هل حقق المسلسل حلم العراب؟

 منذ أيام أطلقت نتفليكس أول مسلسل عربي من انتاجها وهو مسلسل ما وراء الطبيعة المأخوذ عن سلسلة روايات " ماوراء الطبيعة" للعراب "دكتور أحمد خالد توفيق" رحمه الله، ومنذ أن اعلنت نتفليكس عن نتيتها في انتاجه وأنا كلي شغف وترقب لرؤية العمل الذي حلم به عرابي كثيرا ولم يمهله القدر حتي يراه والعمل الذي تربيت عليه منذ أن كنت في الحادية عشر من عمري.

ظللت طوال فترة أختيار أبطاله في ترقب ومتابعه حتي تم اعلان اسم "أحمد أمين" كشخصية رئيسية في دور "رفعت اسماعيل" ورغم بعد "أحمد أمين" شكليا وجسمانيا وأدائيا عن ذلك العجوز الأصلع النحيل الوحيد الملول المنحوس عصا المكنسة الصلعاء الذي يدخن كبارجة حربية الا ان موهبة "أمين" وكونه أحد أبناء العراب ومن المقربين له وممن تربوا علي السلسلة منذ صدورها أيضا جعلني أتحمس له وأتيقن أنه أكثر شخص سيكون حريصا علي ظهور "رفعت اسماعيل" كما رسمه العراب ومما أثلج قلبي أيضا أن المخرج "عمرو سلامة" وهو أيضا من أبناء العراب ومن المقربين له كل تلك العوامل جعلتني أنتظر بشغف وأنا مطمئنة نوعا أن صناعه يهمهم اخراج المسلسل بشكل رائع.

وجاء يوم 5 نوفمبر اليوم المنتظر لانطلاق حلم العراب وحلم محبيه مغلف في مسلسل بنفس أسم السلسلة "ماوراء الطبيعة" في 6 حلقات فقط، مبدئيا يجب أن نكون متفقين علي أن العمل الأدبي يختلف عن العمل الفني فلكل منهما مقوماته وطريقة عرضه ولهذا السبب تم تغيير أحداث من القصص لخدمة الرؤية الدرامية الا أنه من وجهه نظري في بعض الحلقات خدم هدف السلسلة من الاثارة والتشويق فمن البديهي أني كقارئة قديمة ونهمة للسلسلة أحفظ الأحداث والنهايات فلا تشويق ولا اثارة لدي في المتابعة وأنا اعلم سير الأحداث والنهايات أما ما حدث من تغيير سار علي نفس نهج العراب مع بعض الاختلافات التي أثارتني وأعجبتني في نفس الوقت، كما أن تغيير العمل الدرامي عن الأدبي معروف وحدث كثيرا في روايات نجيب محفوظ وغيره حتي في الأعمل الأدبية المعاصرة، والعراب بنفسه تحدث عن الاختلاف والتغيير في سبيل خدمة الدراما وكان لايمانع ذلك.

خرج المسلسل بشكل وصورة مرضية وتكنيك جيد جدا فالصورة صافية وكادراتها جميلة والاخراج ممتاز أما "أحمد أمين" فكان مبهر رأيت أمامي "رفعت اسماعيل" لحم ودم أخيرا، كسب "أمين" التحدي وحظي بدور عمره فجسد "رفعت اسماعيل " بهيئته وكلامه وسخريته وملله وطريقة سيره وشربه للسجائر ببدلته الكحليه التي تجعله فاتنا في الاربعينات من عمره في بداية السلسلة عندما كان يحارب الأساطير ويحاول يقنع الآخرين ونفسه بأن لا يوجد مايسمي بما وراء الطبيعة حتي يصل الي مرحلة الايمان بها.

الغير منطقي هو اختيار العنصر النسائي ف"ماجي" لم أشعر أنها تسير علي العشب فلا ينثني له عودا، و"هويدا" أجمل وأرق وأذكي من تلك التي خطبها "رفعت" في السلسلة.

العمل الدرامي للسلسلة خلق مشاعر انسانية وروابط عائلية لم تكن موجودة في السلسلة التي ركزت علي مغامرات "رفعت" في عوالم ما وراء الطبيعة، أما المسلسل جعل له روابط عائلية مختلفة عن عالم "رفعت اسماعيل" العجوز الوحيد الكاره لأشكال التواصل البشري.

من الملاحظ أيضا أن هناك حلقات أقوي من الأخري فحلقة الجاثوم والنداهة والاخيرة في نظري هم أقوي الحلقات، وحلقة العساس صدمتني فالكائن هزلي عما تخيلته قديما.

واخيرا المسلسل نبهني الي حقيقة أن كثيرا من طباعي وتفكيري حتي تهكماتي تشبه كثيرا شخصية "رفعت"، الي هذه الدرجة أثرت تلك الشخصية كما أن المسلسل فصلني عن الواقع في أول حلقتين وجدتني أجلس في غرفتي القديمة أراها بكل تفاصيلها وأراني طفلة تقرأ رواية "أسطورة لعنة الفرعون" بل وأشاهد سطورها وبعد انتهاء الحلقة وجدتني أبكي بشدة وكأن المسلسل فتح باب الذكريات وجعلني أحن لتلك الأيام وبكيت علي العراب كم كنت اتمني وجوده في تلك اللحظة حتي يسعد بيننا، رحم الله دكتور "أحمد خالد توفيق" عرابي من جعلني أقرأ.

مروه طلعت

7/11/2020

#عايمة_في_بحر_الكتب



 

تعليقات

  1. بلا أدني شك أن العمل الدرامي لا يصور ابدا خيال الشاعر ف روايته لأنها من نسج الخيال وتتطرق لافاق ابعد من الواقع بكثير.. لكن الجميل ف العمل هو تصوير اغلب أو معظم الأحداث لتجسد الشخصيات لإضافة الموارد الحياتية والحسية وقد استطاع ابن العمل أن يجسد حسيا شخصية رفعت إسماعيل بكل جنونه ولحظاته المتغيرة وسخطه علي الحياة كباحث يبحث عن أسبابها وهو ف الأصل ناقم عليها.. عمل جميل ٨ / ١٠ ما وراء الطبيعة

    ردحذف

إرسال تعليق

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

خماراويه

السلطانة شجر الدر 6

نشأة محمد علي باشا