الحجاج بن يوسف الثقفي
هو انت ممكن تصدق ان فيه شخصية في التاريخ يفضل الجدل حواليها 1300 سنة. لحد الآن المؤرخين مش قادرين يحكموا عليه، الراجل ده كان ايه بالظبط. ياتري هو شخصية عسكرية مخلصة وقوية قدر يحقق النظام ويقضي علي فكرة التمرد والمتمردين ولا هو مجرد سفاح صاحب شخصية سيكوباتيه ودموية.
ياتري خمنتوا هنتكلم هن مين النهاردة؟. هنتكلم عن رجل كان يشيب شعر الولدان لمجرد ذكر اسمه. هو "الحجاج بن يوسف الثقفي".
مدينة الطائف - حاليا بالسعودية - في منازل ثقيف اتولد " أبو محمد الحجاج بن يوسف بن الحكم بن أبي عقيل بن مسعود بن عامر بن معتب بن مالك بن كعب بن عمرو بن سعد بن عوف بن ثقيف، السفياني الثقفي" سنة 41هجري، 660 ميلادى. وأمه كانت بنت الصحابي الشهيد "عروة بن مسعود الثقفي". وكان أبوه معلم للقرآن الكريم والفقه في جوامع الطائف، وربي ابنه علي حفظ القرآن وتدبره من صغره، حتي ان "الحجاج" لما كبر اشتغل مع أبوه معلم ومحفظ للقرآن الكريم. يعني "الحجاج" كان من بيت شديد التدين عارف امور دينه كويس ومن اصل صحابة كرام.
"الحجاج" اتولد في عز ازمة الفتنة الكبري والعداوة اللي كانت بين بني امية وبني ابي طالب ومؤدينه. حتي ان العام اللي اتولد فيه الحجاج كان اسمه عام الجماعة وهو العام اللي حصل فيه هدنة بين "معاوية بن ابي سفيان" و"الحسن بن علي بن ابي طالب".
المهم بقي وسط الظروف الحياتية اللي كان عايش فيها "الحجاج" دي٬ مكنش حابب اسلوب حياته الرتيب وكان عنده طموح اكبر.
في الوقت ده وقعت الطائف بين "عبد الله بن الزبير" والأمويين اللي كانت عائلة الحجاج موالين ليهم. فقرر "الحجاج" انه يسيب الطائف وسافر علي الشام عشان يبعد عن اي ولاية يكون ل "عبد الله بن الزبير" _ اللي كان بيكره جدا _ سلطة عليها. وفي الشام اتطوع "الحجاج" في شرطة الولاية٬ ودي كانت طاقة القدر للحجاج.
كان خليفة المسلمين وقتها من البيت الأموي هو "المروان بن الحكم"٬ اللي حكم سنة واحده بس كانت كلها اضطرابات. فبالتالي كانت الشام فيها تجاوزات من الشرطة نفسها وايتهانة بوضعهم والدنيا كانت اخر سيبان. ومن اول يوم دخل فيه الحجاج الشرطة وحط قواعد صارمة وعقوبات شديدة وقاسية لأي خطأ او تخاذل حتي ولو كان بسيط. وفي وقت بسيط اتلم السايب لما انضرب المربوط. وبقت الشام واقفة علي رجل وفي سبيل طاعة ولي الامر. فالأمر ده عجب قائد الشرطة "روح بن زنباع" اللي رقاه ورفع مكانته أكتر٬ ورد الحجاج الجميل فشد اللجام ع الآخر ونيم الشام من المغرب في سبيل طاعة ولي الأمر.
هنا بقي ابتدي عصر "الحجاج" يزهزه لما مات "المروان بن الحكم" وأصبح أمير المؤمنين هو "عبد الملك بن مروان". راح "روح بن زنباع" ل"عبد الملك بن مروان" وشكاله من "الحجاج" لما أسرف الحجاج من استخدام القوة في ردع عساكر الشرطة المخالفين لأوامره لدرجه الجلد واحراق سرادقهم. فطلب "عبد الملك" انه يشوف "الحجاج" فلما عرض عليه الأمر وطلب منه التفسير قاله "الحجاج" : ( إنما أنت من فعل يا أمير المؤمنين، فأنا يدك و سوطك). وهنا حس "عبد الملك" ان هو ده الشخص المناسب في الوقت اللي هو فيه يخلصه من اعداؤه ومنافسيه زي "عبد الله بن الزبير" وكل المؤيدين لبني "علي بن أبي طالب".
والغريب بقي ان "عبد الملك بن مروان" نفسه كان شبه "الحجاج". فمعروف عن "عبد الملك" أنه زمان كان تقي جدا ومكنش بيسيب المصحف من ايده وكان ملازم مسجد رسول الله وكان بيختم القرآن كله ثلاثة ايام لدرجة ان اهل المدينة سموه حمامة المسجد النبوي٬ وكانوا بيقصدوه في اي أمور دينية. لحد اليوم اللي دخل عليه المسجد النبوي رسل الخلافة يعزوه في موت والده ويبشروه بإمارة المؤمنين٬ وهنا اتصرف "عبد الملك" تصرف في غاية الغرابة. قفل المصحف وقاله (هذا فراق بيني وبينك)!!!!!!
قرر "عبد الملك بن مروان" تسيير الجيوش لمحاربة المناهضين لحكمه وطلب من "الحجاج" تولي أمر الجيش واحضار جنود من الشام. وكان معروف ان اهل الشام مكنوش بيحبوا يشتركوا في الحروب. دخل "الحجاج" عليهم وقالهم هتطوعوا في الجيش بما يرضي الله ولا بعد تلات ايام اعمل فيكم ما لا يرضي الله. وفعلا راح جايب واحد من المعارضين للتجنيد وراح مطير راسه قصاد الناس. ومن بعدها اتطوع اهل الشام كلهم في الجيش.
لما أظهر "الحجاج" كفاءته بصله "عبد الملك" وقالك هو ده اللي حلمت بيه.واتشجع من خلال الحجاج علي مواجهه جيوش "عبد الله بن الزبير" اللي كان اعلن نفسه خليفة علي مناطق شبه الجزيرة العربية ومكنش فاضل فيها تحت قياده"بن الزبير" الا الحجاز.
نحب نعرف الاول مين هو "عبد الله بن الزبير"؟. هو ابن "الزبير بن العوام" الصحابي الشهيد وواحد من العشرة المبشرين بالجنة. وأمه هي السيدة "أسماء بنت أبي بكر" ذات النطاقين بنت "أبي بكر الصديق" رضي الله عنه وأخت ام المؤمنين السيدة "عائشة" زوجة الرسول صلي الله عليه وسلم. واللي كان أول ريق في فم "عبد الله" من ريق الرسول صلي الله عليه وسلم لما اتولد.
حاصر "الحجاج" مكة، وضيق الخناق على "ابن الزبير"، وكان أصحابه اتفرقوا عنه وخذلوه، ومفضلش معاه غير ناس قليلة صابرة، اللي مقدروش يدافعوا عن المدينة المقدسة. ويروح "عبد الله بن الزبير" لأمه السيدة "أسماء بنت أبي بكر" يودعها لأنه كان عارف نتيجة المعركة في ظل الظروف اللي حواليه٬ وقالها انه بس مش خايف غير من ان "الحجاج" يمثل بجثته بعد موته. فتجاوبه السيدة المؤمنة بعبارة سجلت في التاريخ (يا بني لا يضر الشاة سلخها بعد ذبحها، فامض على بصيرتك واستعن بالله). وتاني يوم فوجئ أهل مكة ب"الحجاج" يضرب البيت الحرام بالمنجنيق من غير اي مراعاة لحرمتها وقداستها٬ لدرجة ان اتهدمت بعض أجزاء من الكعبة، وانتهى القتال باستشهاد ابن الزبير وعمره 72 عاما وقضي على دولته سنة 693م. وحدث ما توقعه "عبد الله بن الزبير" قام الحجاج وأخد جثته وصلبها في وسط مكة.
ياتري ايه رد فعل السيدة "أسماء بنت أبي بكر" بعد استشهاد ابنها والتمثيل بجثته؟! وعمل ايه "الحجاج" تاني؟ لدرجه خلت اسمه محفور في التاريخ ده اللي هنعرفه في الجزء التاني بكرة ان شاء الله.
مروة طلعت
۳۰/٧/۲۰۲۱
#عايمة_في_بحر_الكتب
تعليقات
إرسال تعليق