عندما تتحكم لعبة في مصيرهم
انتهيت من قراءة رواية "شلة ليبون" للكاتب "هشام الخشن" الصادرة عن الدار المصرية اللبنانية في طبعتها الأولي بعدد صفحات 244 صفحة.
اسعدني الحظ بالقراءة للكاتب "هشام الخشن" لأول مرة بناء علي
قراءات ايجابية لروايته "شلة ليبون" التي نحن بصددها شجعتني علي
اقتنائها وقراءتها.
في بداية الرواية حتي الربع الاول منها أحسست بعدم الحماس لاستكمالها رغم
تمكن الكاتب من أدواته الكتابية باللغة العربية الفصحي بطريقة مبسطة مع تداخل
الحوار العامي الراقي الذي يكاد أن يصل للفصحي الا أن فكرة الرواية بأنها تدور حول
لعبة بوكر ازعجت نزعتي الدينية فظللت فترة مابين الاقدام والاحجام من تكملة
الرواية حتي تحول التردد مع تقدم الصفحات الي شغف بالمزيد من القراءة والمعايشة مع
الشخصيات.
"شلة ليبون" رواية قوامها شخصياتها وهم 7 اصدقاء جمعتهم قديما
مدرسة واحدة لأبناء الأسر الراقية في منتصف السبعينات وامتدت صداقتهم لأكثر من
ثلاثين عاما يجمعهم كل رأس سنة جديدة جلسة بوكر في منزل أكثر الأصدقاء ثراء. طريقة بناء
الرواية مختلفة عن ماقرأت الفترة السابقة اذ أن الكاتب يعتمد علي السرد أكثر بكثير
من الحوار ويعرض حياة كل شخصية في سياق زمني متداخل مابين الماضي والحاضر وفي نفس
الوقت متشابك بين نفسياتهم المختلفة حيث أكثر ما أعجبني في الرواية هو براعه
الكاتب في نسج نفسية كل شخصية حتي جعلني اشعر بوجودهم حقيقة وأتفاعل مع مشاعرهم
واحباطاتهم فأنا يعجبني الروايات التي من نفس الشاكلة التي تعري نفسية شخصياتها
وتكشف من خلالهم أمراض المجتمع.
تتكون شلة ليبون – ليبون بالمناسبة هي أشهر عمارة في حي الزمالك العريق
بجوار حديقة الأسماك والذي تم تصوير فيلم بين السماء والارض فيها – من 7 أصدقاء
أولهم صاحب الشقة "أمين" الثري صاحب الشركات والاستثمارات العالمية ربط
حياته بالمغامرة واستغلال الفرصة ولكنه ترك أكبر فرصة له وهي حب حياته لأجل صديقه
حتي عندما تركها صديقه ظل يخشي الاقتراب طوال ثلاثون عاما أو انتهاز الفرصة كعادته
حيث أنه ابن الأصول المتربي الذي أحجم عن الانتقام ممن تسبب في موت أبيه لتذكره
لوقوفه بجواره بعد ممات أبيه. يليه "كريم" جار أمين في عمارة ليبون المهندس العبقري الذي
وضع العلم نبراسا فوق كل الاعتبارات وظل يبني حياته بطريقة علمية فقط اختار حياته
بالعلم وزوجته بالعلم وربي ابنته بالنظريات الحديثة وعاش في العالم الأوروبي
وانسلخ من شرقيته بحجة أن الشرق بعاداته وأفكاره رجعي وأوروبا قمة التقدم والرقي
حتي واجهه مادمر كل معتقده الذي عاش به وحصد مازرعته يداه. يليه
"ابراهيم" الوحيد في شلتهم ليس من طبقة الزمالك جمعته بهم الصدفة ظل
طيلة عمره واحدا منهم ولكنه في قرارة نفسه يعاني من عقدة النقص والحسد لهم ظل
يحاول اثبات نفسه حتي تميز في الكتابه وأصبح أديب مشهور ورغم علوه وابداعه ظلت
عقدة النقص مسيطرة وكانت واضحة عندما تحايل حتي يشتري غرفة في عمارة ليبون لمجرد
تغيير محل السكن في البطاقة اليها علي الرغم من انه من قاطني التجمع الخامس. يليه"عزيز"
الرياضي الملاكم القديم المتهور الذي ضيع انجازاته وتفوقه حتي حبيبته بتهوره
وباعتقاده أن الجميع ضده علي الرغم من أنه مشمول بحب وعناية من يظنهم كارهيه. تليه
"هدي" الفنانة المشهورة صاحبة نقمة الجمال الباهر الذي الغي اكتشاف
الناس لذكائها وروحها والتي عشقها كلا من عزيز وأمين وهذا مايميز شخصية هدي فهي
شخصية باهتة مثل شخصية "ناديا" المحللة النفسية ذات الاصول المصرية
الروسية فلقد شعرت ان ناديا مجرد شخصية دخيلة ليس لها وزن. اخرهم
"عايدة" أكثر شخصية أثرت في نفسي أثناء القراءة الفتاة الطيبة السلبية
التي تحكم في مصيرها وعمرها الاخرون دون ارادة منها أو حتي مقاومة فهي دمية تريد
الحياة بسلام حتي ذلك السلام لم تناله شخصية"عايدة" عاشت باحساس تصحر
العاطفة والمشاعر وهي في أشد الحاجة لها ظلت تبحث عنه في أب او أم او زوج او ابن
لم تجده عانت من عدم فهم الجميع فهي صاحبة أكبر ابتسامة وأكبر ألم.
رواية"شلة ليبون" من الروايات التي سعدت بقراءتها رغم عدم
الحماسة الأولي ولكن النهايات اختلفت عن البدايات.
مروه طلعت
9/10/2020
#عايمة_في_بحر_الكتب
تعليقات
إرسال تعليق