آن لها أن تستقر

 انتهيت من قراءة رواية "كلاب الراعي" للروائي "أشرف العشماوي" في طبعتها السابعة الصادرة عن الدار المصرية اللبنانية بعدد صفحات 385 صفحة.

الرواية هي لقائي الثاني مع المبدع "أشرف العشماوي" بعد روايته "بيت القبطية" التي سبق وان تناولتها في مقال هنا

تصنف رواية "كلاب الراعي" بالرواية التاريخية وهي من الأصناف الأثيرة الي نفسي خصوصا أنها تدور احداثها في وقت معين يعتبر مجهول عند الكثيرين وكتاب التاريخ يعبرون عليه سريعا دون التوضيح التفصيلي اذ أن احداث الرواية تدور في عام 1804 اخر سنة ماقبل حكم محمد علي باشا في 1805 وحقيقي كانت الرواية وأحداثها ماهي الا الة زمن انتقلت بالقارئ الي ذلك الزمن بكل تفاصيله وحواريه وحوانيته وأشخاصه فقد برع الكاتب في نسج الزمان والمكان حتي جعل القارئ وكأنه يشاهد ويسمع ويحس فقد نجح في شغل كافة حواسي داخل الرواية بانجذاب تام كما تمتعت بالسرد والحوار بالفصحي المبسطه فالكاتب متمكن من أدواته الأدبية.

نبدأ باسم الرواية "كلاب الراعي" حيث استوقفني في بداية القراءة فمن المعروف أن لكل راعي رعيته وهي أغنامه المسؤول عنهم من حيث المأكل والمشرب والعناية وتحديد الطريق والأمان ومن أجل الأمان فيستعين الراعي بمجموعة كلاب لتأمين قطيعه من غدر الذئاب المهاجمة هذا هو المفهوم الطبيعي عن علاقة الراعي والرعية وكلابه، وعن قراءة الرواية والتوغل فيها تجد أن الأمر عكسي فالكلاب هنا ليست لأمان الرعية بل للراعي نفسه وهم أداة الرعب والفزع للرعية ويد الراعي الباطشة حتي وصلت لتحالفهم مع الذئاب ضد الرعية للوصول الي أمان الراعي، بل قد يمتد بطش تلك الكلاب لتحقيق الأمان الشخصي لهم عن طريق عقر بعضهم البعض وسقوط الضحايا من الرعية التي لا حول لها ولا قوة.

يربط الكاتب في روايته الماضي بالحاضر فدائما مايعيد التاريخ نفسه من خلال تركيزه علي احداث القلائل التي حدثت قبل تولي محمد علي باشا الحكم فيجعلك بدون أن تشعر تتذكر أحداث معينة حدثت في تاريخنا المعاصر.

تنوع الشخصيات وسخونة الاحداث وسرعتها تجذب شغف القارئ لاستكمال الرواية حتي النهاية فبرع الكاتب في رسم شخصياته بأحاسيسها واتجاهاتها النفسية والسياسية وكأنهم أشخاص حية تعايشهم وتتعامل معهم، فنجد القائد السياسي المحنك الذي له أهداف حتي لو بعيده عن مصلحة الناس ولكنه يرفع شعار يداعب أحلام المستضعفين ليلتفوا حوله ويحقق بحماقاتهم أهدافه حتي يصل اليها فيتحول الي اداة بطش أقوي وأذل وأول ضحاياه هم من ساندوه وصدقوا وعوده، ونرعي كلب من كلاب الراعي او من نطلق عليه حاميها حراميها ملأه منصبه ونفوذه الغرور والجبروت في التنكيل بالمستضعفين من الرعية وهو من داخله أجوف جبان ضعيف يداري ضعفه بالبطش بمن هم أضعف منه، في حين نقابل الوطني المحب لبلاده المخلص في مشاعره وانتمائه ويثور ضد الظلم ويحلم بمستقبل أفضل لكنه في الحقيقة مجرد دمية في يد صناع الأمور دون أن يشعر أو يعي حجم المؤامرة المحاكة حوله ينخدع بالشعارات وتداعب مشاعره وأحلامه حتي يقدم حياته راضيا وفي النهاية هو أول المغدور بهم.

رواية "كلاب الراعي" من النوع المغذي العقلي والفكري الذي تمتعت بقراءته.

مروة طلعت

30/10/2020

#عايمة_في_بحر_الكتب



 

  

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

خماراويه

السلطانة شجر الدر 6

نشأة محمد علي باشا