غازية الخناقة
عارفين طبعا ريا وسكينة، أشهر سفاحتين عرفتهم مصر في العصر الحديث، واد ايه جرايمهم وطريقة اجتذاب ضحاياهم وقتلهم وطريقة التخلص من جثثهم كان غريبة ومفزعة في الوقت ده جدا.
لكن الحقيقة ان طريقتهم دي مكنتش كريتيف ولا جديده خالص٬ ولا انهم كانوا اول سفاحتين ستات في مصر٬ بس جايز عشان آفة حارتنا النسيان٬ لكن الواقع بيقول ان التاريخ بيعيد نفسه.
عارفين طبعا الظاهر بيبرس البندقداري٬ ايوه هو اللي قتل قطز٬ هنرجع سوا لورا كده لحد أيام حكمه لمصر وتحديدا سنة ٦٦۲ هجريا ۱۲٦٤ ميلاديا. السنة دي حصل فيها انخفاض في منسوب النيل وبالتالي ارتفعت الأسعار وعم الغلاء بالبلاد واشتدت الأحوال على الناس حتى أكلوا ورق اللفت والكرنب وماشابه وخرجوا إلى الغيطان فأكلوا عروق الفول الأخضر زي ما قال المقريزى فى «السلوك»، وبلغ سعر الإردب القمح مائة درهم والشعير سبعين درهما للإردب، ودفع هذا الغلاء الشديد الملك الظاهر بيبرس إلى الأمر بحصر عدد الفقراء وجمعهم تحت القلعة وتوزيعهم على الأغنياء والأمراء وإلزامهم بإطعامهم، كما وزع من شونة القمح على الزوايا والأربطة، ورتب للفقراء كل يوم مائة إردب مخبوزة تفرق بجامع ابن طولون، لحد ما تحسنت أحوال الناس٬ كما ذكر ابن تغرى بردى فى «النجوم الزاهرة».
وعلى الرغم من حكمة وعدل الظاهر بيبرس للحد من الجوع والفقر لكن ده ممنعش من وقوع الجرايم وحوادث الاعتداء والسرقة والقتل وغيرها، واللي بتبقي دايما ما تكون نتاج لأوقات الشدة والغلاء وكثرة الجوع والفقر.من الظواهر الاجرامية اللي ظهرت في السنة دي٬ بنت حلوة اسمها "غازية" قال ايه عنها المقريزي في كتاب السلوك اسمع معايا كده (وكانت ذات حسن وجمال تمشي بالمدينة ومعها عجوز تطمع الناس في نفسها وكان من طمع فيها وطلبها تقول له العجوز تعال انت الي بيتها).
دقيقة واحده كده بس نفهم؟!. الست "غازية" دي كانت عاملة تشكيل عصابي٬ كانت هي وست عجوزة يمشوا في الشوارع والاسواق٬ زي ريا وسكينة كده٬ بس دول كانوا مبيفرقوش بين ست ولا راجل اهو اي حد يجي في سكتهم ميضرش٬ بس كانوا بيعتمدوا علي أغواء الرجال اكتر فمن نظرة الي ابتسامة فغمزة يسقط الضحية في شراك "غازية" واللي يتجرأ علي تحديد اللقاء كان ياخد الميعاد من العجوزة وتقوله تعالي في بيتها. واللي يقرر يكمل المشوار للنهاية ويطاوع فبمجرد دخول بيتها بيظهرله اتنين رجاله باقي عصابتها٬ زي حسب الله وعبد العال كده٬ يضربوه ويقتلوه _ يستاهل 🤭 _ ويسرقوا فلوسه وهدومه ويدفنوه في الحجرة اللي عايشين فيها _ شوفتوا ازاي ريا وسكينة سارقين الفكرة 🤭 _ ومن حرصهم كانوا برده بيغيروا في بيوتهم كل ماتتملي من الجثث يسيبوها ويروحوا بيت تاني لحد ما سكنوا خارج باب الشعرية على الخليج.
وطبعا كترت البلاغات لوالى القاهرة بتغيب عدد من الناس واختفائهم، واستمرت البلاغات لشهور متتالية من غير ما يتوصل الوالى إلى الجانى أو السر وراء حالات الاختفاء حتى يئس الناس من ان يتفك غموض اللغز وتسرب القلق إلى نفوس الأهالى.
وطبعا زي كل حاجة ولازملها آخر جت نهايتهم علي ايد الست "حداقة" الماشطة _ ميكب ارتيست زمن بيبرس_ اللي راحتلها العجوزة وقالتلها عندنا عروسة وعاوزينك تزيينها٬ وكان في الوقت ده أيام الخير والطيبة الستات كانت بتسلف بعض دهبها للتباهي بيه في المناسبات زي ما بيستلفوا طقم الشربات كده٬ فطلبت منها العجوز تجيب دهبها عشان ام العروسة تتشرف بيه قصاد نسايبها.
وفعلا تاني يوم طلعت "حداقة" بعدتها ودهبها وخدت جاريتها تشيل معاها ووصلتها لبيت "غازية" وسابتها ومشيت. ومرجعتش "حداقة" البيت في ميعاد رجوعها المعتاد٬ فخرجت جاريتها وراحت للبيت اللي سابتها فيه فقالولها دي مشيت من بدري٬ بس الجارية مقتنعتش وطلعت علي صاحب الشرطة بلغت.
ومع الواجب اللي اخدوه "غازية" وعصابتها اعترفوا بكل جرايمهم٬ وانطلق والي القاهرة والعسكر لبيت "غازية" وحفروا حفرة كبير طلعوا منها جثث كتيرة جدا وكل بيت سكنوا فيها طلعوا أعداد رهيبة من الجثث.
وعليه اصدر السلطان "بيبرس" حكمه عليهم بالصلب والتسمير علي صلبان خشبية وكان خامسهم طواب _ اللي بيصنع الطوب _ عشان اشترك معاهم كان بيستلم منهم بعض الجثث ويرميها في محرقة الطوب. واتصلبوا واتسابوا متعلقين لحد الموت٬ لكن "غازية" اتوسط ليها بعض الأمراء ففكوها من المسامير ونزلوها بس مستحملتش وماتت بعدها بيومين.
ياتري اللي بيظهر أشكال الجرائم دي بالبشاعة دي ايه؟ هل هي غريزة أم طبع أم انعكاس لضغوط المجتمع؟!.
مروه طلعت
۲٧/٥/۲۰۲۱
تعليقات
إرسال تعليق