زراد الحقيقة والخيال
انتهيت من قراءة رواية "زراد" للكاتب "باسم الخشن"
الصادرة عن دار نون للنشر والتوزيع في طبعتها الثانية بعدد صفحات 265 صفحة.
تلك هي لقائي الأول مع الكاتب باسم الخشن ولن يكون الأخير باذن الله فلأول
مرة تقع بين يدي رواية مصنفة كفانتازيا فدائما ما أشاهد الأفلام الفانتازية ولكن
لم يسبق لي قراءتها فالرواية تخطفك الي عوالم شبيهه بعوالم ملك الخواتم والهوبيت.
وقفت أمام الرواية حائرة لا أعرف كيف أترجم مايجيش في عقلي من أفكار نحوها
ولكن الذي أعرفه أني أمام كاتب ذو طبع خاص من النوادر الذين غردوا خارج السرب فخياله
غصب جدا ويمتلك مهارة وحنكة في صنع الاحداث كما أنه متمكن من صياغته اللغوية فأتت
عباراته بعربية سليمة وسلسلة.
في بداية الرواية شعرت بعدم الفهم خصوصا أنها أول مرة أقرأ رواية فانتازية
كتلك وتداخل المشاهد جعلني أفكر في التوقف عن تكملة القراءة ولكن شيئا فشيئا بدأت
أنجذب في الاحداث وأتفاعل معها فالكاتب عنده القدرة في التغلغل الي مشاعرك
والامساك بأوتارها لتشعر أنك علي سطح السفينة وتعاني من دوار البحر مع طبيب الوباء
أو قربانا بشريا في كاتدرائية القمر أو أنك تحمل سيفا وتقطع أوصال الغيلان أو تحيا
في زراد ولربما أحد الملاعين فمظاهر السوداوية المسيطرة علي أحداث الرواية متشابهه
في وجدان الكثيرين الي حد بعيد.
طبعا أسماء الشخصيات كانت عائق أمامي من صعوبتها – ولا أعلم كيف خطرت علي
باله تلك الأسماء ومن أين أتي بها – في النصف الأول من الرواية ظللت اخلط بين
الأسماء كثيرا.
طريقة كتابة سينمائية مميزة لمشاهد مختلفة قصيرة مختلفة الشخصيات والاماكن
أحبها دائما فهي كفيلة بجذب القارئ واعطائه مساحة تشويق كافية تدفعه لاستكمال
الرواية سريعا.
هناك الكثير من التجانس والتضاد بين الشخصيات فيأتي خاشيد ونقيضه ساليك
شخصيتان يظهرا عكس مايبطنا تعطي انطباع أولي للقارئ تظهر في النهاية أنها عكس
جوهرهما فليس كل من يتشدق بالحديث وطني وليس كل من تظهر أفعاله الجيده نواياه سليمة.
كما تبزغ شخصية ميرا المحاربة الجسورة شديده البأس والفطنة التي لايتغلب
أنتمائها علي أهوائها ومسؤليتها أمام بلدها في أصعب المواقف والأختيارات.
في مشهد الحرب هناك شخصيتان من ملح الأرض أو من علي أجسادهم وأرواحهم يكتسب
الطغاة مجدا وهو شخصيتي الطفل "سكيت" والكهل "دقيم" كلا منهما
ليس له في الحرب ناقة ولا جمل ولكن اكبر أحلامهما وجبة دسمة وغطاء وهما مثالا
لكثيرين جدا في واقعنا من مجندين.
وفي مشهد الحرب برع الكاتب فعليا في اظهار الوجه القمئ للاستخفاف بعقول
البسطاء والوحشية لنيل مجد لن يكتسب منه الضعفاء شيئا.
النهاية مفتوحة بفواجع لمزيد من التشويق للجزء الثاني الذي في أنتظاره علي
أحر من الجمر.
زراد مدينة الملاعين الخانعين للمتجبرين الكاسحين لخيرها وماصين دماء
وأكلين لحوم كل ملعون فهل سيظل الملاعين ملعونين بالخنوع أم سيعودوا كما كانوا
أبناء "داز"؟
تقييم الرواية 9 من 10
مروه طلعت
19/7/2020
#عايمة_في_بحر_الكتب
تعليقات
إرسال تعليق