية، وما لي من حاجة). ومرت السيدة "أسماء بنت آبي بكر" وشاهدت جسد ابنها المصلوب وقالت بقلب مكلوم جملتها الشهيرة : (آما آن لهذا الفارس أن يترجل٬ آما آن لهذا الفارس أن يترجل ). وفي الحال أمر "الحجاج" بانزال جسد "عبد الله بن الزبير" وتغسيله ودفنه كما ارادت امه السيدة "أسماء بنت أبي بكر".
بعد أن انتصر "الحجاج" في حربه على "عبدالله بن الزبير"، ولاه "عبدالملك بن مروان" على مكة و الحجاز كلها، وطبعا أهل الحجاز كلهم كانوا بيكرهوه جدا بسبب اللي عمله في عبد الله وفي الكعبة وبسبب شدته وقسوته الفظيعة٬ لدرجة ان "عبد الله بن عمر بن الخطاب" مات فالناس ما اعلنوش الخبر وصلوا عليه ودفنوه في الليل عشان "الحجاج" ميصليش عليه.
و في سنة ٧٥ هجري٬ راح "عبد الملك بن مروان" يحج فالناس اشتكيتله من "الحجاج"٬ فعزل الحجاج من الحجاز وولاه علي العراق.
وهناك بقي فضل "الحجاج" علي قلب أهل العراق عشرين سنة. حفر فيها اسمه في التاريخ بالحبر والدم. اول مانزل "الحجاج" في العراق نزل علي الكوفة زي القضا المستعجل. وأرسل للناس بالاجتماع في المسجد، ودخل عليهم لابس علي وشه عمامة حمرا _ حركة ساسبينس ورعب كده _ وطلع علي المنبر وقعد وحط صباعه علي بقه بمعني سكوت. فلما سكت الناس خلع عمامته فجأة _ حركة حسن الهلالي كده _ وقال خطبته المشهورة وقال:
| | أنا ابن جلا وطلاع الثنايا ** متى أضع العمامة تعرفوني متى أضع العمامة تعرفونيأما و الله فإني لأحمل الشر بثقله و أحذوه بنعله و أجزيه بمثله، والله يا أهل العراق إني لأرى رؤوساً قد أينعت وحان قطافها، وإني لصاحبها، والله لكأني أنظر إلى الدماء بين العمائم واللحى.ثم قال: والله يا أهل العراق، إن أمير المؤمنين عبد الملك نثل كنانة بين يديه، فعجم عيدانها عوداً عوداً، فوجدني أمرّها عوداً، وأشدها مسكا، فوجهني إليكم، ورماكم بي. يا أهل العراق، يا أهل النفاق والشقاق ومساوئ الأخلاق، إنكم طالما أوضعتم في الفتنة، واضطجعتم في مناخ الضلال، وسننتم سنن الغي، وأيم الله لألحونكم لحو العود، ولأقرعنكم قرع المروة، ولأعصبنكم عصب السلمة ولأضربنكم ضرب غرائب الإبل. والله لا أحلق إلا فريت، ولا أعد إلا وفيت، إياي وهذه الزرافات، وقال وما يقول، وكان وما يكون، وما أنتم وذاك؟. يا أهل العراق! إنما أنتم أهل قرية كانت آمنة مطمئنة يأتيها رزقها رغداً من كل مكان، فكفرتم بأنعم الله، فأتاها وعيد القرى من ربها، فاستوسقوا واعتدلوا، ولا تميلوا، واسمعوا وأطيعوا، وشايعوا وبايعوا، واعلموا أنه ليس مني الإكثار والإبذار والأهذار، ولا مع ذلك النفار والفرار، إنما هو انتضاء هذا السيف، ثم لا يغمد في الشتاء والصيف، حتى يذل الله لأمير المؤمنين صعبكم، ويقيم له أودكم، وصغركم. ثم إني وجدت الصدق من البر، ووجدت البر في الجنة، ووجدت الكذب من الفجور، ووجدت الفجور في النار، وإن أمير المؤمنين أمرني بإعطائكم أعطياتكم وإشخاصكم لمجاهدة عدوكم وعدو أمير المؤمنين، وقد أمرت لكم بذلك، وأجلتكم ثلاثة أيام، وأعطيت الله عهداً يؤاخذني به، ويستوفيه مني، لئن تخلف منكم بعد قبض عطائه أحد لأضربن عنقه، ولينهبن ماله. ثم التفت إلى أهل الشام فقال: يا أهل الشام! أنتم البطانة والعشيرة، والله لريحكم أطيب من ريح المسك الأزفر، وإنما أنتم كما قال الله تعالى: “ضرب الله مثلاً كلمة طيبة كشجرة طيبة أصلها ثابت وفرعها في السماء” والتفت إلى أهل العراق فقال: لريحكم أنتن من ريح الأبخر، وإنما أنتم كما قال الله تعالى: “ومثل كلمة خبيثة كشجرة خبيثة اجتثت من فوق الأرض مالها من قرار”. اقرأ كتاب أمير المؤمنين يا غلام: فقال القارئ: بسم الله الرحمن الرحيم، من عبد الله عبد الملك أمير المؤمنين إلى من بالعراق من المؤمنين والمسلمين، سلام عليكم، فإني أحمد إليكم الله، فسكتوا فقال الحجاج من فوق المنبر: “أسكت يا غلام”، فسكت، فقال:” يا أهل الشقاق، ويا أهل النفاق ومساوئ الأخلاق. يسلم عليكم أمير المؤمنين فلا تردون السلام؟ هذا أدب ابن أبيه؟ والله لئن بقيت لكم لأؤدبنكم أدباً سوى أدب ابن أبيه، ولتستقيمن لي أو لأجعلن لكل امرئ منكم في جسده وفي نفسه شغلاً، اقرأ كتاب أمير المؤمنين يا غلام”، فقال: بسم الله الرحمن الرحيم فلما بلغ إلى موضع السلام صاحوا وعلى أمير المؤمنين السلام ورحمة الله وبركاته، فأنهاه ودخل قصر الإمارة .” ومن يومها عرف اهل العراق ان أمير المؤمنين بعتلهم سفاح وانهم داخلين علي ايام سودة وده اللي فعلا حصل. ايه بقي اللي حصل ده اللي هنعرفه بكرة بأمر الله. مروة طلعت ۳۱/٧/۲۰۲۱ #عايمة_في_بحر_الكتب
|
تعليقات
إرسال تعليق