الساحر ددي والملك خوفو
في سنة ۱۸۲۳م كان فيه مغامر آثار بريطاني اسمه "هنري ويستكار"٬ جه مصر وفي مغامرة من مغامراته البحثية لقي بردية اتسمت علي اسمه (بردية ويستكار)٬ لكنه مكتبش المكان اللي لقاها فيه وفضل محتفظ بيها لحد سنة ۱۸۳۹م اتنقلت ملكيتها لعالم الماني٬ والبردية حاليا موجوده في متحف برلين.
بتتكلم عن ايه بردية ويستكار دي؟. هي عبارة عن ۱۲ لفافة بردي بها ٥ قصص حكاها ابناء الملك خوفو أعظم ملوك الاسرة الرابعة في مصر القديمة وصاحب الهرم الأكبر بالجيزة. وتعتبر بردية ويستكار اول مصدر بيتكلم عن قدرات الانسان الخارقة في السيطرة علي عالم الطبيعة وعالم ماوراء الطبيعة او مايعرف بالمعجزات٬ وجايز تكون اساطير. الجدير بالذكر ان البردية دي زي برديات كتير تعتبر كتاب تعليمي للطلبة في المدارس كنوع من دروس القراءة والاملاء زي خطابات الفلاح الفصيح اللي اتكلمنا عنه قبل كده.
هنتكلم النهارده علي قصة من القصص الخمسة اللي موجوده في بردية ويستكار وهي قصة "الساحر ددي والملك خوفو". كان الملك خوفو شغوفاً بمعرفة سر مغاليق هيكل تحوت اللي كانت اعجوبة في هذا الوقت ليفعل شيئاً مماثلاُ لها في هرمه وكان الملك يفكر كثيراً في بناء سراديب مُتصلة بحجرة الدفن الخاصة به وكان يعلم أنه يجب عليه معرفة سر الإله "تحوت" من أجل إخفاء كنوزه وجثمانه لكي يعيش سعيداً مثل الإله "رع" في العالم السفلي ولقد أشار إليه ابنه الأمير "حور ددف" بأن هنالك ساحر يدعي "ددي" يعيش في بلدة "دد – سنفرو" ويبلغ من العمر مائة وعشرين عاماً يعرف سر المغاليق.
ويقال ان الساحر "ددي" ده كان عجوز عنده ۱۲۰ سنة٬ كان بياكل يوميا ٥۰۰ رغيف وفخد تور ويشرب ۱۰۰ اناء من الجعة. ويقال ان "ددي" يقدر يرجع رأس مقطوعة لكائن حي ويعيش تاني. ويعرف يخلي الأسد تابع ليه ويمشي وراه.
المهم ان الملك "خوفو" بعت للساحر الخارق ده٬ فأرسل الملك ابنه الأمير يجيب الساحر إلي البلاط الملكي , ركب الأمير السفينة في النيل لحد ما وصل أمام القرية التي يعيش بها الساحر وشالوا الأمير في محفة من الأبنوس وعوارضها من السسنم المغلفة بالذهب , ولما وصل "حور ددف" إلي الساحر لقاه ممدد فوق حصير أدام عتبة منزله وقد أمسك أحد خدمه برأسه يربت عليها وكان فيه خادم تاني يدلك قدمه فنهض لاستقبال الأمير وقبل دعوته وتم تخصيص سفينتين لعائلته وكتبه.
ولما وصل الساحر البلاط الملكي حب الملك "خوفو" يختبر قدرات الساحر الفظيعة اللي سمع عنها٬ فأمر الملك بإحضار عبد أسير وقطع رأسه عشان الساحر يرجعها تاني مكانها٬ لكن الساحر نهر الملك ومنعه وقاله ( لا تقتل كائنا بشريا. فمن المحرم تجربة مثل تلك الأمور علي قطيع الله ). وده دليل علي ان مشيئة الملك ورغباته مكنتش مطلقة وان كان ممكن الاعتراض علي قرارات الملوك اذا كانت غير مشروعة٬ وان القتل بدون سبب كان ممنوع حتي علي الملوك _ شوف الحلاوة _ وده ظهر واضح برده في قصة سيدنا موسي في عدم قدرة الفرعون علي قتل سيدنا موسي الا بالأحقية وموافقة أهل الشوري. نرجع لمرجوعنا٬ طلب الساحر يجيبوا له حيوان يقيم عليه التجربة٬ فجابوله وزه وقطعوا راسها وحطوا جسمها في شمال القاعة وراسها في يمين القاعة وفعلا قام الساحر بتجميع الجسد بالراس٬ وكرر نفس التجربة في بطة وبعدها تور ونجح في كل التجارب.
وهنا سأله الملك "خوفو" عن سر مغاليق هيكل الإله تحوت. لكن الساحر قاله انه ميعرفش السر لكن يعرف مكان المغاليق٬ وانها موجوده في صندوق من حجر الظران في احدي قاعات معبد (أون)٬ وأنه ميقدرش يجيبهم واللي يقدر يجيبهم هو اكبر أطفال ثلاثة تحمل بهن "رد – ددت" وتساءل "خوفو" عن هذه المرأة فأجابه بأنها زوجة كاهن رع في بلدة "سخيو" وقد حملت ثلاثة أطفال من الإله اللي بشرها "رع" بأن أبناءها هيحكموا البلاد وأن أكبرهم هيكون كبير كهنة "رع" فحس "خوفو" بالخوف علي عرشه فطمأنه "ددي" بأن ابنه سيحكم ثم يحكم ابنه بعده , وتستمر القصة بعد كده برغبة "خوفو" في زيارة معبد "رع" وأن "ددي" سهل بسحره الزيارة فمياه القناة الموصلة إلي ذلك المكان وتسمي قناة السمكتين مكنش عمقها كافي فجعل الساحر عمق مياها أربعة أذرع.
وجدير بالذكر ان تمت كتابة (بردية ويستكار) في عهد الدولة الوسطي أي بعد حوالي 400 عام بعد بناء الهرم الأكبر.
ورغم إن القصة فيها كثير من المبالغات لكن كان لها دلالات مهمة جدا عن الحياة والحكم في مصر القديمة ولأن القصة دي كانت بتدرس في المدارس فده دليل علي إن الدولة كانت مهتمة بتعليم احترام الإنسان ولو علي حساب سلطان الملك٬ مش الطاعة العمياء والولاء الكامل.
تعليقات
إرسال تعليق