العالم ما بين سارة حجازي ويوسف الشريف

أنتهيت من قراءة روايِة "الأرقم الجزء الثاني" للكاتب محمد صاوي في طبعتها الثانية الصادرة عن دار نون للنشر والتوزيع في عدد صفحات 360 صفحة.

يتميز الكاتب بأسلوبه السهل وكلماته المنمقة وأساليبه البلاغية الجاذبة ومهارته في الدمج بين السرد بالفصحي والحوار العامي بأسلوب غير فج وراقي فالكاتب متمكن جدا من أسلوب حياكة الكلمات. 

الرواية ذات طابع فلسفي ديني مختلفة كليا عن الجزء الاول فابتعدت عن جو الرعب الذي كان مسيطر علي الجزء الاول وانتقلت الي الجو الكابوسي الذي نعيشه من تغير المبادئ والاخلاقيات وكمية الفجور والانحلال الذي جعل كل من يمسك علي دينه كالقابض علي جمرة من النار.

الرواية تتنقل بين الازمان والاحداث المختلفة فتشعر في بادئ الأمر بالتشوش وعدم الفهم وصعوبة ربط الأحداث المتناثرة ببعضها وكلما تقدمت في الرواية تبدأ الأحداث تتضافر وتتضح معالم الصورة وكأن الكاتب يقصد ذلك فهي اسقاط علي واقعنا المشوش وعدم الفهم الذي يغلف حياتنا فأصبح يختلط علي بني البشر الحق من الباطل فالرواية ترصد افعال الشيطان وغوايته لبني الانسان من عصر الانبياء مرورا بعصرنا حتي عصر الفناء كما ترصد طرق وأساليب الغواية التي قد تظهر بريئة والأبشع أنها قد تكون مغلفة بطابع الدين فكم من رجل دين استغل سلطته وكلامه ذي الثقة ليحرف كلام الله عن مواضعه وليكون هو نفسه مصدر الفتنة وباب للرذيلة.

بطل الرواية الخفي هو المسيح الدجال الذي له مقدمات كثيرة تساعده علي الظهور وتلك المقدمات تتنقل عبر العصور والازمان منذ بدء الخليقة حتي يهيئ نفوس البشر للغواية التي تدفعهم الي سهولة الكفر واتباعه واتخاذه اله دون الله.

الرواية تظهر هشاشة النفس البشرية وعظيم الفتنة والامتحان الواقع فيه بني ادم وذلك ظاهر جليا في عصرنا الحالي في الواقع من ظهور مصائب أخلاقية والمدافعين عنها كما في حالة سارة حجازي حتي يصير الحرام حرية شخصية ويصير المدافع عن الحق رجعي كما ظهرمع المهاجمين لتصريحات يوسف الشريف ومع كثرة المصائب والمشاهدات تنهار الاخلاقيات وينهار الدين وينفرط السلطة الابوية وينفرط المجتمع الي الهاوية فاذا جاء من يقول أنا ربكم الأعلي سيكون اتباعه هينا.

الأرقم هو ظل المسيح الدجال. الأرقم هو كل من نشر رذيلة وحولها الي تمدن وحرية. الأرقم هو كل رجل دين تاجر بدينه والبس الحق بالباطل. الأرقم هو كل من دعي الي فتنة. الأرقم هو كل من تخفف من احكام الدين بغرض اليسر وهو في حقيقة الأمر بغرض الفجور.

رواية جيدة وصادمة تبدوا كأنها عناوين أخبار لواقعنا وتوقع للمستقبل نحو نهاية العالم. في انتظار الجزء الثالث.

تقييم الرواية 8 من 10

مروه طلعت

2/7/2020

#عايمة_في_بحر_الكتب



 

 


تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

خماراويه

السلطانة شجر الدر 6

نشأة محمد علي باشا